آثار النشاط البشري على البيئة الطبيعية في تضاؤل !!

وجد باحثون أن تأثير النشاط البشري المستمر في النمو على كوكب الأرض، أصبح الآن يسير بمعدل أبطأ بمقارنته مع النمو الاقتصادي والسكاني. 

وهذا يعني أن البشر ما زالوا يسيطرون على كوكب الأرض على حساب العديد من الأنواع والعالم الطبيعي بشكل عام، ولكن الجانب الايجابي هو أن هذا التباطؤ يعطي سببا للأمل، لأنه يوحي بأننا نتحسن في إدارة ما نأخذه من البيئة المحيطة. 

يقول الباحث البارز أوسكار فنتر Oscar Venter من جامعة شمال كولومبيا البريطانية University of Northern British Columbia في كندا "إن رؤية أن تأثير نشاط البشر قد أصبح بمعدل أبطأ من معدل النمو الاقتصادي والسكاني أمر مشجع، وهذا يعني أننا أصبحنا أكثر كفاءة في كيفية استخدامنا للموارد الطبيعية ". 

واستخدم الفريق، الذي يضم باحثين من جمعية الحفاظ على الحياة البرية Wildlife Conservation Society او اختصاراً (WCS) وثماني جامعات من جميع أنحاء العالم، بيانات القمر الصناعي والاستطلاعات الميدانية لتتبع كيفية تغيير النشاط البشري للبيئات الطبيعية في جميع أنحاء الكوكب بين عامي 1993 و2009. 


وفي هذا الإطار الزمني القصير نسبياً، ارتفع عدد سكان العالم بنسبة 23 في المائة، ونما الاقتصاد العالمي بنسبة 153 في المائة. وعلى النقيض من ذلك، لم تنم البصمة البشرية العالمية إلا بنسبة 9 في المائة في ذلك الوقت – كانت لا تزال إحصائية مزعجة، ولكنها على الأقل أقل بكثير من النمو السكاني والاقتصادي. 

ويعتقد الباحثون أن زيادة الكفاءة يمكن أن تنسب إلى فرضية كوزنيتس كيرف (فرضية بيئية كوزنتس) Environmental Kuznets Curve  hypothesis  او اختصاراً (EKC)، التي تشير الى أن الضغوط على البيئة كانت في أسوأ حالاتها عندما كانت المجتمعات الصناعية في المراحل الأولى من التنمية، ولكنها تبدأ بعد ذلك في التباطؤ نظراً للنمو المالي بفضل توجه الأسواق نحو الحداثة. 

وبمعنى آخر، مع تزايد قدرة البلدان في جميع أنحاء العالم على التصنيع والتطور، تبدأ تأثيرات البشرية بالانخفاض.  ولكن بينما يعد التباطؤ في الضغط علي البيئة جانب مضيئ بالنسبة للأنواع، فإن الصورة العامة لمدى ما دمرته البشرية في جميع أنحاء الكوكب ماتزال أكثر غموضاً.


قال جيمس واتسون James Watson من جامعة كوينزلاند University of Queensland في أستراليا "تبين خرائطنا أن ثلاثة أرباع الكوكب قد تغيرت الآن بشكل كبير، وأن 97 في المائة من أكثر الأماكن الغنية بالأنواع على الأرض قد تغيرت بشكل خطير،" وأضاف "من المدهش إلى حد ما وجود أزمة في التنوع الحيوي". 

وقد وفر الباحثون بياناتهم على شبكة الإنترنت مع موقع تفاعلي يسمح بمقارنة البصمة البشرية بما كانت عليه في عام 1993 وكيف تبدو عام 2009، ويتيح استكشاف الميادين التي ينقص النشاط البشري فيها أو يزيد الضغط على البيئة. 

وتتتبع الخرائط التغيرات في مدى توسع البيئات المبنية، الأراضي الزراعية، والمراعي، بالإضافة إلى رصد كثافة السكان والبنية التحتية البشرية مثل الانارة الليلية، والسكك الحديدية، والطرقات. 


وتعني التأثيرات البشرية المتزايدة أن البيئات الطبيعية التي لم تظهر يوماً أي علامة على النشاط البشري أصبحت أقل مساحة، وإن كانت أكثر بطئاً مما كانت عليه في السابق. 

وفي عام 1993، كان نحو 27 في المائة من مساحة اليابسة غير القطبية في العالم ليس لها بصمة إنسانية قابلة للقياس، ولكن السنوات ال 16 التالية شهدت نشاطاً امتد على نحو 23 مليون كيلومتر مربع من البيئات الطبيعية التي كانت بكرا في السابق. ورغم أن ذلك يبدو مخيفا، فإن الخبر السار هو أنه وفقاً للنتائج، فإن هذا النوع من التوغل يتباطأ، مما يعني أن الممارسات البيئية المسؤولة تحرز تقدماً في جميع أنحاء العالم. 

قال فينتر Venter "إن التنمية المستدامة هدف متجانس على نطاق واسع، وتظهر بياناتنا رسائل واضحة حول كيف يمكن للعالم أن يصل الى هناك. كما أن تركيز الناس في المدن والبلدات بحيث لا تنتشر احتياجاتهم في مجال الإسكان والبنية التحتية عبر المناظر الطبيعية الأوسع، ودعم الحكومات الصادقة القادرة على إدارة الآثار البيئية". 

ووجد الباحثون أن معظم التحسن كان يحدث في الدول الغنية والأماكن التي فيها مستويات منخفضة من الفساد. ولكن من ناحية أخرى، لأن البلدان الغنية تستهلك أكثر من البلدان الفقيرة، فقد كان لديها في الحقيقة المزيد من الأرض

 

قال لورانس Bill Laurance من جامعة جيمس كوك James Cook University في أستراليا "بشكل عام، يبدو أن الدول الصناعية والدول ذات الفساد المنخفض تقوم بعمل أفضل في إبطاء توسع التأثيرات البشرية من البلدان الفقيرة ذات الحكم الضعيف،" وأضاف "لكن في الدول الغنية يكون تأثير الفرد أعلى، لذا فكل شخص هناك يستهلك أضعاف نظيره في الدول الفقيرة". 

ويأمل الباحثون أن يستخدم واضعو السياسات الخرائط والبيانات لتركيز جهود الحفاظ على البيئات البكر التي تم تركها، بينما يتم العمل على تخفيف الضغوط الحالية التي يضعها البشر على البيئة. إنها مهمة كبيرة، ولكن على الأقل لدينا خريطة جديدة رائعة للمساعدة على إظهار الطريق. 

وعلى حد قول لورانس فإن "البشر هم أكثر المستهلكين الذين شهدهم كوكب الأرض شراهة، فباستخدامنا للأراضي والصيد وغيرها من الأنشطة الاستصلاحية، أصبحنا الآن نؤثر مباشرة على ثلاثة أرباع سطح الأرض،" كما أضاف "إن النتيجة النهائية هي أننا نحتاج الى خفض النمو السكاني المستشري، وخاصة في إفريقيا وبعض أجزاء آسيا، ونطالب بأن يستهلك الناس أقل في الدول الغنية".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات