الحصول على إلكترونات ذات سبين متشابك

تمكن فريقٌ من مركز ريكن RIKEN لعلوم المادة المنبثقة، وبعض المساعدين من بعض المؤسسات اليابانية، من إنتاج أزواج من الإلكترونات ذات سبين متشابك (spin-entangled electrons). وقد أثبتوا للمرة الأولى أن هذه الإلكترونات تبقى متشابكة حتى عندما يُفصل أحدها عن الآخر على نفس الرقاقة. قد يساهم هذا البحث في خلق شبكات كمية مستقبلية تعمل باستخدام الانتقال الكمي عن بُعد (quantum teleportation)، والذي قد يتيح مشاركة المعلومات المحتواة في بتات كمية (كيوبتات) بين عناصر عديدة على الرقاقة، الأمر الذي يعد مفتاحاً أساسياً لزيادة قدرة الحواسيب الكمية. لطالما اعتُبرت القدرة على خلق أزواجٍ من الإلكترونات المتشابكة بشكل غير محلي حلماً (وهي ما يعرف بأزواج أينشتاين-بودولسكي-روزن).

 

صورة للجهاز بالألوان الزائفة كما يُشاهد بالمجهر الإلكتروني الماسح. البقعتان الخضراوتان هما النقطتان الكميتان الموجودتان في الفجوة بين الإلكترودين (اللذين يظهران بلون أحمر).
صورة للجهاز بالألوان الزائفة كما يُشاهد بالمجهر الإلكتروني الماسح. البقعتان الخضراوتان هما النقطتان الكميتان الموجودتان في الفجوة بين الإلكترودين (اللذين يظهران بلون أحمر).


يقول راسيل ديكون Russel Deacon الذي قام بهذا العمل: "لقد بدأنا هذا العمل لنثبت أن من الممكن وبشكل موثوق إنتاج إلكترونات تمتلك سبيناً متشابكاً. وقد نجح العلماء حتى هذه اللحظة في تكوين فوتونات متشابكة، وذلك ﻷن الفوتونات شديدةُ الاستقرار ولا تتفاعل، ولكن بالمقابل، فإن الإلكترونات تتأثر بشكل كبير بمحيطها. لقد حاولنا أن نظهر أن الإلكترونات يمكن أن تتشابك عن طريق سبينها أو لفها المغزلي (spin)، وهي خاصية مستقرة نسبياً".

وللقيام بهذا العمل الفذ، فقد بدأ ديكون ومعاونوه عملهم الدقيق في صنع جهازٍ صغيرٍ يبلغ حجمه بضعة مئات من النانومترات. كانت الفكرة تتمثل في أخذ زوجَي كوبر -وهما زوجان من الإلكترونات يسمحان للكهرباء بأن تنتقل بسهولة في النواقل الفائقة- ومن ثم جعلهما يعبران خلال "نقطتين كميتين" منفصلتين -وهما بلورتان صغيرتان تمتلكان خصائص كمية- حيث تتم هذه العملية خلال عبورهما للنفق الكمي (tunneling) وهي خاصية كمية عبر نقطة اتصال بَيْنَ سِلْكَيْ توصيل لناقلين فائقين.

يضيف ديكون: "إذا كان بالإمكان تأكيد وجود تيار نقل فائق، فإن هذا سيعني أن الإلكترونَين اللَّذَين يمكن استخدامها كبتات كمية (الكيوبتات، أو البتات المستخدمة في الحوسبة الكمية) يبقيان متشابكين حتى عندما يتم فصلهما بين نقطتين كميتين. نقوم بإثبات هذا الانفصال عندما نقيس تيارَ نقلٍ فائقٍ يتولد حين ينفصل الإلكترونان، ومن ثم يجتمعان ثانية في سلك التوصيل الثاني".

تمت تنمية النقطتين الكميتين، واللتين يبلغ حجم كل منهما 100 نانومتر، في موقعين عشوائيين على رقاقة شبه موصلة، والتي فُحِصت بشكل دقيق باستخدام مجاهر القوة الذرية (atomic force microscopes) لتحديد أزواج النقاط التي تكون قريبة كفاية ﻷن تعمل بشكل مناسب. يقول ديكون: "قمنا بمعاينة آلاف النقاط، وحددنا حوالي مائة نقطة مناسبة، ومن هذه النقاط صنعنا تقريباً عشرين جهازاً، ومن هذه العشرين لم يعمل سوى اثنان".

وقد استطاع الفريق من خلال قياس تيار النقل الفائق أن يظهر بوضوح أن سبين الإلكترونات بقي متشابكاً حتى عندما انفصلا. يقول ديكون: "بما أننا استطعنا أن نثبت أن الإلكترونين بقيا متشابكين عندما عبرا خلال نقطتين كميتين منفصلتين، فهذا يعني أننا نستطيع أن نستخدم جهازاً مشابهاً، وإن يكن أكثر تعقيداً، لتحضير أزواج الإلكترونات المتشابكة لنقل حالات الكيوبتات عن بُعد عبر رقاقة".



رسم تخطيطي للجهاز.
رسم تخطيطي للجهاز.


يقول سيجو تاروتشا Seigo Tarucha رئيس المختبر الذي قام بهذا العمل: "هذا الاكتشاف مثير جداً، فهو يمكن أن يقود في النهاية إلى تطوير تطبيقات مثل الشبكات الكمية والنقل الكمي عن بُعد، ورغم أنه من الصعب التحكم بسبين الإلكترون، إلا أنه يعتبر خاصيةً واعدة جداً لهذه التطبيقات؛ وذلك ﻷنه بعيد عن التأثيرات البيئية، وﻷنه يدوم لمدة طويلة نسبياً. وهي يمكن أن تُدمج مع الفوتونات، وذلك عن طريق استخدام الإلكترونات التي لها سبين متشابك لتكوين فوتونات ستكون متشابكة أيضًا. ومن شأن ذلك أن يسمح لنا بصنع شبكات كبيرة لمشاركة المعلومات الكمية على نطاق واسع للغاية".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات