الميكروبات: عقبة محتملة لوصول البشر إلى المريخ

يتدرب الطاقم على المشي المريخي في غرفة تحاكي تضاريس المريخ في التجربة Mars500. المصدر: ESA/IPMB

عندما يذهب البشر في النهاية إلى المريخ، فلن يكونوا الكائنات الحية الوحيدة على متن المركبة الفضائية، بل ستصحبهم على مدار الرحلة الملايين والملايين من الميكروبات الحية التي تعيش على أجسام هؤلاء الرواد وداخلها.

فَفِهم كيفية نمو الميكروبات وانتشارها وتكيفها مع البيئة المحصورة داخل المركبة الفضائية مهمٌّ لضمان صحة رواد الفضاء المشاركين في البعثات الفضائية طويلة الأمد. وتقدم دراسةٌ جديدةٌ نتائجَ حول السلوك الذي ستسلكه تلك البكتيريا في مثل هذه البيئة.

وكشف ستة رجال عاشوا كروادٍ مريخيين Marsonauts منذ أكثر من عامٍ داخل مركبةٍ فضائيةٍ محاكيةٍ في موسكو عن الكيفية التي تتكاثر وتنتشر بها الميكروبات المتنوعة التي تعيش على أجسام رواد الفضاء في تلك البيئة المحصورة. وذلك وفقًا لدراسةٍ حملت عنوان (أكثر سبعة أماكن تشبه المريخ على سطح الأرضThe 7 Most Mars-Like Places on Earth).

وفي هذا السياق، تقول الباحثة المشاركة بترا شفيندر Petra Schwendner من جامعة أدنبره في اسكتلندا: "إضافةً إلى المخاطر الصحية المحتملة التي قد تصيب الطاقم، قد يكون لبعض الكائنات الدقيقة هذه تأثيرٌ سلبيٌّ على المركبة الفضائية، كونها تنمو وربما تُلحِق الضرر بهيكل المركبة الفضائية".

لقد مكث طاقم الرواد المريخيين المكوّن من ستة رجال 520 يومًا (وهي المدة التقريبية المطلوبة للوصول إلى المريخ)، وعملوا بداخل نموذجٍ لمركبةٍ فضائيةٍ في موسكو صُممت لمحاكاة الظروف التي سيمر بها رواد الفضاء أثناء بعثاتهم إلى المريخ. كما درس الطاقم على وجه الخصوص كيفية تكيُّف الكائنات الدقيقة مثل البكتيريا في ظل الظروف البيئية المحصورة وانتشارها في أنحاء المركبة الفضائية.

وفي التصريح ذاته تقول شفيندر: "حتى الآن، عُرِفَ القليل عن الآثار الناجمة عن الاحتجاز طويل الأمد على الكائنات الدقيقة التي تعيش داخل أماكن الإقامة التي قد تُستخدم يومًا ما للتنقل بين الكواكب، وعما إذا كانت بنية الميكروبات تتغير مع مرور الزمن".

اتبع الرواد المريخيون على مدار الدراسة، التي امتدت من 3 حزيران/يونيو 2010 وحتى 5 تشرين الثاني/نوفمبر 2011، نظامًا غذائيًا وجدولًا زمنيًا صارمًا، كلّ ذلك بجانب انعزالهم بشكلٍ كليٍّ داخل النموذج Mars500، وباستخدام مرشحات هواءٍ وماسحاتٍ، جمع الطاقم 360 عينةً ميكروبيةً من الهواء والأسطح المختلفة داخل المركبة الفضائية.

علاوةً على ذلك، اكتشف الباحثون أنه بالإضافة للإقامة البشرية وحقيقة أن لكلّ فردٍ الميكروبات الخاصة به أو تجمعاتٍ منها تخصه، ساهم الاحتجاز بصورةٍ كبيرةٍ في نوع البكتيريا الموجودة.

وتوصلت الدراسة إلى أن الميكروبات المصاحبة للبشر، بما في ذلك العصيّات Bacillus والمكوّرات العنقودية Staphylococcus، هي الأكثر شيوعًا في جميع أنحاء المكان، ويشير ذلك إلى أن الطاقم هو المصدر الأساسي للانتشار الميكروبي. فمثلًا، من المرجح أن المكوّرات العنقودية، وهي نوعٌ من البكتيريا توجد عادةً في الأنف والجهاز التنفسي وعلى الجلد وبعض سلالاتها معروفة بتسببها بالتهاباتٍ جلديةٍ، انتشرت عبر فتات الجلد المتقشر لأعضاء الطاقم، وذلك وفقًا للتصريح.

إلى جانب ذلك، كشف الطاقم بصماتٍ بكتيريةً فريدةً من نوعها في مناطق مختلفةٍ من المركبة الفضائية. فعلى سبيل المثال، ضمت الأماكن المشتركة والأماكن المخصصة للنوم وصالة ممارسة التمارين الرياضية إلى جانب المرحاض، القدر الأكبر والتنوع الغفير من البكتيريا، ونقيضًا لذلك عُثِرَ على أدنى مستويات البكتيريا داخل الوحدة الطبية (حيث أُجريت التجارب الطبية والنفسية وحيث كانت النظافة الصحية مطلوبة)، وذلك وفقًا للدراسة.

كما شاهد الباحثون تأثير عوامل التنظيف على البكتيريا. وتعليقًا على هذا الأمر تقول شفيندر: "رغم تحديدنا لبعض نقاط الكثافة البكتيرية المرتفعة حيث كانت أعداد البكتيريا أكبر بكثيرٍ منها في أماكن أخرى، خلصنا إلى أن أعداد البكتيريا الكلية كانت ضمن الحدود المقبولة، وبفضل تدابير التنظيف المناسبة، كانت التجمعات الميكروبية داخل المكان تحت السيطرة طوال المدة دون خطرٍ يُذكر على الطاقم".

وعمومًا، يُعتبر المستوى العالي من التنوع البكتيري صحيًا، لكن أظهرت الدراسة أنه وعلى مدار الوقت انخفض التنوع البكتيري، وأصبحت جراثيمُ انتهازيةٌ محددةٌ ومسببةٌ للأمراض وتتحمل الظروف الصعبة هي الأكثر تفشيًا. ووفقًا للباحثين، يمكن لمثل هذا السيناريو أن يخلق مشكلةً لرواد الفضاء الذين يبقون في عزلةٍ طويلة الأمد، لأنه بإمكان مثل تلك الأنواع من البكتيريا أن تكون عواملَ ممرضةً بالنسبة لرواد الفضاء.

وتختتم شفيندر: "ربما يتطلب الأمر اتخاذ تدابيرَ مضادةٍ لتجنب تطوّر الكائنات الدقيقة عالية المقاومة والتكيّف والفقدان الكلي للتنوع الميكروبي".
 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات