هذا المقال جزء من سلسلة، لمتابعة بقية الأجزاء و10 أمور مثيرة عن كل من: الطاقة، كوكب الأرض، الماء، الرياح، الهواء، النظم البيئية.
1. الغلاف الجليدي المُتغير لكوكب لأرض
في هذه السنة (2018)، ستطلق ناسا قمرين صناعيين من شأنهما أن يزيدا من فهمنا لمستويات التجمُّد التي يمكن للأرض أن تبلغها، يُعرَف كل من الثلج، والجليد، والأنهار الجليدية glaciers، والجليد البحري، والتربة الصقيعيّة permafrost بالغلاف الجليدي للأرض، وتعمل كلها مجتمعةً كمنظّم حرارة وبراد للأرض، وذلك من خلال عكسها كمية من الحرارة الواردة من الشمس، وهي في الوقت ذاته تختزن معظم المياه العذبة التي يمتلكها كوكبنا.
تتضمن المهمة القادمة توءمًا من السواتل الخاصة بعلوم الأرض والمحضرة للإطلاق.
ستكمل سواتل المهمة غريس فولو أُن GRACE Follow-On المتطابقة ما كانت قد بدأته السواتل السابقة ضمن مهمة غريس GRACE، من خلال تتبع حركة المياه المستمرة على كوكبنا بما في ذلك المناطق المتجمدة من الأرض، وقد تشارك في هذه المهمة وكالة ناسا NASA مع مركز الأبحاث الألماني لعلوم الأرض GFZ لتوفير معلومات هامة حول كيفية التغير الذي يصيب صفائح الجليد فوق غرينلاند وجليد القارة القطبية الجنوبية Antarctic، وستعمل كل من ناسا ومركز الأبحاث الألماني على قياس المسافة بين القمرين الصناعيين لدقة تصل ﺣﺘﻰ 1 ﻣﻴﻜﺮﻭﻥ ( ﺃﻗل ﻤﻦ ﻋﺮﺽ ﺍﻟﺸﻌﺮﺓ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ)، ﻭﺫﻟﻚ ﻟﺘﺤﺪﺩ ﺍﻟﻜﺘﻠﺔ الجليدية في الأسفل بدقة متناهية.
هذا وتخسر جزيرة غرينلاند وسطيًا نحو 280 غيغا طن من الجليد في السنة، بينما تخسر القارة القطبية الجنوبية نحو 120 غيغا طن من الجليد، ومن المرجّح أن تطرأ زيادة على هذه المُعدّلات مع الوقت. يساوي الغيغا طن الواحد من الماء مليار طن، وهذه الكمية قادرة على ملء 400,000 بركة سباحة أولمبية.
تسعى وكالة الفضاء الأمركية ناسا NASA لإطلاق القمر الصناعي آيس سات تو ICESat-2، الذي سيستخدم تقنية الليزر لقياس سماكة صفائح الجليد المتغيرة في جميع أنحاء العالم وبدقة، ما سيسمح للعلماء بمعرفة مقدار كسب الصفائح الجليدية والأنهار الجليدية للجليد مع مرور الوقت، وفي نفس الوقت مقدار خسارتها له، والذي يجعلها أرق كل عام. وسيقوم هذا القمر الصناعي بقياسات هامة لسماكة جليد البحار بدقة من الفضاء، سيرسل جهاز الليزر الخاص بالساتل 10 آلاف نبضة في الثانية إلى سطح الأرض، ثم يقيس رحلة عودة الفوتونات إليه، ستستغرق هذه الرحلة 3.3 ميلي ثانية ذهابًا وإيابًا.
يغطي الجليد البحري في المحيط المتجمد الشمالي Arctic Ocean في فصل الصيف مساحة أقل بنسبة 40% من المساحة التي كان يغطيها في أواخر السبعينيات، وهو الوقت الذي بدأت فيه عمليات رصد مستمرة له باستخدام الأقمار الصناعية، إن تغيرًا كبيرًا كهذا يؤدي وبشكل ملحوظ إلى زيادة معدل الاحترار العالمي المستمر ويؤثر على أنماط الطقس العالمية ككل.
يعتمد 1 من كل 6 أشخاص في غرب الولايات المتحدة الأمريكية على الثلج كمصدر لمياه الشرب، وتسعى حملات ناسا الميدانية من خلال مرصد أيربورن سنو Airborne Snow وسنو إكس SnowEx إلى فهم أفضل لمعرفة كمية المياه المخزونة في الغطاء الثلجي للأرض، وكيف يمكننا في النهاية قياس كل ذلك من الفضاء بشكل شامل.
تتعرض التربة الصقيعية والأراضي المتجمدة دائمة التجمد في القطب الشمالي وما تحتويه من مستودعات للحرارة متمثلة بغازات مُختزنة كـ ثاني أكسيد الكربون والميثان للذوبان بشكل أسرع مما كان قد رُصدَ في السابق. تشير الدراسات الأخيرة إلى أنه في غضون ثلاثة إلى أربعة عقود من الممكن أن تكون كمية غازات الدفيئة المحررة بفعل الذوبان كافية لتحول القطب الشمال إلى مصدر خالصٍ لثاني أكسيد الكربون بدلًا من كونه مُصرفًا له.
يحاول علماء ناسا من خلال بعثات البحوث المحمولة جوًا أو على الأرض مثل كارف CARVE وأبوف ABoVE التي سينتقل بموجبها مجموعة من العلماء إلى أراضي الشمال الكندي وألاسكا هذا الصيف، يحولون رفع مستوى القياسات في هذا المجال من أجل الحصول على تأثير عالمي أفضل دقة للتنبؤ.
كسرت العملية آيس بريدج IceBridge الرقم القياسي لأوسع عمليات المسح الجوي التابع لناسا والخاص بدراسة جليد القطبين، لأول مرة في تاريخها الممتد لتسع سنوات، نفّذت المهمة سبع حملات ميدانية في القطب الشمالي والقطب الجنوبي في سنة واحدة فقط، في الحقيقة طار كل من العلماء المشرفين على آيسبريدج والآلات التي استخدموها في هذه العملية مسافات طويلة تجاوزت 214,000 ميل (344,399.6 كم)، وهذا يكفي للدوران حول الأرض عند خط الاستواء 8.6 مرة.
أكملت وكالة ناسا أوّل تحليق لها ضمن عملية آيسبريدج في الثاني والعشرين من آذار/مارس الحالي ضمن حملتها الربيعية في القطب الشمالي، والتي ستترافق مع عملية مسح للجليد البحري شمال جزيرة غرينلاند، ويصادف في هذا العام الذكرى السنوية العاشرة للحملات الربيعية إلى القطب الشمالي، وستستمر هذه الرحلات حتى 27 نيسان/أبريل من هذا العام يزيد من مدة هذه المهمة ذات العشر سنوات والهادفة لرسم الخرائط لأسرع المناطق تغيرًا من الصفيحة الثلجية لجزيرة غرينلاند وقياس سماكة الجليد البحري في الحوض الغربي للقطب الشمالي.
عاد الباحثون التابعون لناسا هذه الشهر إلى غرينلاند في مهمة مسح تسمى أوشنز ميلتينغ غرينلاند Oceans Melting Greenland، وتعتمد البعثة على دراسات تتم من على ظهر السفن أو تكون محمولة جوًّا بغية تحديد دور المحيطات في إذابة جليد جزيرة غرينلاند، يختبر الباحثون درجات الحرارة والملوحة وخصائص أخرى لمياه شمال المحيط الأطلسي على طول السواحل المتعرجة الممتدة لأكثر من 27,000 ميل (44,000 كم).
تعتبر النماذج الحاسوبية أدوات مهمة جدًا لفهم مستقبل هذا الكوكب المتغير وبالأخص مسألة ذوبان الجليد وارتفاع مستوى مياه البحار، ويتيح نموذج ناسا الجديد، الذي يحاكي مستوى سطح البحر، يتيح طمر نهر كولومبيا الجليدي في آلاسكا بالثلوج، ومن ثم مشاهدة كيفية استجابته لذلك عامًا بعد عام، أو إذابة كامل الصفائج الجليدية لجزيرة غرينلاند والقطب الجنوبي وملاحظة ارتفاع مستوى مياه سطح البحر الذي سيتزامن مع إغراق سواحل ولاية فلوريدا.
ينتشر الجليد في نظامنا الشمسي، فنجده مُعبّأ في المذنبات التي تجوب نظامنا الشمسي وفي القمم القطبية الجليدية على سطح المريخ، وكذلك في المحيطات الجليدية لـ يوروبا Europa قمر المشتري وإنسيلادوس Enceladus قمر زحل.
وأخيرًا، فإن جليد الماء هو عنصرٌ حاسم في البحث عن الحياة كما نعرفها، ولكن خارج الأرض.