نهاية الهواتف الذكية أصبحت قريبة

نهضة الهواتف الذكية
أقامت كبرى شركات التقنية، في الفترة الممتدة من نيسان/أبريل إلى حزيران/يونيو، فعالياتها السنوية الضخمة، ووضعت رؤيتَها للإثني عشرَ شهرًا المقبلة.

فقد عقدت فيسبوك Facebook مؤتمرها إف 8 (F8) في أواخر نيسان/أبريل، وتلتها مايكروسوفت Microsoft في مؤتمر بيلد Build، ثم مؤتمر غوغل Google آي/أو I/O، ومؤتمر أبل Apple العالمي لمطوري البرامج Apple’s Worldwide Developers.


ولم تعقد شركة أمازون Amazon مؤتمرًا. إلا أنها كشفت النقاب عن اثنتين من السماعات الذكية الجديدة أمازون إيكو Amzon echo لتعويض ذلك.

وسيُعلَن عن أمور تقنية مثيرة قريبًا، فقد أعلنت أبل عن جهاز آيفون iPhone جديد بمناسبة الذكرى العاشرة لابتكاره. كما أنه من المرجح أن تكشف غوغل عن الهاتف الذكي بكسل Pixel المُحسَّن، ومن المتوقع أن تعقد مايكروسوفت المؤتمر الصحفي المتعلق بحاسوبها سيرفيس Surface كما هو معتاد في أواخر تشرين الأول/أكتوبر.

في الوقت الراهن، ليس هناك الكثير مما يجب القيام به؛ ولكن يبقى التفكير فيما تعلمناه حول مستقبل التقنية. وبعيدًا عن الدعايات الإعلامية والمبالغات، فقد بدأت تتضح المراحل الأولى من معركة الجيل الجديد من عالم الحوسبة.

في حين أن أبل وغوغل تهيمنان على سوق الهواتف الذكية اليوم، تقدم تقنيات مثل الواقع المعزز augmented reality منصات جديدة ومكتملة، حيث لا يوجد فائز ومسيطر محدد حتى الآن. لذلك تخطط كلٌّ من أمازون ومايكروسوفت وفيسبوك بعد عدم قدرتها على السيطرة على منصة الأجهزة المتنقلة تسريع نهاية عهد الهواتف الذكية والتي تهيمن عليها أبل وغوغل.

المجازفة في تحقيق الهدف


خلقَ كلُ تحوّلٍ تقنيٍ كبيرٍ فرصًا ضخمة لقلةٍ من أصحاب المشاريع الصغيرة، الذين استطاعوا رؤية هذه التحولات قبل غيرهم. ففي سبعينيات القرن الماضي، راهنت كلٌّ من أبل ومايكروسوفت على أنّ أجهزة الحاسوب الشخصية سيكون لها سوق أكبر بكثير من مثيلاتها من الحواسيب المركزية التي كانت بحجم غرفة عملاقة، ومع أنّ البعض اعتبر الحواسيب الشخصية بدعة في ذلك الوقت، إلا أننا نرى اليوم مَنْ الفائز.

وبالمثل، لم تدرك مايكروسوفت تمامًا قوة الهواتف الذكية، إلى أنْ أثبتت غوغل وأبل أنها مخطئة. والآن أصبح أندرويد نظام التشغيل من غوغل الأكثر شعبية في العالم. وحقق آيفون الأرباح لأبل وجعلها الشركة الأولى في عالم التقنية.

ويبدو أن التاريخ يعيد نفسه، إذ إننا نرى الآن الجهود المبكرة والمتنامية فيما يتعلق بالواقع المعزز والواقع الافتراضي virtual reality، وهي التقنيات التي تُطبّق العالم الرقمي على حواسنا. وهذا يعني عرض المعلومات أمام عينيك عند الحاجة إليها. فلماذا تحمل الهاتف عندما يصبح بالإمكان أن تطوف تطبيقات مثل نيتفليكس Netflix والواتساب WhatsApp أمامك؟

تيح ARkit من أبل تراكب الصور الرقمية في العالم الحقيقي. مصدر الصورة: نُفذت بواسطة ARKit
تيح ARkit من أبل تراكب الصور الرقمية في العالم الحقيقي. مصدر الصورة: نُفذت بواسطة ARKit


يعتقد البعض أن تلك التقنيات مجرد بدعة، أو مجرد أشياء جديدة لم تخضع للاختبار بعد حتى تشكل تهديدًا حقيقيًّا على الهواتف الذكية. ومع ذلك، فهناك سباق حقيقي لبناء منصات الواقع المعزّز.

اعتُقد في البداية أن أليكسا Alexa من أمازون عبارة عن مساعد صوتي رقمي، ولكن وجود شخص افتراضي يخبرك بالوقت والطقس يؤهل أليكسا لأن تكون جزءًا من الواقع المعزز. كما تمتلك مايكروسوفت أيضًا نظارات هولولينس HoloLens ثلاثية الأبعاد. وأضافت شركتا فيسبوك وسناب شات Snapchat على حدٍّ سواء تقنية الواقع المعزز مباشرة إلى الكاميرا. وتعتقد الشركة الناشئة ماجيك ليب Magic Leap والتي تدعمها غوغل أن نظاراتِها التي لم تَصدرْ بعد هي محاولة لإنشاء منصة جديدة.

وخلاصة القول: إن هناك سباقًا لبناء تقنية يمكنها التغلب على الهواتف الذكية كما تغلبت الحواسيب الشخصية على الحواسيب المركزية سابقًا. وتشترك الشركات التي تسعى وراء هذه التقنيات الجديدة في أنها ليست المُصَنِّعَةَ لأنظمة تشغيل الهواتف الذكية الخاصة بها. الآن حان دورهم لبناء التقنية المستقبلية.

موقف دفاعي


تدرك أبل وغوغل التهديد جيدًا، ولا تقفان مكتوفتي الأيدي.
أطلقت أبل نظام إيه آر كيت ARkit، وهو نظام لدعم الواقع المعزز في تطبيقات الآيفون، وذلك باستخدام الكاميرا الخاصة بالهاتف. ونظرًا لقوة هذا النظام تقنيًا، ولسهولة استخدام مطوري البرامج له، حَفِظَتْ أبل مكانًا لها في عالم الواقع المعزز. وإذا أطلقت أبل نظاراتٍ ذكيةً، فإن تلك التطبيقات الخاصة بالواقع المعزز ستؤتي ثمارها.

ولدى غوغل جهود متنوعةٌ في الواقع المعزز، بما في ذلك المشروع تانجو Project Tango. وعلى الرغم من فشل النسخة الأولى من نظارة غوغل الزجاجية Google Glass، إلا أن بإمكان غوغل عند تداركها لهذا الفشل التوسع بنظام الأندرويد ليدخل عالم الواقع المعزز.

نظارات هولولينس من مايكروسوفت تعرض صورًا ثلاثية الأبعاد في مجال رؤيتك. مصدر الصورة: مايكروسوفت
نظارات هولولينس من مايكروسوفت تعرض صورًا ثلاثية الأبعاد في مجال رؤيتك. مصدر الصورة: مايكروسوفت


إن النقاش وفقًا لهذا المبدأ يُعطي أبل دافعًا خاطئًا لاستبدال الآيفون؛ فإذا استطاعت أبل بناء منصة الأجهزة بنفسها، فهذا يعني أن أمازون لا تستطيع أن تفعل ذلك مع أليكسا، ومايكروسوفت لا يمكنها فعل ذلك مع هولولينس.

في هذه الأثناء، ومع تقديرنا لجميع الأجهزة والبرامج الجديدة الجيدة التي ستصدر هذا العام، إلا أننا ندرك أنّ كل ما نراه الآن هو أول شرارة في حرب الحوسبة التي ستثور خلال عقد من الزمن.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات