"لإدخال قمر اصطناعي في مدار، فإننا نحتاج إلى الكثير من الإبداع، ناهيك عن حاجتنا لكمية هائلة من القوة المطلقة".
يطبّق مهندسوا الفضاء الآن هذا الإبداع نفسه لتجاوز الكثير من التحديات، منها إخراج تلك الأقمار من مداراتها!
تعمل وكالة الفضاء الأوروبية (ESA) بشكل وثيق مع بناة الأقمار الاصطناعية في أوروبا، حيث ستطلب إنجاز تصاميم جديدة تساعد على إزالة الأقمار الاصطناعية من المدار عند نهاية حياتها العملية، بالإضافة إلى "إخمادها" لزيادة مستوى الأمان في البعثات المجاورة.
سيتم تقييم المفاهيم المختارة في مرفق ESA للتصميم الحالي في المركز التقني للوكالة ESTEC نوردويك-هولندا. هذا المرفق المتعدد الوسائط المترابطة يسمح لعدد كبير من المختصين بالعمل على نماذج البرمجيات نفسها في آن واحد.
الهدف من ذلك هو تطوير مناهج مشتركة يمكن استخدامها من قبل الأقمار الاصطناعية القادمة من جميع الشركات الرئيسية في أوروبا.
في نهاية المطاف، الفضاء هو مورد محدود، بما في ذلك الفضاء الأقرب إلى عالمنا، حيث حيز المدار المنخفض يمتد إلى 2000 كيلومتر فقط. هذا الحيز يحظى باهتمام كبير من قبل بعثات مراقبة الأرض وبعض أنواع الأقمار الاصطناعية الخاصة بالإتصالات، مما أدى إلى نمو هذا الحيز وازدحامه بشكل كبير.
المشكلة الحقيقية لا تأتي من البعثات العاملة، بل من تلك المهجورة، التي تُترك في مكانها بعد انتهاء عمليات البعثة.
تُترك هذه البعثات في الفضاء بدون أي تحكم، مما يشكل ليس فقط خطر الاصطدام مع بعثات أخرى، بل من الممكن أن تنفجر أيضاً، حيث قد تزداد حرارة الوقود أو البطاريات الموجودة في البعثة المهجورة، مما يؤدي إلى تشكل غمامات من الحطام الثانوي.
كرد فعل، تم وضع لوائح وأنظمة دولية لتنظيم وتخفيف مساحة الحطام. وقد اعتمدت هذه اللوائح من قبل الـ (ESA) والعديد من وكالات الفضاء العالمية الأخرى، ودوّنت هذه اللوائح في القانون الفرنسي، وهي في طريقها لتصبح معايير تجارية أيضاً.
باختصار، تنص هذه الأنظمة على أن الأقمار الاصطناعية يجب إزالتها من المدارات المنخفضة المشغولة في غضون 25 سنة من نهاية حياتها، وينبغي أن يتم إخمالها بالكامل للحد من خطر تعرضها للتفتّت، ويجب ألا تشكل عودة الأقمار الاصطناعية تلك إلى الأرض أي خطورة تذكر على السكان.
وضحت لويزا إنوشنتي Louisa Innocenti رئيس مبادرة "فضاء نظيف" (Clean Space Initiative) في وكالة الفضاء الأوروبية: "تواجه صناعة الفضاء مشكلة في تحقيق أنظمة التخفيف، مع تقليل أي أثر على الكلفة وفعالية البعثات".
وأضافت: "لمساعدتهم، تسعى مبادرة وكالة الفضاء الأوروبية الجديدة (CleanSat) لتطوير أنظمة إنزال من المدار وتقنيات أخرى من الممكن أن يتم اعتمادها من قبل جميع بناة الأقمار الاصطناعية في أوروبا".
الأقمار الاصطناعية التي تحلق بارتفاع أقل من 500 كم سيتم إنزالها من المدار خلال حدود الـ 25 سنة المتفق عليها، وذلك من خلال سحبها من الجزء العلوي من الغلاف الجوي. أي شيء يحلق بمستوى أعلى في الفضاء سوف يحتاج للمساعدة ليتم إنزاله من المدار.
وتضمنت أنظمة التخفيف الرئيسية التي هي الآن قيد المناقشة، معززات صاروخية صلبة مدمجة، إما لإيفاد الأقمار الاصطناعية إلى الأسفل أو إلى الأعلى، وذلك لوضعها ضمن مدارات أقل ازدحاماً. كما تضمنت أيضاً الأشرعة الشمسية وأجهزة السحب لدفع الأقمار الاصطناعية بشكل أسرع.
سوف يشهد الشهر المقبل فرصة للشركات والمؤسسات لاقتراح أفكار لمنصات الأقمار الاصطناعية منخفضة المدار في المستقبل.
وأضافت لويزا أيضاً: "يوفر بناة الأقمار الاصطناعية في أوروبا -مثل (Airbus Defence and Space) و (OHB) و (Thales Alenia Space)- الكثير من المدخلات في الاختيار، كما يجري التشاور أيضاً مع شركات بناء الأقمار الاصطناعية الصغيرة مثل (Deimos) و(QinetiQ Space) و(Surrey Satellite Technology Ltd)"
وأنهت بقولها: "سيتم وضع اللمسات الأخيرة على قائمة قصيرة من حوالي 25 طريقة للتخفيف، يتبعها جهد لوضع خطط عمل مفصلة، والتي سوف يتم عرضها على المجلس الوزاري لوكالة الفضاء الأوروبية في العام المقبل للموافقة عليها".