اصطياد الكواكب الحرة العائمة في مجرتنا 

تصور فني لكوكب بحجم الأرض، يجوب عائمًا حرًّا أنحاء المجرة. حقوق الصورة: J. B. Pullen.

أُعطي مصطلح الكواكب الخارجية أو الكواكب خارج النظام الشمسي (Extrasolar) للأجسام التي لها كتلة الكواكب والتي تدور حول نجومٍ أخرى غير الشمس، وحتى الآن، اكتُشفت العديد من الكواكب خارج النظام الشمسي، و من بينها نجومٌ تستضيف عدة كواكب.

والرقم القياسي المؤكد، حتى الآن، لعدد الكواكب التي تدور حول نجمٍ ما فازت به شمسنا، ألا وهو 8 كواكب، وهذا قد يدعو للارتياب من إمكانية وجود أنظمةٍ كوكبيةٍ أخرى عديدةٍ كنظامنا الشمسي في مجرة درب التبانة، كما أن هناك دليلًا على وجود 9 كواكب تدور حول النجم HD10180. ولكن حتى إذا تشكلت الكواكب حول نجمٍ ما، يمكن إقصاؤها خارج نظامها الأم، وبهذا تتواجد الكواكب المعزولة خارج النظام التي تجوب الفضاء الشاسع المستقل عن نجمها الأم، ندعو تلك الأجسام بالكواكب الحرة العائمة free floating planets، وهي العوالم التي ترتحل في أرجاء المجرة.

ولكن، لماذا تراودنا الشكوك بإمكانية وجود كواكب حرةٍ عائمةٍ خارج هذه الأنظمة؟


على الأرجح، يعود ذلك لطريقة تشكُّل الأنظمة الكوكبية نفسها وتطورها، حيث تتشكل الكواكب الأولية في القرص الكوكبي الأولي، ولا تلبث أن تدخل في طور من الاصطدامات وإعادة الترتيب حتى يستقر النظام الكوكبي النهائي، بينما يكون مصير بعض الكواكب الاتحاد لتشكِّل كواكب أخرى ضخمة، ويقع البعض الآخر في النجم ناهيًا رحلته على مسار التشكُّل، والتوقعات تشير إلى أن العديد من الكواكب تُستبعَد بالكامل خارج النظام. وفي الواقع، من المحتمل أن يتجاوز عدد الكواكب الحرة العائمة عدد تلك الكواكب التي تدور حول نجومها. وببساطة أكثر، نحن لا نعرف الحقيقة المطلقة.

سنجد أنه من السهل أن تتشكَّل الكواكب في الأجزاء الخارجية من القرص الكوكبي الأولي، حيث تكون تلك الأجسام على الصلة الضعيفة بنجومها، كما وتكون عرضة للتحرُّر من الجذب الثقالي (gravitational pull) للنجم الأم، وذلك جرَّاء اللقاءات القريبة مع الكواكب الأخرى في القرص المتشكِّل، أو حتى عن طريق زيارات قريبة للنجوم المجاورة (وذلك ليس اصطدامًا، حيث أنه أمر نادر الحدوث بين النجوم إلى حدٍّ كبيرٍ).

كما وأنه لمن المهم علميًا أن نكون على درايةٍ بعدد تلك الأجسام المتواجدة خارج النظم الكوكبية، من أجل اختبار أفكارنا (نظرياتنا) عن تشكُّل الكواكب. فهل يتماثل عدد الكواكب الحرة العائمة بعدد الكواكب المتواجدة في الأنظمة الكوكبية؟ أم أنها نادرة جدًا؟

لنفترض مثلًا أنها أقل بعشرِ مرات؟ أم أنها متواجدة بأعدادٍ وفيرةٍ؟على سبيل المثال أكثر بعشر مرات! وأيضًا، سؤال لا يقل أهمية عن الذي سبقه: هل عدد الكواكب الصغيرة الحرة العائمة يفوق عدد الكواكب الغازية العملاقة الحرة العائمة بمقدارٍ كبير؟

يبدو أن الاحتمالية الأخيرة واقعية، حيث تتوقع بعض نظريات عملية تشكُّل النظام الشمسي: تشكل عدد أكبر بكثير في النظام الشمسي المبكر early Solar System، لكن استُبعِدت معظم الكواكب التي تشكَّلت جرَّاء الاصطدمات. نحن نعلم أنه ينبغي وجود كواكب حرة عائمة، لأن قلةً بسيطةً من تلك الكواكب تُرصَد في تجمعاتٍ قريبةٍ فتيَّةٍ.

إذ تُصدِر الكواكب الفتيّة حديثة التشكُّل الضوء كما تفعل النجوم لفترةٍ زمنيةٍ وجيزةٍ (فلكيًا قد تصل إلى ملايين السنوات)، قبل أن تبرد وتغدو خافتةً جدًّا لتستطيع رصدها تقنياتنا الحالية. تلك الأجسام كواكب عملاقة فتيّة، ولكن ورغم خفوتها إلا إنه بالإمكان رصدها في مجال الأشعة تحت الحمراء قبل تقدمها في العمر وانخفاض درجة حرارة أسطحها.

ولكننا نعتقد أن هنالك كواكب حرة عائمة أكثر من ذلك بكثير بانتظار اكتشافها، وتكمن المشكلة الأساسية التي تقف حائلًا بيننا وبين اكتشاف تجمعات الكواكب الحرة العائمة المفترضة هي أن الكواكب القديمة، مثل الأرض، صغيرةٌ ومعتمةٌ، ولا تصدر ضوءًا من تلقاء نفسها، وتمتاز بأنها خافتةٌ جدًا لدرجة استحالة رصدها بواسطة الصور الملتقطة في مجال الضوء البصري والقريب من الأشعة تحت الحمراء، وذلك باستخدام المراصد الضخمة المتاحة مثل: التلسكوب الكبير جدًّا VLTs، والمصفوفة التلسكوبية كيك Kecks، وتلسكوب جيميني الجنوبي Geminis، وغيرهم، أو حتى مع التلسكوبات المستقبلية مثل: تلسكوب جيمس ويب الفضائي JWST، وتلسكوب ماجلان العملاق GMT، وتلسكوب الثلاثين مترًا TMT، والتلسكوب الأوروبي فائق الكبر EELT.

كما يُحتمل إصدار بعض هذه الكواكب أشعة في مجال الأطوال الموجية لموجات الراديو. ولكن، و للمرة الثانية أؤكد أن هذه الكواكب ستكون خافتة جدًا وعصيةً عن الرصد حتى مع أقوى تلسكوباتنا الراديوية مثل التلسكوب الراديوي أريسيبو Arecibo، أو مصفوفة أتاكاما الميلليمترية/ دون الميلليمترية الكبيرة ALMA.

نحن عاجزون، ولا نستطيع رصد تلك الكواكب الحرة العائمة الخافتة مباشرةً. ولكن، وبالرغم من ذلك، فمن المهم معرفة إذا ما كان هنالك كواكب حرة عائمة في الخارج، ومعرفة تعدادها. فلا تستسلم، ففي بعض الأحيان يستطيع الفلكيون إيجاد حلولٍ ممتازةٍ لتلك المشاكل التي قد تبدو مستحيلةً. وهناك تقنيةٌ غير مباشرةٍ، وذلك لأنها لا تتمكن من تصوير الكواكب، ولكنها تستطيع تقصي التأثيرات الثقالية التي تسببها كتلة الكواكب.

وكما نعلم فإن أينشتاين هو الأب الروحي لهذه الفكرة، فهو من تنبأ بأن الضوء القادم من الأجرام البعيدة سيحيد عن مساره عند مروره بالقرب من جرمٍ هائلٍ، هذا لأن الأجرام فائقة الكتلة تسبب تشوهًا في الفضاء والزمان (الزمكان)، ويُطلق على هذه العملية تقنية التعديس الميكروي الثقالي gravitational microlensing technique. مهمتها أن تقوم بقياس بريق ولمعان المصادر البعيدة جرّاء حيود ذلك الضوء الناجم عن تلك العدسات الفائقة عند عبورها من أمامه.

تعتمد قياسات التعديس الميكروي على رصد أيّ تغيراتٍ حاصلةٍ في لمعان الأجرام البعيدة (تُدعى المصادر) من خلال اصطفافٍ شبه مثاليٍّ للجرم الفائق الكتلة (تُدعى العدسات) على مسار رؤية الراصد (نحن، بالإضافة إلى تلسكوباتنا).

لنسوق مثالًا عن حدث التعديس الميكروي microlensing event الذي شهده الماسح VVV، حيث يرصد سطوع النجم بمرور الوقت. ونشاهد الحدث ناحية الطرف الأيمن على المخطط البياني حيث الارتفاع والسقوط السريع للمعان نجم الخلفية المرصود، وهو ناجم عن مرور جرم آخر بين النجم والراصد على كوكب الأرض.
لنسوق مثالًا عن حدث التعديس الميكروي microlensing event الذي شهده الماسح VVV، حيث يرصد سطوع النجم بمرور الوقت. ونشاهد الحدث ناحية الطرف الأيمن على المخطط البياني حيث الارتفاع والسقوط السريع للمعان نجم الخلفية المرصود، وهو ناجم عن مرور جرم آخر بين النجم والراصد على كوكب الأرض.


على كُلٍّ، الأمر ليس بهذه السهولة، إذ ينبغي أن تكون مجالات التعديس الميكروي الزمنية الناجمة عن الكواكب الحرة العائمة قصيرةً جدًا، و قد تصل إلى ساعات، على عكس الأجرام الكتلية النجمية النموذجية التي قد تستغرق أسابيعَ وحتى أشهر.

هذا المجال الزمني هو العامل الحاسم، لكن، إذا ما كانت لدينا القدرة على قياس لمعان التعديسات الميكروية قصيرة المدى هذه، سنتمكن من رصد كواكب كالأرض، أو أقل كتلةً كالمريخ مثلًا، أو حتى أصغر من ذلك بكثير. ورغم ذلك، فإن إجراء ذلك القياس ليس بالأمر الهيّن حيث يتطلب، بالضرورة، التصوير المستمر لعشرات ملايين النجوم. يمكنك أن تتخيل كمّ البيانات الهائل الناتج عن عمليات رصد التعديس الميكروي تلك، أضف إلى ذلك التحديات التقنية.

الجدير بالذكر، أن قلةً من المجموعات باتت رائدةً في ذلك المجال إثر اكتشافها الآلاف من أحداث التعديس الميكروي حتى الآن، مثل فريق تجربة التعديس الثقالي البصرية OGLE، وفريق أرصدة التعديس الميكروي في الفيزياء الفلكية MOA، وفريق هالة الجرم الهائل المندمج فلكياً MACHO، وغيرهم. أيًّا يكن، فهناك نقصٌ في إشارات التعديس الميكروي قصيرة الأمد الناجمة عن كواكبنا الحرة العائمة المفترضة. هل هذا لأنها غير موجودةٍ من الأساس، أم أن السبب يرجع إلى أن التجارب الحالية غير مصممةٍ لرصد مثل هذه المجالات الزمنية القصيرة؟

نحن نعتقد هذا الأمر الأخير، ورغم أن الأدلة على تواجد الكواكب الحرة العائمة في الوقت الراهن ضئيلةٌ، إلا أننا نعتقد بأنه يجب أن تتواجد وبكثرة، كما أننا بحاجة لتطوير الأدوات اللازمة لاكتشافها.

في الأجل القريب، تعطينا بعثة كيبلر 2 K2 ذلك الأمل، أي في اكتشاف تلك الكواكب الحرة العائمة، وذلك باتجاه المناطق القريبة من مركز مجرتنا والمعروفة باسم آخر "الانتفاخ" bulge. حيث سترصد تلك المرحلة الموسعة لتلسكوب الفضاء كيبلر الكثير من المجالات باتجاه الانتفاخ المجري، حيث تتواجد أعدادٌ كبيرةٌ من النجوم، تصاحبها إيقاعاتٌ مستمرةٌ متواترةٌ، كي تتسنى لنا القدرة على رصد التعديس الثقالي الناتج عن الكواكب الحرة العائمة.

ومن ناحيةٍ أخرى، أجرينا مسحًا شاملًا لانتفاخ درب التبانة على مدار السنين القليلة الماضية، ويُدعى مسح في في في VVV survey (http://vvvsurvey.org) باستخدام التلسكوب القريب من مجال الأشعة تحت الحمراء فيستا VISTA الواقع في مرصد بارانال في المرصد الأوروبي الجنوبي ESO Paranal Observatory. وسيكون من الرائع التصوير المتزامن في المجال القريب من الأشعة تحت الحمراء لحقول انتفاخ كيبلر 2 من أجل معرفة كلّ تلك المصادر وتمييزها. ومن المهم دمج البيانات البصرية وبيانات الأشعة تحت الحمراء، وذلك لقياس الخصائص النجمية.

كما أنه من شأن معرفة معايير وخصائص النجوم، مثل السطوع، والمسافات، والإحمرار، إلخ... أن يسمح لنا بتمييز أحداث التعديس الميكروي النادرة الناجمة عن كوكبٍ حرٍّ عائمٍ، وأخيرًا تقدير كتلة ذلك الكوكب.

ومن بين الأشياء الأخرى، إذا ما اكتُشفت معظم هذه الكواكب سنتمكن من تنقيح إحصائياتنا لمعرفة ما إذا كانت الكواكب الحرة العائمة تفوق أعداد الكواكب فائقة الكتلة. و قد انتهت عمليات رصد انتفاخ كيبلر 2 خلال شهري نيسان/أبريل وأيار/مايو 2016، لذا ابقَ على استعدادٍ لنتائج اكتشاف الكواكب الحرة العائمة التي سيُكشف عنها قريبًا.

منقطة من مجرة درب التبانة استكشفها VVV survey، بما في ذلك المركز المجري.
منقطة من مجرة درب التبانة استكشفها VVV survey، بما في ذلك المركز المجري.


أخيرًا وليس آخرًا، وبعد الخوض في جنون حديثنا بأمر الحياة على الكواكب الحرة العائمة سنجد بأنها مجرد تكهناتٍ بحتةٍ، ولكنني سأدَّعي بأن هذه الأجرام هي أكثر مراكب الحياة الواعدة. فإنه بترحال تلك الكواكب عبر درب التبانة، ستُنشر بذور الحياة في كل مكان بالمجرة، ولكن الصعوبة الرئيسة التي يواجهها الكوكب الحر العائم لاستدامته الحياة، كما نعلم، سيكون غياب مصدر الطاقة الأساسي ألا و هو: النجم المضيف (الأم).

وعلى أيّ حالٍ، فعندما تتشكل الكواكب الشبيهة بالأرض تكون كواكب حارةً جدًّا، ولا تلبث أن تبرد الصخور النارية على أسطحها، ولأخذ العلم، فإن عملية التبريد هذه قد تأخذ ملايين السنين، و ذلك بناءً على الكتلة الأساسية للكوكب، لنسوق مثالًا حيًّا على ذلك: يبلغ عُمر أرضُنا العزيزة 4.5 مليار سنة، وطبعا لم تبرد بشكلٍ كاملٍ حتى الآن. ودليلنا على ذلك هو البراكين المنتشرة عبر القشرة الأرضية، والصفائح التكتونية، كما أن عِلم الزلازل أشار إلى أن نواة كوكبنا لا تزال بركانية متأججة.

ربما يمد النشاط البركاني ذاته ذلك الكوكب الحر العائم بمصدر طاقةٍ بديلٍ مُستدامٍ للحياة. ولا ينبغي أن يكون الأمر مدهشًا، لأن المنافث الحرارية المتواجدة في أعماق المحيطات تحافظ على مجموعةٍ متنوعةٍ من الكائنات الحية. وفي الواقع، إن فقدت الأرض شمسها لأي سببٍ كان، فسوف تتجمد أسطح المحيطات فقط، أما المياه الأعماق فستبقى سائلةً لمليارات السنين.

وهذا الأمر مُغاير تمامًا بالنسبة للكويكبات أو الكواكب الصغيرة، والتي يمكن أن تتجول في أنحاء المجرة، وهي تُعد أجسامًا باردةً. و لكي تكون هذه البذور مصدرًا حيويًا لنشر الحياة ينبغي أن يُعتمد على نجاتها اعتمادًا أساسيًّا في فضاء قارس البرودة وسباتها لمليارات السنين، وهو أمرٌ يصعب بلوغه أو تحمُّله. كما أن الكواكب الحرة العائمة تشكّل مراكب الحياة المُثلى، ومن الممكن تواجدها بالملايين وحتى بالمليارات.

ولأولئك الذين يحبون إطلاق العنان لمخيلاتهم، لتضع في حسبانك الافتراضات التالية: لربما اختارت حضارةٌ تكنولوجيةٌ ذكيةٌ متقدمةٌ بما فيه الكفاية أن تحرر كوكبها من النجم المضيف عمدًا، ما سيسمح لهم بالتجول بحريةٍ كبيرةٍ عبر أرجاء المجرة. وفي واقع الأمر، ستبدأ الشمس خلال عدة مليارات من السنين القادمة بالانتفاخ حتى تصل إلى طور النجم العملاق الأحمر، لتبتلع بعد ذلك كواكب النظام الشمسي الداخلية أثناء تلك العملية. ومن أجل حماية كوكبنا، قد نود تحرير كوكبنا من قبضة الشمس قبل أن تصير عملاقًا أحمر.

هذا بالطبع إذا كانت لدينا التكنولوجيا الملائمة في المستقبل، بالإضافة إلى أن الطاقة اللازمة لتحقيق ذلك هائلة، و أيضًا إذا ما قررنا عدم خسارة أرضنا، حينها يكون قد تطور كلّ التاريخ البدائي للبشرية، كما ويمكننا حينها أن نقرر مفارقة شمسنا، لنصبح أرضًا عامرةً بالحياة حرةً عائمةً، فإما أن يسير الأمر على هذا النحو، أو نترك الأرض للهب الشمس حتى تفنى بالكامل، لأن الشمس ستصبح عملاقًا أحمرَ لا محالة.

وكما نعلم، فلا يزال السفر عبر أرجاء المجرة حلمٌ مستقبليٌّ يراود علماء الفلك على كوكبنا الأرض، وأنا لا أعلم ما رأيك أنت، أتتفق معي أم لا، ولكنني أود الحفاظ على تراثنا بهذه الطريقة.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • المفعول العدسي الميكروي (التعديس الميكروي) (microlensing): هو مفعول عدسي ثقالي ينجم عن النجوم والأجسام التي لا تمتلك كتلة هائلة. وفي هذا المفعول، تكون الصور المضاعفة قريبة جداً من بعضها إلى درجة يصعب حتى على أفضل التلسكوبات التمييز بينها. المصدر: العلوم الأمريكية.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات