نموذج الجاذبية الأرضية (والمعروف بـ بطاطاس بوتسدام للجاذبية) يُظهر اختلافات في الجاذبية الأرضية

 

صورة: نموذج الجاذبية الأرضية (والمعروف بـ بطاطاس بوتسدام للجاذبية) مبني على معلومات أخذت من الأقمار الصناعية لاغوس وغريس وغوس بالإضافة لمعلومات السّطح. مصدر الصورة: مركز الأبحاث الألماني للجيوفيزياء (GFZ).

 

يميل الناس إلى الظّن بأنّ جاذبية الكرة الأرضية هي ثابتة و متساوية، فإذا ما وقفت في أي مكان على الأرض في أي وقت من السنة ستشعر بنفس كمية السّحب إلى الأسفل , لكن في الواقع يكون مجال الجاذبيّة الأرضيّة عرضة للتغيرات التي تحدث على مرّ الزمن. يعود السّبب وراء ذلك إلى عوامل عدة منها التوزيع غير المتكافئ للكتلة في المحيطات والقارات والمسطّحات الدّاخلية العميقة، بالإضافة إلى المتغيّرات المرتبطة بالمناخ كالتوازن المائيّ للقارات وذوبان الأنهار الجليدية أو اتساعها.

 

والآن وللمرة الأولى على الإطلاق, تم التقاط هذه الاختلافات في الصّورة المعروفة بـ (بطاطاس بوتسدام ) والذي يعد تصوّراً لنموذج جاذبية الأرض ينتجها مركز الأبحاث الألماني للجيوفيزياء (GFZ) مركز هيلموتز في بوتسدام بألمانيا.

 

وكما ترون من الصورة، فإن هذا النموذج يشبه البطاطا, إلا أنّ ما يلفت النّظر هو أن هذا النموذج يصوّر مجال الجاذبية الأرضية كجسم غير صلب ، وإنما كسطحٍ ديناميكيٍ يختلف مع الوقت. مجسّم حقل الجاذبية الأرضية الجديد هذا والذي أطلق عليه  EIGEN-6C  صُمّمّ باستخدام قياسات  حصل  عليها  من  الأقمار  الصناعية  لاغوس  وغريس  وغوس ،  بالإضافة   إلى  قياسات الجاذبية الأرضية من الأرض وقياسات الارتفاع من الأقمار الصناعية.

بالمقارنة مع النموذج السابق الذي أُنتج في العام 2005 فإن النموذج الجديد لـِ EIGEN-6C لديه زيادة قَدرُها أربعة أضعاف في الدّقة المكانيّة.

 

يقول الدكتور كريستوف فورسته (Christoph Foerste ) : “إدراج القياسات من القمر الصناعي جويس له أهمية خاصة حيث قام المركز بحساباته الخاصة للحصول على مجال الجاذبية الأرضية”. الدكتور كريستوف فورسته بالإضافة إلى الدكتور فرانك فلتشنر (Frank Flechtner)  يقومان بإدارة المجموعة العاملة على مجال الجاذبية في مركز الأبحاث الألماني للجيوفيزياء.

 

المهمة التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية والمعروفة إختصاراً بـ GOCE كانت قد أطلقت في منتصف مارس/آذار من العام 2009، ومنذ ذلك الحين وهي تقوم بدراسة وقياس مجال الجاذبية الأرضية باستخدام الغارديومتري - وهي دراسة وقياس المتغيّرات في التّسارع بسبب الجاذبيّة .

 

يقول الدكتور فلتشنر: “أصبح بإمكاننا قياس الجاذبية بدقة لم يسبق لها مثيل في مناطق يصعب الوصول إليها مثل وسط أفريقيا وجبال الهملايا، بالإضافة إلى ذلك فقد قدّمت لنا الأقمار الصّناعية التابعة لجويس ميزات عند قياس الجاذبية في المحيطات”.

 

وُجدت العديد من الإختلافات في مجال الجاذبية الأرضية داخل العديد من المساحات الواقعة تحت سطح البحر. أوجد جويس خريطةً أفضل لتلك الإختلافات، فضلاً عن الانحرافات الموجودة في سطح المحيطات وهو العامل المعروف بـ (تضاريس المحيطات الديناميكي) والذي ينتج عن تأثير جاذبية الأرض للتوازن على سطح المحيط. وأُدرج في هذا النموذج أيضا البيانات القادمة من القياسات بعيدة المدى التي أخذت من المهمة الفضائية للأقمار الصناعية التوأم GRACE. من خلال رصد التغيرات المناخيّة مثل ذوبان الأنهار الجليدية الكبيرة في المناطق القطبية وكمية المياه الموسمية الموجودة في نظم الأنهار الكبيرة، كان غريس قادراً على تحديد تأثير التغيرات الزمانية واسعة النطاق على مجال الجاذبية.

 

نحتاج المهمات التي تجري حالياً لنرى مدى تأثير العمليات المرتبطة بالمناخ و طبيعتها الزمنية -ناهيك عن الدّور الذي لعبه تغير المناخ- على كوكبنا في المدى الطويل. خصوصاً وأن مهمّة GRACE مقرر أن تنتهي في عام 2015.

 

نحو أكثر من 800 مشاهدة بالمجموع ساعدت في حساب النموذج النهائي الذي يتكون من أكثر من 75 ألف معلومة تمثل حقل الجاذبية الأرضي. أقمار جويس الاصطناعية وحدها قامت بأكثر من 27 ألف دورة حول الأرض خلال فترة خدمتها والتي استمرت من مارس/آذار 2009 إلى نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2013، من أجل جمع بيانات عن الاختلافات في مجال الجاذبية الأرضية. حققت النتيجة النهائية دقةً وصلت للسنتيمتر، ويمكن أن تكون بمثابة مرجعية عالمية لمستوى البحر والمرتفعات.

 

أما ما وراء "مجتمع الجاذبية" فقد أثار هذا المشروع اهتمام الباحثين في مجالات الهندسة الفضائية، وعلوم الغلاف الجوي، والغبار الفضائي. ولكن قبل كل شيء، فإن هذا المشروع يقدم وسيلة لتصوير العالم الذي يختلف و يتشابه في نفس الوقت من قبل الضوء والمغناطيسية والموجات الزلزالية. ويمكن استخدامه في كل شيء كتحديد سرعة تيّارات المحيطات من الفضاء، ورصد ارتفاع منسوب مياه البحار وذوبان الصفائح الجليدية، وحتى الكشف عن ملامح خفية في الجيولوجيا القاريّة وحتى إعطاء نظرة عن قوة الحمل الحراري لتحريك الصفائح التكتونية.

 

ترجمة التعليق على الصور:

صورة: نموذج عام 2005 الذي حُسب بناء على معلومات أُخذت من الأقمار

الصناعية تشامب و غريس بالإضافة إلى معلومات السّطح وقد كان أقل دقة مقارنة مع النموذج الجديد.

مصدر الصورة: مركز الأبحاث الألماني للجيوفيزياء (GFZ)

صورة: الأقمار المُتوأمة ـ غريس -

مع مجال الجاذبية الأرضية (المُحسَّن عمودياً) محسوبة من تشامب .مصدر الصورة:مركز

الأبحاث الألماني للجيوفيزياء (GFZ)

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات