خلايا شمسية شفافة بإمكانها تغطية ما نسبته 40% من طاقة الولايات المتحدة الأمريكية‎

حقوق الصورة: ريتشارد لونت Richard Lunt

تفوّقت الطاقة الشمسية على جميع التوقعات. ولا يتعلق الأمر فقط بازدياد معدل الإقبال عليها، وإنّما لكونها أيضًا الطاقة الجديدة الأقل تكلفةً على الإطلاق في العديد من البلدان وذلك بفضل إنشاء مزارع الطاقة الشمسية في جميع أنحاء العالم. حتى أنّ إحدى تلك المزارع تبدو وكأنها باندا عملاقة.

وعلى الرغم من ازدياد اعتمادنا على الطاقة الشمسية في استخداماتنا، إلا أنّنا لم نحسن استغلالها جيدًا حتى الآن. عندما نفكر في الخلايا الشمسية، نميل إلى تخيّل وحداتٍ ضخمةً على أسطح المنازل أو في صفيفات شمسيةٍ كبيرةٍ. ولكن هناك نوعٌ آخر من تكنولوجيا الطاقة الشمسية آخذًا في التطور، وهو غير مرئيٍّ تقريبًا.

درس الباحثون، على مدى سنواتٍ، طرقًا لإنتاج ألواحٍ شمسيةٍ شفافةٍ تمكن الرؤية من خلالها، وتكون بشكلٍ فعليٍّ شبيهةٍ بالزجاج، وهذا يعني إمكانية استخدامها كألواحٍ للنوافذ وفي نفس الوقت لتحويل الضوء الذي يسقط عليها إلى كهرباء.

يقول عالم المواد ريتشارد لونت Richard Lunt من جامعة ولاية ميشيغان Michigan State University: تمثل الخلايا الشمسية عالية الشفافية مستقبل التطبيقات الشمسية الجديدة". ويضيف لونت: "لقد أجرينا تحليلاتٍ على إمكانياتها وأظهرت النتائج أنه من خلال تجميع الضوء غير المرئي فقط، يمكن لهذه الأجهزة إظهار إمكانياتٍ في توليد الكهرباء بشكلٍ مماثلٍ للخلايا الشمسية على الأسطح ولكن مع توفير وظائف إضافيةٍ لتعزيز كفاءة المباني والسيارات والإلكترونيات المتنقلة".

توجّب على لونت معرفة القليل عن هذا النوع من الأشياء. طوّر فريقه في عام 2014 مكثفًا شفافًا للطاقة الشمسية المضيئة transparent luminescent solar concentrator والذي يبدو تمامًا مثل قطعةٍ من الزجاج الشفاف، ولكنه مغطىً بجزيئاتٍ عضويةٍ صغيرةٍ يمكنها امتصاص أطوالٍ موجيةٍ محددةٍ غير مرئيةٍ من أشعة الشمس. ولا يُحجب الضوء المرئي الذي يتيح الرؤية، وذلك بفضل ضبط المادة بحيث تلتقط موجات الأشعة فوق البنفسجية والأشعة تحت الحمراء القريبة. وهذا هو السبب في أننا يمكن أن نرى من خلال الخلية.

فحص لونت وزملاؤه الباحثون، في دراستهم الجديدة، كفاءة هذا النوع من التكنولوجيا الشمسية الشفافة، وقدّروا إمكانية توفير حوالي 40% من الطاقة في الولايات المتحدة الأمريكية إذا كان بالإمكان أن تغطي الألواح التي يمكن الرؤية من خلالها ما يتراوح من 5 إلى 7 مليار مترٍ مربعٍ من أسطح الزجاج في جميع أنحاء الولايات المتحدة.

وأشار تحليلٌ مماثلٌ أجرته وزارة الطاقة في العام الماضي، إلى أنّ الإمكانيات الشمسية على أسطح المباني في الولايات المتحدة الأمريكية يمكن أن تلبي نفس الكمية من احتياجات الطاقة باستخدام الألواح التقليدية.

بناءً على حسابات لونت، يمكن لهذين النوعين من الخلايا، اللذان يعملان بانسجامٍ بفضل المباني المغطاة تقريبًا بمواد تعمل على احتجاز الطاقة الشمسية، توفير كلّ الطاقة التي تحتاجها الولايات المتحدة الأمريكية على نحوٍ فعّالٍ، أو على الأقل تقربنا من تحقيق هذا الهدف بعيد المنال.
 



يقول لونت: "إن الاستخدام المتكامل لكلا التقنيتين يمكن أن يقربنا من تحقيق 100% من احتياجاتنا إذا قمنا بتحسين تخزين الطاقة أيضًا". ولن تكون المباني المستفيد الوحيد، سيكون بإمكان السيارات الكهربائية التي تستعمل الألواح الشمسية الشفافة تحويل ضوء الشمس إلى وقودٍ يُمكّنها السير أميالًا إضافيةً، ويمكن أن تستخدم الأجهزة الشخصية نفس الخدعة لزيادة عمر البطارية.

إنّ الأمر ببساطة هو جعل الأسطح من حولنا تمتص الضوء الذي لا يمكننا أن نراه على أيّ حالٍ. ويشير لونت إلى أنّ الطاقة الشمسية الشفافة في الظروف الحالية ليست بفعالية الألواح الشمسية التقليدية، بفعاليةٍ تُقدّر بـِ 5% مقارنة مع نسبةٍ تتراوح من 15 إلى 18% للألواح التقليدية.

كورت ستيبنيتز Kurt Stepnitz
كورت ستيبنيتز Kurt Stepnitz


ولحسن الحظ، هناك الكثير من النوافذ في ناطحات السحاب المتوسطة، ومع تطور التكنولوجيا، فمن المتوقع أن تتحسن الفعالية، وبالطبع سنحتاج إلى ذلك.

لا توفر الطاقة الشمسية في الوقت الحالي، إلا ما يزيد قليلًا عن 1% من الطاقة في الولايات المتحدة الأمريكية، وإذا أردنا أن نتخلى حقًا عن الوقود الأحفوري وتطويق استخدامه، فإنه ينبغي تعجيل استخدامنا للتكنولوجيا الشمسية، مثل هذه التكنولوجيا. ويقول لونت: "هذا هو ما نعمل من أجله".

ويضيف: "لقد أُجريت البحوث على تطبيقات الطاقة الشمسية التقليدية بنشاط لأكثر من خمسة عقود، بينما لم نعمل على هذه الخلايا الشمسية الشفافة إلا لمدة خمس سنوات. في نهاية المطاف، توفر هذه التكنولوجيا طريقًا واعدًا للاعتماد على الطاقة الشمسية على نطاقٍ واسعٍ وغير مكلفٍ بوضعها على الأسطح الصغيرة والكبيرة التي كانت في السابق غير قابلةٍ للوصول". إنّها تكنولوجيا رائعة بالفعل!

نُشرت النتائج في مجلة ناتشر إنيرجي Nature Energy.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات