في 7 حزيران/يونيو 2014، ثار سطح الشمس بانفجارٍ استثنائي وكبير جداً، ويُعرف هذا الانفجار بالتدفق الإكليلي الكتلي (CME)، مما قاد "NOAA" إلى إصدار تحذير بحصول عاصفة جيومغناطيسية في الأرض.
قد يصبح من الممكن قريباً التنبؤ بالعواصف المغناطيسية الكبيرة القادمة من الشمس، والتي تؤثر على بعض التقنيّات الأرضية مثل تقنيات تحديد المواقع (GPS)، وشبكات المرافق العامة كالطاقة وغيرها، وذلك قبل أكثر من 24 ساعة على حدوثها.
والتدفقات الإكليلية الكتلية (coronal mass ejections) أو اختصاراً (CMEs) هي ثَوَرَانات مكونة من الغاز والمواد المُمغنطة القادمة من الشمس، والتي قد تؤدي إلى آثار مدمرة على الأقمار الصناعية والتقنيات الأرضية، وتتسبب باضطراب الإرسال الراديَويّ، وبأضرار في المحولات الكهربائية، وانقطاعات في التيار الكهربائي.
قد تؤدي هذه التدفقات إلى مشاكل في تقنيات تحديد المواقع، المستخدمة في كل أنواع وسائل النقل، انطلاقاً من السيارات ووصولاً إلى ناقلات النفط والجرارات. فعلى سبيل المثال، بإمكانها أن تؤثّر على قدرة أنظمة الطيران في تحديد المسافة التي تفصل الطائرة عن مكان الهبوط بدقة، مما قد يجعل الطائرة غير قادرة على الهبوط لمدة تتجاوز الساعة.
وعلى أية حال، لا تتسبب كل التدفقات الإكليلية الناجمة عن الشمس والتي تَعبُر منطقة الأرض باضطرابات شديدة، وتعتمد طاقتها على اتجاه الحقول المغناطيسية داخل التدفق الإكليلي. وتستطيع الأقمار الصناعية حالياً أن تُطلِعَنا على اتجاه الحقل المغناطيسي للتدفق الإكليلي بدقة كبيرة عندما يكون قريباً نسبياً من الأرض، مما يُعطينا مدة تنبيه تمتد من 30 إلى 60 دقيقة؛ لكنّ هذه المدة ليست كافية لتخفيف العواقب المحتملة على شبكات المرافق العامة، والأنظمة التي تعمل بالاعتماد على الـ GPS.
فيديو توضيحي لتدفق إكليلي شمسي
ومؤخراً، تم تطوير ونمذجة أداة قياس جديدة، تستطيع أن تُعطينا تنبيهاً قبل أكثر من 24 ساعة على حدوث التدفقات الكتلية التي قد تضر بالأنظمة الموجودة على الأرض، وقد قام بتطويرها فريق يقوده الدكتور نيل سافاني Neel Savani الباحث الزائر في كلية "إمبريال" في لندن وعالم فيزياء الفضاء في مركز "غودارد" لرحلات الفضاء، وقد نُشرت تفاصيل هذه التقنية ضمن ورقة علمية في Space Weather.
يقول الدكتور سافاني: "مع تزايد اعتمادنا على التكنولوجيا وانغماسها معنا بشكلٍ كبير، فإن أي اضطراب ناتج عن أحداث الطقس الفضائي (space weather)؛ قد يؤثر على حياتنا اليومية بشكلٍ كبير جداً. وتعتبر هذه التقنية الحديثة التي تُعطينا هامشاً من التنبؤ يمتد على 24 ساعة، حيويةً جداً للتعامل بشكلٍ فعال مع أي مشاكل محتملة قبل ظهورها".
يعتمد توجه الحقول المغناطيسية (magnetic fields) داخل التدفقات الإكليلية الكتلية على أمرين: شكلها الابتدائي أثناء إصدار الشمس لها، وتطورها أثناء تحركها نحو الأرض. وهي تُنتِج التدفقات الإكليلية من نقطتين فوق سطح الشمس، وتشكل سحابة على هيئة "كرواسّان" أثناء تحركها في الفضاء.
فيديو لانفجار عاصفة شمسية
هذه السحابة مليئة بالحقول المغناطيسية الملتوية، التي تتعرض للانزياح أثناء حركتها. وإذا ما واجهت إحدى تلك الحقول المغناطيسية الحقل المغناطيسي للأرض عند اتجاهٍ محدد، فإنهما سيتصلان معاً، مما يفتح باباً يسمح للمواد بالدخول، والتسبب في حصول عاصفة جيومغناطيسية (geomagnetic storm).
لقد اعتمدت التنبؤات سابقاً على قياس الثوران الابتدائي لـ"CME"، لكنها لم تكن فعالة في معرفة ما يحدث بين البداية وبين وصول السحابة إلى الأرض. تُلقي التقنية الجديدة نظرة أقرب على مكان حصول التدفقات الإكليلية فوق الشمس، وتستفيد من مجال واسع من المراصد لتعقب ونمذجة تطوّر السحابة.
اختبر الدكتور سافاني وزملاؤه النموذج على ثمانية تدفقات إكليلية سابقة، وأوضحت النتائج أن هذه التقنية واعدة جداً في مجال تحسين نظام التنبؤ الحالي بالعواصف الشمسية الكبيرة المتجهة نحو الأرض.
وإذا تمكن الباحثون من دعم هذه النتائج الأولية من خلال الاختبارات اللاحقة التي ستُجرَى في ناسا، فقد يصبح هذا النظام قيد الاستخدام من قِبَل "NOAA" في الولايات المتحدة الأمريكية، و"Met Office" في المملكة المتحدة بقصد التنبؤ بالعواصف الجيومغناطيسية.