خطوة نحو رصد فيزياء الكم في الحياة الواقعية

تصور فني لغشاء مرافق لحزمة ليزر. يجعل النمط الدوري الجهاز عالي الانعكاسية، بينما تسمح الحبال الرقيقة بالتشتت الميكانيكي عالي الانخفاض.


حقوق الصورة: Felix Fricke


تتصرف الأجسام الصغيرة كالإلكترونات والذرات وفقاً لنظرية الكم، مع آثار كمية كالتراكب والتشابك والانتقال الآني. أحد أكثر الأسئلة المثيرة للاهتمام في العلم الحديث هو: هل تسطيع الأجسام الكبيرة (ككوب القهوة) أن تسلك نفس السلوك؟


تقدم علماء من جامعة ديلفت للتكنلوجيا TU Delft خطوة نحو رصد الآثار الكمية للأجسام الكبيرة عند درجات الحرارة العادية، حيث قاموا بابتكار غشاء ذو انعكاسية عالية، مرئي للعين المجردة ويهتز لدى أي خسارة طفيفة للطاقة ضمن نطاق حرارة الغرفة؛ هذا الغشاء مرشح واعد للبحث في فيزياء كم الأجسام الكبيرة.


وقد قام الفريق بنشر النتائج التي توصل إليها في مجلة Physical Review Letters.

 

  • التأرجح

    يقول البروفسور سيمون غروبلاكر Simon Gröblacher من معهد كافلي لعلوم النانو Kavli Institute في جامعة ديلفت للتكنلوجيا: "تخيل أنك تلقيت دفعة جعلتك تتأرجح على أرجوحة الملعب، الآن تخيل أن هذه الدفعة ستسمح لك بالتأرجح مبتهجاً دون توقف لما يقارب العقد! لقد ابتكرنا نسخة ميليمترية لمثل هذا التأرجح على رقاقة من السيلكون".
     
  •  إجهاد الشد

    يشرح الدكتور ريتشارد نورت Richard Norte وهو المؤلف الرئيس للدراسة المنشورة: "لنتمكن من القيام بذلك، وضعنا أفلاماً فائقة الرقة من السيراميك على رقائق من السيليكون، وهذا يمكننا من هندسة إجهاد شد يساوي مليون psi – (باوند لكل إنش مربع) أي ما يعادل 10000 ضعف من الضغط في إطار سيارة - على أغشية ميلليمترية الحجم معلقة، أثخن بثماني مرات فقط من عرض شريط ال DNA!".

    ويكمل قائلاً: "إن طاقاتها المختزنة الهائلة، وهندستها ذات الرقة الفائقة تعني أن هذه الأغشية يمكنها أن تتأرجح لفترات طويلة جداً مبددة كميات ضئيلة جداً من الطاقة".

 

  •  المرايا الفائقة

    لرصد فعالية الحركة لهذه الأغشية باستخدام الليزر، يجب أن تكون ذات انعكاسية عالية، وفي مثل هذه البنية الرقيقة يمكن تحقيق ذلك فقط من خلال مادة خارقة، وذلك عن طريق نقش نموذج ميكروسكوبي على الغشاء.

    يقول د. ريتشارد نورت: "لقد قمنا فعلاً بصنع أدق مرايا فائقة تم التوصل لها حتى الآن، مع انعكاسية تزيد عن 99%، وفي الحقيقة فإن هذه الأغشية أفضل مستشعرات للقوة في العالم عند درجة حرارة الغرفة، حيث إنها حساسة بما يكفي لقياس الجذب الثقالي بين شخصين يبعدان عن بعضهما 100 كم".

     
  • حرارة الغرفة

    يقول البروفسور غروبلاكر: "إن الجمع بين انعكاسية عالية وعزل تام، سيسمح لنا للمرة الأولى بالتغلب على عائق أساسي فيما يخص رصد فيزياء الكم في الأجسام الضخمة عند درجة حرارة الغرفة".

    فحتى أصغر كمية من الاهتزاز تكفي لرفع حرارة وتدمير الطبيعة الكمية الهشة للأجسام الكبيرة (بعملية تدعى فك الترابط). اعتمد الباحثون على أنظمة كبيرة عالية التبريد، لتبريد وعزل أدواتهم الكمية عن الحرارة المعرضة لها في البيئة العادية.

    لكن خلق مؤشرات التذبذب الكمية الضخمة بحيث تكون عصية على إزالة ترابطها ضمن الحرارة العادية ما يزال تحدياً فذاً يواجه علماء الفيزياء.

    وهذا مثير جداً للاهتمام من منظور نظري بحت، فمن أغرب افتراضات ميكانيكا الكمّ أن الأشياء يمكن أن تكون في مكانين في نفس الوقت، ومثل هذا الانتقال الآني الكمومي (quantum superposition) قد بُرهن بشكل واضح لدى الأجسام الدقيقة كالإلكترونات أو الذرات، حيث نرى أن نظرية الكم تعمل بشكل جيد.

     
  •  كوب القهوة

    لكن ميكانيكا الكمّ تخبرنا أيضاً أن هذه القواعد يجب أن تنطبق على الأجسام الكبيرة؛ فـ فنجان القهوة يمكن أن يكون على الطاولة وفي جلاية الصحون في نفس الوقت، أو قطة شرودينغر يمكنها في حالة انتقال آني كمومي أن تكون ميتة وحية في آن معاً.

    وهذا ليس شيئاً نراه في حياتنا العادية، ففنجان القهوة إما متوسخ أو نظيف، والقطة إما ميتة أو حية. وتبقى البرهنة التجريبية لتزامن موت وحياة تلك القطة مضرب المثل، سؤالاً مفتوحاً في ميكانيكا الكمّ؛ أما التقدم الذي تم التوصل إليه في هذا البحث فقد يمكننا في النهاية من رصد "القطة الكمومية"، ضمن نطاق الحياة اليومية والحرارة العادية.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات