كوبسات: قمر صناعي صغير يُقدم تجربة فضائية كبيرة

 

مهما كان الأسلوب الذي ستعتمده في تفسيره، يتطلب استكشاف الفضاء بالطريقة الصحيحة وجود مجال استثنائي من الخبرات التقنية. بدءاً من تصميم المركبة الفضائية، واقتراح المهمة، ولوحات الدوائر، ومروراً باختبار برمجيات الطيران وتجميع الميزانيات. يعتمد إرسال شيء ما -أي شيء- إلى الكون على أشخاص جيّدين يعرفون عملهم.
 
 
تقول شانون ستاثام (Shannon Statham)، مهندسة في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا في باسادينا-كاليفورنيا: "على الرغم من أن حجم أقمار كوبسات الصناعية  (CubeSats)  أصغر بشكل ملحوظ، إلا أن هذا النوع من الأقمار الصناعية يحتوي حمولات ونظم فرعية مشابهة للأقمار الصناعية الكبيرة، ويتطلب معرفة تقنية، وموارد مماثلة لمشاريع الطيران التقليدية". وتضيف: "إن التدريب والخبرة المكتسبة أثناء العمل على كوبسات قابلة للتطبيق مباشرة على البعثات الأكبر".

 

 

اختيرت (ستاثام) لتُصبح مديرة مشروع مهمة (تجربة القياس الراديوي للغلاف الجوي في كوبسات (أو اختصاراً (RACE). وحصل ذلك بعد ثلاث سنوات فقط من حصولها على شهادتها الجامعية في الهندسة، ووقت للعمل في مختبر الاختبارات البيئية، الموجود في مختبر الدفع النفاث(JPL). وفر لها هذا المنصب وبسرعة كل تجارب التدريب العملي لمعهد جورجيا للتكنولوجيا، التي رغبت بها للخريجين وحصلت على ما هو أكثر من ذلك أيضاً.
 
 
تقول (ستاثام): "يتألف الفريق الأساسي لـ RACE من 15 شخص موظف منذ وقت كبير في هذه المهمة. لدى كل واحدٍ منا دوره المحدد، ولكلٍ منا مهام وأدوار مختلفة لتأديتها، وبذلك ساهمنا في جميع الجوانب التي نقلت المهمة من الاقتراح، إلى التصميم، إلى الاختبار، ووصولاً إلى مرحلة الإطلاق. هذا ماكان علينا القيام به لإنجاز هذه المهمة، خصوصاً مع تمتع المشروع بجدول زمني وميزانية طموحين للغاية".
 
 
في السابق، كان RACE هو نفسه (كوبسات)، وهو عبارة عن قمر صناعي صغير لا يتعدى حجمه رغيف الخبز، مصمم لاختبار مكونات مقياس راديوي لرصد الأرض، ويُمكن استخدامه في البعثات المقبلة من قبل أقمار صناعية أكبر وأكثر تكلفة. صُمم RACE  للإقلاع على متن الصاروخ، والذي كُلف سابقاً بإطلاق مركبة فضائية إلى محطة الفضاء الدولية. ما أن يصل RACE إلى محطة الفضاء الدولية، سيتم إطلاقه إلى مدار حول الأرض ليعتمد على قمره الصناعي الخاص، ويقيس مسار الماء السائل وبخار الماء، اللذين يرتبطان بشكلٍ وثيق بدورة المياه وتوازن الطاقة على الأرض. وسيجري هذا القياس من ارتفاع يصل إلى 240 ميل فوق سطح الأرض.
 
تقول (ستاثام): "هذه إحدى جماليات الأقمار الصناعية كوبسات، إنها صغيرة ومدمجة بحيث يمكن وضعها في المساحات والزوايا المظلمة والمتاحة في صاروخ تمّ تخصيصه لحمل حمولة أخرى إلى الفضاء، وهذا الأمر سيكون فعالاً جداً من حيث التكلفة''.

 

 

 
كل شيء في (كوبسات) صغير مقارنةً مع أقربائه من الأقمار الصناعية الأكبر حجماً، فحتى نقل هذا النوع من الأقمار مسألة عادية ومتواضعة. وبينما تتطلب الأقمار الصناعية الأكبر أدوات مجهزة بشكلٍ خاص كقاطرة ضخمة وذات وسائد هوائية، أو ربما طائرة شحن عسكرية، شقت RACE طريقها من المختبر إلى العالم عن طريق صندوق بحجم حقيبة يد، وقامت (ستاثام) بنفسها بوضعها في المقصورة العلوية فوق مقعدها في الطائرة.
 
أمَل فريق RACE أن يرى أن أداء أداته قادر على منافسة الأقمار الصناعية الكبيرة والتقليدية، مما يؤدي إلى توفير في التكاليف المحتملة على طول الخط. في مساء يوم 28 أكتوبر 2014، راقبت (ستاثام) وبضعة أشخاص، تم توظيفهم في مرحلة مبكرة من تاريخ RACE، صاروخ قلب العقرب (Antares) وهو يحمل قمرهم الصناعي منطلقاً من مرفق (والوبس) للطيران في ولاية فرجينيا. أثناء الطيران. فشل أحد المحركات الرئيسية للصاروخ، ليُرسل الصاروخ حمولته (بما في ذلك (RACE إلى نهاية نارية، بدلاً من التوجه إلى محطة الفضاء الدولية.
 
تقول (ستاثام): "كان فشل الإطلاق خيبة أمل، لكن أعتقد أن كل منا يعرف أنه خَطرٌ علينا تقبله. شاهدنا النيران تلتهم كل عملنا الشاق، لكن أعتقد أن جميع من في الفريق يأخذ هذا الأمر بمثابة تجربة إيجابية للغاية بشكل عام، فنحن جميعا ننتقل إلى مساعي جديدة ومثيرة في مختبر الدفع النفاث".
 
في الوقت الراهن، تتمسك (ساثام) بـ (كوبسات)، وهي تعمل على مفهوم خاص بمختبر الدفع النفاث للتحليق برادار فضائي يُعرف بـ (RaInCube) .ذهب البعض الآخر من فريق (ساثام) إلى مشاريع أخرى متعلقة بـ (كوبسات)، في حين لا يزال آخرون يعملون على المزيد من البعثات الفضائية التقليدية، أو في واحدة من مختبرات البحوث، الموجودة في مختبر الدفع النفاث.

 

 

 
ماذا عن RACE نفسها؟ 

حتى وقت كتابة هذا المقال، لم يتم استرداد المركبة الفضائية، ذات الطول 13.4 إنش (34 سنتمتر). لكن لا تزال هذه التكنولوجيا، التي دفعتها (ساثام) وزملاؤها من المبدأ نحو منصة الاختبار ووصولاً إلى منصة الإطلاق، حية.

 
سيتم تطبيق الدروس المستقاة من تطوير المقياس الراديوي -الأداة التي شكلت قلب مهمة -RACE في مقترح (كوبسات) الجديد، والمعروف بالتجربة المؤقتة للعواصف والأنظمة المدارية(TEMPEST-D).
 
من المقرر إطلاق الجيل التالي من (كوبسات)، المصنع في مختبر الدفع النفاث، في 29 يناير/كانون الأول من العام القادم. سينطلق الكوبسات الجديد، المعروف بتجربة الأداء أثناء التحليق (GEO-CAPE ROIC)، كجزء من مهمة قياس الرطوبة الفعالة-غير الفعالة للتربة(SMAP)، التي ستُقلع من قاعدة (فاندينبرغ) للقوى الجوية بكاليفورنيا. غريفيكس (GRIFEX)عبارة عن اختبار تحليق لتكنولوجيا متطورة ولازمة من أجل الراصدين الأرضيين في المستقبل لقياس التركيب الجوي انطلاقاً من مدار مستقر حول الأرض.
 
 
لدى مختبر الدفع النفاث مشاريع (كوبسات) أخرى قيد التطوير، بما في ذلك مهمات إلى القمر والمريخ والكويكبات القريبة من الأرض. اختار مختبر الدفع النفاث مؤخراً مقترحات من 10 جامعات، وتهدف تلك المقترحات إلى تحليل مفاهيم (كوبسات) التي بإمكانها تعزيز مهمة يوروبا كليبر المقترحة، وسيتم إدراج تلك المفاهيم في دراسة لمختبر الدفع النفاث، تتعلق بإمكانية حمل المجسات الصغيرة على شكل حمولات إضافية.
 
تقول (ستاثام):"إن هذه المركبات الفضائية الصغيرة منصات رائعة لزيادة الجاهزية التكنولوجية لتقنيات جديدة، ويهدف ذلك إلى الحصول على أخطاء صغيرة من أجل المهمات الأكبر على امتداد إطار زمني قصير وميزانية صغرى. وبإمكان تلك الأقمار الصناعية أيضاً توفير الموارد اللازمة لبعثات أكبر، مع وجود تأثيرات أقل على التكلفة والكتلة. مستقبل أقمار (كوبسات) الصناعية يبدو مُشرقاً''.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات