علم كون مع النيوترينو إلى أين؟

توضح الصورة المصفوفة التلسكوبية كيك Keck Array  الموجودة في القطب الجنوبي، و هي واحدة من بضعة منشآت مصمّمة من أجل دراسة الخلفية الكونية الميكروية. يُناقش التقرير الحالي كيفية قيام المنشآت بقياس الخلفية الميكروية و كيف سيكون الأمر خلال العقد القادم، و هو يساعد في تمكين الفيزيائيين و الفلكيين من دراسة طبيعة الجسيمات المراوغة و المعروفة بالنيوترينوهات، و يقود إلى رؤى جوهرية على القوانين الأساسية للطبيعة.


 

تتضمن إحدى الجوانب الأكثر لفتاً للنظر في علم الكون الحديث فكرة أن خواص البنى الفيزيائية الأكبر في الكون تكشف عن الخواص الأصغر؛ تتضمن الهياكل الأكبر الموجودة في الكون الأنماط العملاقة المشاهدة في إشعاع الخلفية الكوني الميكروي (CMBR) و المجموعات الخيطية و عقد العناقيد المجرية الموجودة في المراحل المبكرة من عمر الكون، في حين تتضمن الأصغر النيوترينوهات المراوغة.

 

ساد الاعتقاد على مدار عقود من الزمن أن هذه الجسيمات، التي يصعب كشفها، لا تمتلك كتلة و تتحرك بسرعة تصل إلى سرعة الضوء، مثل الفوتونات (كمات او جسيمات الضوء)، من الصعب جداً كشف تلك الجسيمات لأنها تتفاعل فقط و بشكلٍ ضعيف جداً مع الأنواع الأخرى من المادة، و في معظم الأحيان تعبر من خلال المادة دون أن تتأثر.

 

خلال العقود الماضية، اكتشف العلماء وجود ثلاثة أنواع من النيوترينوهات، و في الحقيقة يمتلك كل منها كتلة معينة، و النوع الأخف يمتلك كتلة أصغر من كتلة الالكترون بحوالي مليون مرة تقريباً، و السبب الكامن وراء أهمية النيوترينوهات خفيفة الوزن هو وجود عدد كبير منها، حيث يكون العدد الأكبر من الجسيمات الموجودة في الكون هو فوتونات CMBR التي نتجت عن مراحل الانفجار العظيم و لكن العدد الثاني من حيث الكبر هو عدد النيوترينوهات.

 

ولأن النيوترينوهات تمتلك كتلة صغيرة جداً في حين لا تمتلك الفوتونات كتلة أبداً، فإن العدد الكبير لتلك الجسيمات يقود إلى كثافة في الكتلة (أو بشكلٍ مكافئ: كثافة في الطاقة) و قيمة تلك الكثافة أكبر بحوالي 25 مرة من الفوتونات الموجودة في CMBR، حيث تقوم الكثافة المرتفعة لهذه الجسيمات بالجريان خلال المادة الكونية الأخرى دون حصول تفاعل مع وجود اعتقاد بأنها تميل إلى كبح عملية نمو الهياكل الكونية (مثل تلك الموجودة في المجموعات المجرية الخيطية)، و يُمكن قياس ذلك الميل و تحديد قيمته.

 

تؤثر النيوترينوهات أيضاً على مجالي بحث آخرين، الأول هو فهم المادة المظلمة، فعلى الرغم من أن النيوترينوهات ليست المادة المظلمة، إلا أنه يجب فهم كتلتها الإجمالية و حسابها من أجل دراسة المادة المظلمة، في حين أن الجانب الثاني هو تحسين فهمنا للفيزياء الأساسية الكامنة وراء الجسيمات العنصرية و القوى.

 

سيفيد القياس الدقيق للأنواع الثلاث للنيوترينوهات من النماذج الحالية للفيزياء، على أية حال و لأن النيوترينوهات تتفاعل بشكلٍ ضعيف جداً مع المادة، فإنه من الصعب جداً إجراء القياسات انطلاقاً من الأرض و نتيجة لذلك فإن كتل النيوترينوهات المحسوبة اليوم تمتلك دقة تصل إلى 10% فقط، إذ تقوم القياسات الكونية باستنتاج كتل النيوترينوهات عبر دراسة كيفية تشكل الهياكل الكونية، و تعدنا بأن تكون طريقةً أفضل من أجل الحصول على قيم أكثر دقة في المستقبل.

 

نشر فريق دولي من الفيزيائيين و الفلكيين من كافة أنحاء العالم تقريراً تفصيلياً يتعلق بمستقبل القياسات الفلكية للنيوترينوهات، و كان كولين بيشوف (Colin Bischoff) وجون كوفاك (John Kovac) من CfA أعضاءً في هذا الفريق.

 

يُلخص التقرير بضعة مشاريع تجريبية صغيرة هدفت إلى قياس تأثير النيوترينوهات الكوني باستثناء تلك الموجودة في العقد القادم من علم الفلك و التي ستكون قادرة على تقييد كتل النيوترينوهات إلى قيم أكثر دقة بحوالي 10 أضعاف الموجودة حالياً، و هي كافية من أجل معرفة فيما إذا كانت فيزياء الجسيمات الموجودة حالياً صحيحة تقريباً أو أننا بحاجة إلى استبدالها، و سيساعد هذا الأمر أيضاً في توضيح طبيعة المادة المظلمة.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات