سبوتنيك.. ستون عامًا من عصر الفضاء

قبل ستين عامًا، انطلقت أوّل صافرة إشارة من سبوتنيك في ليلة 4 تشرين الأول/أكتوبر عام 1957، معلنةً بداية حقبةٍ جديدةٍ للبشريّة.


كان إطلاق قمر صناعيّ إلى مدار الأرض هدفًا موحّدًا لبعض الوقت بالنسبة للمجتمع العلميّ حول العالم، وقد ساهم في الإيحاء بأن يكون عام 1957-1958 العام الجيوفيزيائيّ الدوليّ International Geophysical Year، لكن الإطلاق الناجح الذي كان من نصيب الاتحاد السوفياتيّ شكّل صدمةً، وكان استقبال الإشارة في جميع أنحاء العالم دليلًا غير قابل للجدل على نجاحه.

شكّل إطلاق سبوتنيك-1، كما دُعي رسميًا بداية "عصر الفضاء Space Age"، وأجّج السباق الفضائيّ بين الاتحاد السوفياتيّ والولايات المتحدة الذي كان من شأنه أن يؤدي إلى أكثر من عقدٍ من الإنجازات غير المسبوقة. اتّسمت ردود الفعل الأوّليّة على إطلاق سبوتنيك بالحذر، فالقدرة على إطلاق قمرٍ صناعيٍّ يمكنها الإشارة أيضًا إلى تطوير أسلحةٍ جديدةٍ.

 

إطلاق سبوتنيك Sputnik 3 تشرين الأول/أكتوبر 2017.
إطلاق سبوتنيك Sputnik 3 تشرين الأول/أكتوبر 2017.



ولكن دخول عصر الفضاء ألهم كذلك العلم والهندسة لاتخاذ خطواتٍ سلميّةٍ جديدٍة. فبعد أشهرٍ قليلةٍ من إطلاق سبوتنيك، وصف فرانك مكلور Frank McClure، من مختبر جونز هوبكنز للفيزياء التطبيقيّة، إمكانيات الأقمار الصناعيّة لخلق نظم ملاحةٍ فضائيّةٍ. وآلت الرؤى بإرسال الروبوتات والبشر إلى الفضاء إلى حقيقةٍ واقعةٍ.

لقد غيّرت الأقمار الصناعيّة ومسابر الفضاء مسيرة حياتنا بشكلٍ جوهريٍّ، فقد حوّلت العالم إلى قريةٍ عالميّةٍ حيث تتوفّر بين أيدينا ثروةٌ لم يسبق لها مثيل من المعلومات في أيّ مكانٍ وفي أيّ وقتٍ. لقد تقلّص العالم، كما تغّير تصورنا لكوكبنا أيضًا. وبفضل الاستشعار عن بعد وعمليات رصد الأرض، يمكننا الآن فهم نبض بيئتنا والاستجابة على أساس معرفةٍ متزايدةٍ بالطريقة التي يتطوّر بها عالمنا.


تقنيّ يعمل على سبوتنيك-1 عام 1957
تقنيّ يعمل على سبوتنيك-1 عام 1957



لقد استكشفنا العديد من العوالم في نظامنا الشمسيّ، كما تمكّنت معداتنا المؤهّلة للفضاء من فتح نوافذَ كبيرةٍ على عوالم في الكون لم تكن معروفةً من قبل. لقد اكتشفنا الآلاف من المجرّات في مناطقَ من السماء كانت حتى وقتٍ قريبٍ تبدو كأنها سوادٌ فارغٌ.

لقد خرج نساءٌ ورجالٌ من الأرض مهدنا الأول ونجحوا في استكشافاتهم الأولى لعالمٍ آخر. لقد استقروا في الفضاء وبدأوا العمل هناك، أولًا على شكل منافسةٍ، من ثمّ في هيئة تعاونٍ عالميٍّ، بروحٍ من السلام ولصالح البشرية. وعلى أرض الواقع، عمل المهندسون والعلماء والفنيّون والسياسيّون والمثاليّون من أجل تحقيق الأحلام، وتغيير حياتنا إلى الأفضل وإلى الأبد.


أوروبا بدورها أخذت نصيبها في هذه المغامرة العظيمة. فقد شاركت في التقدم العالميّ بدءًا من النظريات التي ولّدت إنجازاتٍ عظيمةً وحتى العلوم والتكنولوجيا التي أكملتها. كما شارك العلماء الأوروبيّون في العديد من النجاحات التي تحقّقت خلال العقود الستة الماضية انطلاقًا من تصميم الصواريخ وصولًا إلى المدارات الثابتة بالنسبة للأرض.


إذًا، تبدّل كلٌّ من المفاجأة والقلق الذين سادا تلك الليلة قبل ستين عامًا إلى إعجابٍ ودهشةٍ تجاه إنجازات عصر الفضاء. وبينما يتطلّع البشر إلى السفر أبعد ممّا كان وخوض تجاربَ أعمق، تبدو العقود المقبلة مليئةً بالمغامرة.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات