حقول قوية قد تسرع عملية تضخم الكون

ربما نتجت الطاقة المظلمة ـ القوة الغامضة ـ التي يعتقد أنها مسؤولة عن حقيقة تسارع التوسع الكوني، عن سلسلة من الحقول الغريبة. يمكن لهذه الفكرة، التي تنبع من نظرية الأوتار، أن تشرح السبب الكامن وراء تسارع معدل التوسع الكوني بعد تشكل المجرات فقط.

 

ربما تُكَوّن الطاقةُ المظلمةُ وببساطة إحدى خواصِّ الزمكان، وتعرف بالثابت الكوني، الذي يظهر كحد يضاف إلى معادلات النسبية العامة، لكن المشكلة تكمن في جعل المعادلات متوازنة، يجب أن يكون الثابت أكبر من حيث المرتبة بحوالي 120 مرة من تلك القيمة التي تقترحها المراقبات الكونية اليوم.

 

يسبب هذا التناقض الهائل مشكلة كبيرة لعلماء الكون، لذلك انتقل بعضهم إلى تفسيرات أكثر تعقيداً، استحضر بعضهم حقلاً يعرف بالعنصر الخامس، أو الجوهر (quintessence) الذي يملأ بشكلٍ افتراضي الكون ويقدم الطاقة اللازمة من أجل التوسع.

 

جوهرياً، يتغير هذا الحقل بقوة مع مرور الزمن، ما سيشرح بالتالي السبب الكامن وراء عدم تسارع التوسع الكوني بشكلٍ دائم.

لكنه يطرح مشكلةً أخرى: لماذا يتحول التسارع إلى قيمة محددة بشكلٍ دقيق عندما يقوم بذلك؟

 

يقول أحد التفسيرات بأنه لو لم يقم بذلك، ما كنا موجودين لنراه أصلاً، لكن تُشير الاحتمالات المتساوية أصلاً إلى أن كوننا واحد من بين 10^120 احتمالية متساوية، وهي قيمة محسوبة بدقة ولا تُرضي الفيزيائيين أبداً.

 

والآن، يقول Marc Kamionkowski وزمليه من جامعة جونز هوبكنز في بالتيمور بميريلاند، بأن لديهم تفسيراً يحل كلا المشكلتين، والفضل في ذلك يعود إلى شيء يُعرف بالكون الأكسيوني الوتري (string axiverse).

 

تقترح نظرية الأوتار، النسخة الأكثر شمولاً بين النظريات وتحتوي على أكثر من ثلاثة أبعاد، احتمال وجود المئات مما يعرف بحقول الأكسيونات التي تتخلل الكون، في المراحل المبكرة من عمر الكون، لم تمتلك تلك الحقول أي تأثير، لكنْ واحداً بعد الآخر، ستعمل؛ ما سيؤدي إلى ظهور جسيمات بكتل مختلفة.

 

يرى Kamionkowski أن كل حقل يمتلك فرصة أن يكون العنصر الخامس ويكون بالتالي المسؤول على تسارع نمو الكون، لكن هذه الفرصة التي يتمتع بها حقل معين تتناقص مع زيادة العدد الإجمالي للحقول، يقول Kamionkowski:

 

"كل الحقول موجودة في كل الأوقات، لكن في البداية كانت جامدة، ببساطة، كانت تجلس ساكنةً على المقعد".

 

يشابه الأمر قليلاً تدوير سلسلة من أحجار النرد، إذا حصلت على الرقم ستة، من المرجح أن تكون الستة الأولى إذا ما تمَّ في السابق الحصول على الأعداد الأخرى.

 

وفقاً للدراسة المنشورة في ArXiv، قدّر الفريق أن الحقل الأكسيوني الـ 44 هو الذي عمل وأصبح العنصر الخامس، احتمال حصول هذا الأمر هو واحد من بين 500، بكلماتٍ أخرى، يبقى كونه احتمالاً، لكنه أقل ترجيحاً بكثير من سيناريو لا يحتوي اكسيونات.

 

يقول Kamionkowski:

 

"ربما تصبح الحقول الأخرى عادية وبالتالي تشرح المادة المظلمة كل شيء آخر في الكون، على الرغم من أن الفريق لازال يعمل على التفاصيل. سنبقى مشغولين بهذا الأمر لمدة من الزمن".

يمكن أن تقدم التلسكوبات، التي تبحث عن التغيرات الحاصلة في كثافة الطاقة الموجودة في الفضاء، مؤشرات على أن الطاقة المظلمة قادمة في الواقع من كون اكسيوني وتري.

 

يوافق John March-Russell من جامعة اكسفورد، وهو من ساعد في نشر نظرية الكون الإكسيوني، على أنه يمكن شرح الطاقة المظلمة، لكن هذا الأمر لا يحل بشكلٍ كامل المشكلة.

 

Kamionkowski يعترف أن النموذج يعتمد على افتراضات تعتبر واحدة من بين العديد من الخيارات المتاحة الأخرى، لكنه يعتقد أن حجج الافتراضات الأخرى في معظمها فلسفي، يقول:

 

"إنها كالسلاحف على طول الطريق".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات