خطوة جديدة نحو مركبات تعمل بالماء وأشعة الشمس 

باحثون يطوّرون طريقة عملية لتحويل المياه وأشعة الشمس إلى وقود.


يُطوّر العلماء طريقة عملية لتحويل المياه وأشعة الشمس إلى وقود، وهذا يعتبر خطوة رئيسة في تشغيل السيارات بواسطة أشعة الشمس في يوم من الأيام. 

دأب الخبراء منذ زمن طويل على تجربة تقنيات مختلفة لاستحداث أنواع من الوقود الشمسي، الذي يوفر جميع مزايا الوقود الأحفوري التقليدي إلى جانب الفوائد البيئية للطاقة المتجددة. ولكن ذلك يتطلب ما يسمى بالـ "فوتو-أنود" [1] photoanode  وهو نوع من المحفزات الذي يجعل العجلة تدور - وقد وجد الباحثون صعوبة في تحديدها في الماضي.

يعتقد العلماء في مختبر لورانس بيركلي الوطني التابع لوزارة الطاقة Department of Energy's Lawrence Berkeley National Laboratory ومعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا California Institute of Technology أنهم وجدوا طريقة أفضل. وإذا آتت تجاربهم ثمارها، فإن النتائج يمكن أن تُحدث ثورة في مجال الطاقة المتجددة.

قال جون غريغوار John Gregoire، الباحث الرئيس ومنسّق التوجه البحثي مع المركز المشترك للتمثيل الضوئي الاصطناعي Joint Center for Artificial Photosynthesis: "إن السيارات الكهربائية ذات البطاريات مرغوبة حالياً لأن لدينا طرقاً متجددة لتوليد الكهرباء". وأضاف قائلاً: "مع هذه التكنولوجيا المتجددة لتوليد الوقود مباشرة، بإمكاننا إحداث تأثير أكبر على البنية التحتية للطاقة المتجددة".

وتشمل عملية إنتاج الوقود الشمسي بشكل أساسي: تعريض جزيئات الماء لأشعة الشمس وفصلها إلى ذرات من الهيدروجين والأكسجين، ويمكن بعد ذلك تحويل الهيدروجين إلى وقود هيدروكربوني أو غاز هيدروجيني بسيط، ويُعتبر الفوتو-أنود المفتاح لهذا الإجراء.

وأوضح غريغوار قائلاً: "إنّ وظيفة الفوتو-أنود هي امتصاص أشعة الشمس ومن ثم استخدام تلك الطاقة لأكسدة الماء – أي تقسيم أساسي لجزيء H2O وإعادة ترتيب الذرات لتشكيل الوقود، ولأن مادة الفوتو-أنود يتطلب منها امتصاص أشعة شمس كافية وخصائص تحفيزية مناسبة، فإنها تعتبر نادرة جداً".

في الواقع، تعتبر مواد الفوتو-أنود نادرة جداً حيث إنه في السنوات الأربعين الماضية، تمكّن العلماء من العثور على 16 مادة منها فقط. وفي كثير من الأحيان، يتم تحديد هذه المواد عندما يعثر عالم على نوع من المواد التي تمتص الضوء، ومن ثم يفكرون في البحث في خصائصها التحفيزية.

كشف غريغوار وزملاؤه عن طريقة جديدة أكثر فعاليّة لإيجاد المحفزات، ففي غضون عامين تمكّن العلماء من تحديد 12 فوتو-أنود جديد.

 

خلية شمسية ... مع أنبوب


تعتمد التقنية المستخدمة في التعرف على الفوتو-أنود على كلا الجانبين النظري والعملي، فقد عمل العلماء على حواسيب فائقة وقاعدة بيانات من نحو 60000 مادة، واستخدموا ميكانيكا الكم للتنبؤ بخصائص كل مادة. ثم اختاروا تلك التي تبدو واعدة من حيث تحقيقها لخصائص الفوتو-أنود، وقاموا بعد ذلك بعمل تجارب لتحديد ما إذا كانت حساباتهم صحيحة.

قال جيفري نيتون Jeffrey Neaton، أستاذ الفيزياء في جامعة كاليفورنيا University of California في بيركلي، ومدير مركز أبحاث المسبك الجزيئي Molecular Foundry: "ما هو خاص حول ما نقوم به يتمثل في أنه نهج متكامل تماماً. نحن نأتي بمواد تم ترشيحها على أساس الحسابات المبدئية الأولى، ثم نقيس خصائصها لفهم ما إذا كانت المعايير التي اعتدنا اختيارها صالحة. ونستخدم الحواسيب الفائقة لأن قاعدة البيانات التي بدأنا بها تتضمن نحو 60000 مركباً، فلا نريد أن ينتهي بنا الأمر في اجراء العمليات الحسابية على 60000 مركب". 

وتوفر هذه التكنولوجيا للعلماء خارطة طريق لإيجاد المحفزات واستخدامها في نهاية المطاف لاستحداث وقود شمسي. وأشار غريغوار إلى أن المنتج النهائي سيبدو شيئاً شبيهاً بلوح للطاقة الشمسية متضمناً ثلاثة مكونات: فوتو-أنود، وفوتو-كاثود  [2] photocathodeالذي يشكل الوقود، وغشاء يفصل بين الاثنين.

وقال غريغوار: "سيكون الأمر مشابهاً للوح الطاقة الشمسية ولكن بدلاً من الأسلاك التي توصل التيار الكهربائي، سيكون لها أنبوب يحمل الوقود. يمكنك استخدامه لتشغيل سيارتك، تخيّل جهازاً كبيراً يجمع الوقود في خزان، وبعد ذلك يمكنك ملء سيارتك من ذلك الخزان".

وأشار ديك كو Dick Co، المدير المنتدب لمعهد الوقود الشمسي Solar Fuels Institute، إلى أنّ هذا الاكتشاف مهم خصوصاً بسبب عملية الفرز.

وقال كو: "أن نكون قادرين على أخذ مئات الآلاف من توليفات مختلفة لمعرفة أيّ منها قد يعطي نتائج إيجابية، ومن ثم إجراء المزيد من الفرز ليتبقى العشرات التي تعطي النتائج المرجوة- سيمكننا من تشكيل مجموعات مختلفة من الأكاسيد والمواد. الناس يفعلون ذلك لاكتشاف الأدوية، فشركات الأدوية والباحثون في مجال الطب الحيوي يحاولون بأنواع مختلفة من الجزيئات لمعرفة أي منها له أفضل تأثير".

ومن الناحية العملية، فإن هذه التكنولوجيا تجعل العلماء أيضاً يقتربون خطوة من إنشاء مركبة تعمل بالطاقة الشمسية.

وأوضح غريغوار قائلاً: "الشيء الجميل فيما يتعلق بالوقود، والسبب وراء استخدامنا للكثير من محركات الاحتراق الداخلي بدلاً من المحركات الكهربائية هو أن للوقود الكيميائي كثافة طاقة هائلة. ويعتبر تخزينه ونقله أسهل بكثير من البطاريات".

نقلاً عن Climatewire بإذن من E&E News. توفر المؤسسة الإخبارية E&E News التغطية اليومية لأخبار الطاقة والبيئة عبر الموقع الإكتروني.

ملاحظات


[1] فوتو-أنود Photoanode: القطب الموجب للخلية الكهروضوئية.
[2] فوتو-كاثود photocathode: القطب السالب للخلية الكهروضوئية.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات