وسيلة جديدة وغير مكلفة لتنقية المياه باستخدام الطاقة الشمسية

 مُنقية مياه شمسية بالتقطير

حقوق الصورة: Qiaoqiang Gan, SUNY Buffalo


يفتقر عُشر سكان العالم إلى المياه النظيفة، لكن الآن، أعلن الباحثون أنهم طوروا منقيات (أو مقطرات) شمسية Solar Stills قليلة التكلفة لتنقية المياه باستخدام الطاقة الشمسية، والتي تستخدم أشعة الشمس لتنقية المياه الملوثة بمعدل أسرع بأربع مرات من النسخ التجارية الحالية. 

تكلف المواد الخام أقل من 2 دولار للمتر المربع الواحد. يقول زيجون ليو Zhejun Liu، الباحث الزائر في جامعة ولاية نيويورك في بوفالو، وهو من الباحثين المشاركين في الدراسة أنّ هذه التقنية "ستسمح للناس بتوليد مياه الشرب الخاصة بهم مثلما يولِّدون الطاقة الخاصة بهم عن طريق الخلايا الشمسية على أسقف منازلهم".

إن المُقطِّرات الشمسية موجودة منذ آلاف السنين، وكان معظمها عبارة عن أوعية بسيطة سوداء القاع مليئة بالماء، وأعلاها مغطى بالزجاج أو البلاستيك الشفاف. يُسرّع ضوء الشمس الذي تمتصه المواد السوداء عملية تبخر الماء، والذي يكون محصورا بالطبقة الزجاجية من الأعلى، ومن ثم يُنقل في قُمع لتجميع مياه الشرب، وكما هو معروف فإنّ معظم الملوثات لا تتبخر، ولذا تبقى في القاع.

 

ولكن الكثير من الطاقة الشمسية يضيع في التسخين البطيء لوعاء مليء بالمياه. حتى أفضل المقطرات يجب أن تكون مساحة سطحها حوالي 6 أمتار مربعة لإنتاج ما يكفي من المياه للاستخدام الذي يحتاجه شخص واحد ليوم واحد.

في السنوات الأخيرة، حسّن الباحثون المقطرات باستخدام نهجين. ويتمثل النهج الأول بتصميم مقطرات خاصة بحيث يتم تسخين وتبخير الطبقة العُليا فقط من ماء الوعاء، مما يعني ضياع طاقة أقل، أما الثاني فيتمثل بالتحول لاستخدام المواد النانوية لاستيعاب المزيد من أشعة الشمس. لكن المواد النانوية الفعالة الممتصة للضوء يمكن أن تكلف مئات الدولارات لكل غرام، مما يجعلها غير واقعية لاستخدامها على نطاق واسع في البلدان النامية التي تحتاج بشكل خاص لهذه التكنولوجيا.

وكان تشياو تشيانغ غان Qiaoqiang Gan، وهو مهندس كهرباء في جامعة نيويورك الحكومية في بوفالو، هو أول من لاحظ هذه المشكلة وكان مختبره بالفعل يُطوِّر موادًا نانويَّة جديدة كمواد امتصاص في خلايا الطاقة الشمسية، وأراد أن يستخدمها أيضّا في الطاقة الشمسية في المقطرات. ولكن سرعان ما أصبح من الواضح أن تكلفة المواد لن تسمح أبدا لهذه التكنولوجيا بأن تكون قابلة للتطبيق، لذلك بدأ غان بالبحث عن بدائل رخيصة.

الحقوق: V. Altounian/Science
الحقوق: V. Altounian/Science

 

يتكوّن الجهاز الجديد لفريق غان من ثلاث مكونات رئيسية. فقد بدأ وزملاؤه بورقة غنية بالألياف، مثل الورق المستخدم لصنع النقود الورقية، وقاموا بطلائها بهُباب الفحم وهو مسحوق رخيص ناتج عن الاحتراق غير الكامل للنفط أو القطران. بعد ذلك، أخذوا كتلة من رغوة البوليسترين -المستخدمة لصنع فناجين القهوة- وقطعوها إلى شرائح مكونين 25 قسمًا متصلًا.

 

تطفو الرغوة على المياه غير المعالجة وتعمل كحاجز عازل لمنع أشعة الشمس من تسخين الكثير من المياه بالأسفل. ثم يقوم الباحثون بوضع طبقة من الورق المذكور فوق كل قسم، وتُطوى النهايات بحيث تكون متدلِّية في الماء. يقوم الورق بامتصاص المياه صعودًا إلى الأعلى، وترطيب كامل السطح العُلوي لكل من الخمسة وعشرين قسمًا. وأخيرًا، يُثَبت الإكريليك (أحد أنواع الزجاج الصناعي) الشفاف في الأعلى.

أثناء عمل الجهاز، يُحتجز الماء المُتبخر من ورق الكربون بواسطة الإكريليك ويُنقل إلى وعاء تجميع، ويمتص الورق ماءً إضافيا ليحل محل الذي تبخر. أعلن غان وزملاؤه في مجلة Global Challenges أن الابتكار لا يعمل فحسب، بل إنه فعال بنسبة 88٪ في توجيه طاقة ضوء الشمس إلى تبخير المياه.

 

وهذا يسمح لجهاز مساحة سطحه 1 متر مربع بتنقية 1 لتر من الماء في الساعة، أي حوالي أربع مرات أسرع من الإصدارات المتاحة تجاريا، ويضيف غان أن أهمية عمل الابتكار لا تقل عن كونه قليل التكاليف، حيث يُقدر أن المواد اللازمة لبناءه تكلف حوالي 1.60 دولار للمتر المربع الواحد، مقابل 200 دولار للمتر المربع الواحد للأنظمة المتاحة تجاريًا والتي تعتمد على عدسات باهظة الثمن لتركيز أشعة الشمس وتسريع عملية التبخُّر.

بفضل هذه التقنية الجديدة أصبح توفير الحد الأدنى من المياه اللازمة لأسرة مكونة من أربعة أشخاص يكلف أقل من 5 $ للمواد الخام لكل جهاز. لا تساعد هذه التكلفة الرخيصة الناس في المناطق الفقيرة فحسب، بل تساعد أيضًا العاملين في مجال الإغاثة على نشر أجهزة تنقية المياه الرخيصة للأشخاص المتضررين من الكوارث الطبيعية التي لا تُبقي على أي من مصادر مياه الشرب المأمونة. 

يقول غان: "نعتقد أنَّ هذا الابتكار قابل للتطبيق بشكل فوري". أما غانغ تشن Gang Chen مهندس ميكانيك فى معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا فى كامبريدج والذى عمل في السنوات الأخيرة على تطوير نسخته الخاصة من هذه التقنية والتى تَستخدم موادًا مختلفة قليلًا، ويقول إنّ العمل الجديد هو "تقدمٌ جيد".

 

مُضيفًا أنّ الابتكار الجديد لا يستخدم فقط مواد أولية أرخص من أي موادٍ أخرى في السوق، ولكنه أيضًا يُنتج المياه العذبة بسرعة أكبر بكثير، وأضاف: "هذا مهم حقًا في حل العديد من العوائق فيما يخص المياه".وقد أنشأ مؤلفوا البحث شركة سُوني كلين واتر Suny Clean Water لتسويق المُنتج تجاريًا، وتجري حاليًا مناقشاتٌ مع شركاتٍ أخرى في جميع أنحاء العالم لتوفير هذه التكنولوجيا الجديدة.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات