الطريق إلى نمذجة الاحتكاك الكمي


قدم الكيميائيون النظريون في جامعة برينستون استراتيجية رائدة لنمذجة الاحتكاك الكمي، أو كيف أن بيئة جسيم ما تؤثر عليه، و هو أمر يعد مشكلة محيرة في ميكانيكيا الكم منذ بدء هذا المجال. نُشرت الدراسة في صحيفة رسائل الكيمياء الفيزيائية Physical Chemistry Letters، وفي هذا الصدد، قال عالم البحوث في مخبر رابيتز والمؤلف المراسل لهذا العمل دينيز بوندرDenys Bondar: "كان بالفعل واحدا من أكثر مشاريع الأبحاث تحديا للعلماء وخصوصا فيما يتعلق بالتفاصيل التقنية و الحاجة إلى الاعتماد على أفكار جديدة".

أنشأ الباحثون نظيراً كمياً للاحتكاك الكلاسيكي، وهو قوة تعتمد على السرعة و تعمل بعكس اتجاه الحركة. و على وجه الخصوص، تم اشتقاق معادلة منقولة غير متغيرة بما يتكافأ مع العلاقات الحركية المناسبة للنظير وللقوة الدافعة (كمعادلة ارينفست). تبرهن التشبيهات العددية أن النموذج موازن تقريبا للاحتكاك الكلاسيكي.
أنشأ الباحثون نظيراً كمياً للاحتكاك الكلاسيكي، وهو قوة تعتمد على السرعة و تعمل بعكس اتجاه الحركة. و على وجه الخصوص، تم اشتقاق معادلة منقولة غير متغيرة بما يتكافأ مع العلاقات الحركية المناسبة للنظير وللقوة الدافعة (كمعادلة ارينفست). تبرهن التشبيهات العددية أن النموذج موازن تقريبا للاحتكاك الكلاسيكي.


ربما يعمل الاحتكاك الكمي على أصغر مقياس، ولكن نتائجه تكون واضحة في الحياة اليومية. فعلى سبيل المثال عندما يكون جزيء الفلورسنت مثارًا من الضوء، فإن السبب في ذلك هو عودة الذرات إلى حالة السكون نتيجة الاحتكاك الكمي، إذ إنها تصدر فوتونات نراها على هيئة فلورية. وبالطبع، أربكت نمذجة هذه الظاهرة العلماء لمدة قرن واحد تقريباً، و قد حصلت مؤخراً على انتباه أكبر بسبب علاقتها بالحوسبة الكمية.


قال بوندر: "يكمن السبب وراء عدم حل هذه المشكلة في أنّ كل شخص كان ينظر لها من زاوية مختلفة". حاولت نماذج سابقة وصف الاحتكاك الكمي على افتراض أن النظام الكمي يتفاعل مع نظام محيطي أكبر. يقدم هذا النظام الأكبر عددا مستحيلا من الحسابات؛ لذا قدم العلماء تقديرات عددية من أجل تبسيط المعادلات الى تفاعلات صحيحة. 

أدت هذه التقديرات الى عدد من النماذج المختلفة التي يمكن لكل واحد منها تلبية واحدا أو اثنين من الشروط الرئيسية. وعلى وجه التحديد، كانت النماذج قادرة إما على إنتاج مشاهدات مفيدة عن النظام، أو الخضوع لمبدأ هايزنبرغ في الريبة (الشك) الذي ينص على وجود حد أساسي للدقة نكون فيه قادرين على قياس وضعية الجسيم والقوة الدافعة في آن واحد. وبالطبع، كانت محاولة الفيزيائي المشهور ويرنر هيزنبرغ Werner Heisenberg لاستنتاج معادلة للاحتكاك الكمي غير متطابقة مع مبدأ الريبة الذي وضعه. 

وُضع نهج الباحثين باسم النموذج الحركي العملي عام ٢٠١٢ من قبل فريق رابيتز، وقد أدى إلى أول نموذج للاحتكاك الكمي ينجح في تحقيق الأمرين. قال بوندر:"لننجح في حل هذه المشكلة، كان علينا أن نعيد التفكير بقوانين الفيزياء المستخدمة، ليس فقط من حيث الرياضيات بل من حيث الفكرة ككل".

ركز بوندر وزملاؤه على المتطلبين الأساسين لنموذجهم - أي يجب أن يتطابق مع مبدأ هيزنبرغ و ينتج ملاحظات حقيقية- و عادوا بالعمل إلى الوراء ليبتكروا النموذج المناسب.

قال هيرشيل رابيتز Herschel Rabitz، وهو برفسور في الكيمياء و مساعد باحث في الدراسة: "قام دينز و الفريق بصياغة قوانين الفيزياء المطلوبة أولا عوضاً عن البدء بالتقديرات" و أضاف: "صُمم النموذج على حقيقة بديهية فيزيائيا و رياضيا. إن هذا النهج الواضح يخلق تشكيلا جديدا ودقيقا جداً للاحتكاك الكمي". 

شمل طاقم البحث عالم البحث رينان كابريرا Renan Cabrera، وطالب الدكتوراه أندري كامبوسAndre Campos ،و شول موكامل Shaul Mukamel البرفسور في الكيمياء في جامعة كاليفورنيا، إيرفين.

يمهد نموذجهم هذا الطريق للأمام، ليس لفهم الاحتكاك الكمي فحسب، و إنما لفهم ظواهر أخرى تفوق ذلك أيضا. وبالطبع، فإن الباحثين مهتمون بالسعي وراء هذه الطرق من أجل استخدامها واستغلالها لصالحهم. وعلى حد قول رابيتز فهناك باحثون آخرون بدؤوا بالعمل بالنموذج الدينامكي الجديد العملي.

وعند التأمل في كيفية وصولهم إلى نهج جديد كهذا، تذكّر بوندر الظروف الفريدة التي جعلته يبدأ العمل على هذه المشكلة. فبعد أن تلقّى العرض للعمل في برينستون، أمضى ٤ أشهر وهو ينتظر تأشيرة عمل إلى الولايات المتحدة (إذ إنه مواطن أوكراني)، وقد استغل ذلك الوقت في التأمل بمجموعة من الأسئلة الأساسية في الفيزياء. ومن ثَمّ، ولدت فكرة الاستراتيجية الجديدة خلال فترة الانتظار تلك. حيث قال بوندر: "كانت الفكرة وليدة البيروقراطية، ولكن يبدو أنها متماسكة".

 

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات