يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
ماذا يحدث حين تسقط ديكاً رومياً من طائرة؟!

حقوق الصورة: Andy shup) The Northwest Arkansas Democrat -Gazette)

أُطلِق ديكٌ روميّ بريّ من طائرة كانت تحلّق فوق منطقة كروكد كريك Crooked Creek خلال المهرجان العدو (الهرولة) السنوي للديك الرومي في حفله الثاني والسبعون المقام في ييلفيل YellVille في أركانساس. والذي كان في ١٤ تشرين الأول/أكتوبر، ٢٠١٧.

وفي تقريرٍ نشر في تشرين الثاني/نوفمبر عام ٢٠١٧، أفاد مكتب الطيران الفدرالي في تحقيق أجراه حول الحدث، أنه لم يجد أي خروقاتٍ أو انتهاكاتٍ فيه.

لا تستطيع الديوك الرومية (الحبش) الأهلية الطيران، ولكن ذلك لم يوقف الناس في بلدة صغيرة في أركانساس عن إسقاط هذه الطيور من طائراتٍ صغيرةٍ في مهرجان سنويٍ Turkey Trot، والذي لاقى معارضةً كبيرةً من قِبل نشطاء حقوق الحيوان.

في حين أن الديوك الرومية لا تستطيع أن ترفرف بأجنحتها وتحلّق عالياً كطيور أخرى كثيرة، ولكنها تستطيع إبطاء هبوطها بعض الشيء حسب ما قاله بروفيسور التشريح في جامعة كالفورنيا الجنوبية، الدكتور مايكل حبيب Michael Habib، الذي يدرس نشوء وتطور التحليق (الطيران) عند الطيور لموقع Live Science: "إن الكثير من الطيور غير القادرة على الطيران لديها أجنحة تمكنها من الارتفاع والصعود عالياً، ولكنها غير كافية لتمكنها من التحليق".

المهرجان هو المهرجان السنوي لعدو الديك الرومي السنوي في ييلفيل (YellVille)، وخلال الـ 50 سنة الفائتة من المهرجان كان طيار محلي يقود طائرة ويُسقط الديوك الرومية الأهلية من علوٍ يبلغ حوالي 150 متراً (500 قدم) فوق الحقول المحلية، وذلك حسب موقع Huffington post.

المشكلة في الديوك الرومية الأهلية هي أنها لا تستطيع إبطاء هبوطها لوقتٍ طويلٍ بل يعتمد ذلك على المُدّة التي تستطيع فيها المحافظة على الرفرفة بأجنحتهم، حيث أبرز الدكتور حبيب أن هذه الديوك قوية جداً لكن لفترات قصيرة، تماماً كالعدّائين من البشر، بيد أنها لا تستطيع المحافظة على هذه القوة لوقتٍ طويلٍ. لذا من المحتمل أن ترفرف تلك الديوك بأجنحتها بعنفٍ خلال الجزء الأول من الهبوط على الأقل، وتطير بطريقةٍ مشابهةٍ لأقربائها الديوك البريّة.

وحسب موقع "Ask The Van" في قسم الفيزياء في جامعة إلينوي، تدفع الطيور بأجنحتها بالهواء نحو الأسفل أثناء الطيران، مما يؤدي إلى خلق دفعة تضغط الطائر للأعلى وعندما تعلو الأجنحة فإنها تحني وتدفع كمية هواء أقل لأنها لم تعُد ممتدة كما كانت. وهذا ما يسمح للطائر العادي أن يحافظ على نفسه عالياً ويبقى مرتفعاً، وبأهمية مماثلة يسمح له بأن يخلق حركة (سير) متقدمة للأمام.

وتولّد هذه الحركة الأمامية الرّفعة أو الصعود عالياً لأنه بمرور الهواء فوق الطائر تصبح طبقة الهواء فوقه أقل كثافة من الطبقة السّفلى، ويحلّق الطائر في الطبقات الأكثر كثافة. وهذا ما يفسر إمكانية بعض أنواع الطيور على التحليق، كالعقبان والنسور، إذاً يستطيع الطائر أن يحوم و "يتقدم" للأمام بالقيام بدفعة أمامية كافية، حيث يخلق شكل الأجنحة جرياناً أقل كثافةً في الجزء الأعلى من الهواء، تماماً كجناح الطائرة. وتتميز طيور البطروس (النورس) بقدرتها على القيام بذلك بشكلٍ جيد حيث تمتلك أجنحة طويلة وأجساماً صغيرة.

بينما تكون الديوك الرومية الأهلية ثقيلة جداً نسبةً لمساحة أجنحتها وذلك يمنعها من القيام بالتحليق المدفوع أو الحوم بشكلٍ جيد حسب ما قال الدكتور حبيب. فإن اجتماع كلٍّ من عامِلي الدفعة الأمامية والارتفاع السَّلس، غير كافٍ لاجتياز مسألة وزن الطائر.

ولهذا السبب -كما أفادت شبكة أركانساس أون لاين- من بين 12 ديكاً أُسقِطوا عام 2016 مات طائران نتيجة الارتطام بالأرض أثناء هذا الحدث. وأضاف حبيب أن هذه الديوك لا تستطيع الحوم بشكلٍ جيد بسبب شكلها ووزنها، فبالرغم من قُدرة أجنحتها على خلق رفعة بشكلٍ ضئيل، لكنها لا تملك الشكل المثالي، وأجسادها ثقيلة جداً على القيام بتلك العمليّة.

وهناك طيورٌ أخرى أيضاً لديها قدرة أقل على إبطاء سقوطها بهذه الطريقة. فمثلاً كما قال الدكتور حبيب: "لا تكون نسب نجاح النعام في ذلك أكثر منك أو مني". وذلك لأن أجنحتها صغيرةً جداً نسبةً لحجم أجسادها، مما يجعلها غير قادرة على خلق أي رفعة كبرى على الإطلاق. كما يضيف: "لا تستطيع الديوك الرومية الأهلية الطيران، لكن البريّة منها لديها القدرة على ذلك. وحالها حال طائفةٍ أخرى من ذات نوعها، تُدعى Galliformes، فهي لا تستطيع الطيران لمسافةٍ طويلةٍ، بل بما يكفي لتتمكن من القفز على شجرة أو الهروب من خطرٍ ما".

فهناك مثلاً بعض الطيور من نفس هذه الفصيلة، وتتضمن الدجاج، الإوز والطواويس، تستخدم أجنحتها أحياناً لتساعدها على القفز فوق الأشجار والمنحدرات. وتستخدمها أيضاً لتخفيف سقوطها أرضاً عندما تحتاج للهبوط. وهذا ما يحدث كثيراً عند طائرٍ يُدعى شوكار Chukar، وهو طائرٌ محليٌّ في أوراسيا Eurasia، حيث بإمكانه الوصول لمرتفعٍ لا يُقارب أو يُقارن بذاك الذي تُلقى منه الديوك الرومية في مهرجان الديوك، بل محدودٌ بارتفاع الأشجار والجروف الصغيرة.

أوضح الدكتور أيضاً، أنه يمكن الاستدلال على هذه القدرة على الطيران أو عدمها من خلال "لون" لحم الطيور. فقد نجد أن الاستقلاب في العضلات في سيقانها (أفخاذها) وأجنحتها هو أحد الأسباب وراء كون اللحم فاتحاً أو غامقاً. فمثلاً، عندما يكون اللحم غامقاً في الأفخاذ هذا يدل على احتواء العضلات على مادة الميوغلوبين Myoglobin، وهي جزيئات تحمل الأوكسجين، وتسمح لتلك العضلات بأن تعمل لمدّةٍ أطول بشكلٍ فعّالٍ، وتصبح هذه العضلات أغمق أكثر عندما نطهوها.

بينما لا تستخدم العضلات ذات اللحم الأبيض وما تُسمّى "عضلات الاختلاج السريع" الكثير من الأوكسجين فهي غير مصمّمة على العمل لمدّة طويلة، ولكنّها قويّة بنفس الوقت. والسبب الذي يجعل لون لحم صدرها أفتح هو أنه عبارة عن عضلة ذات اختلاجة أو حركة سريعة جداً (بيد أنه هو الذي يُقوّي ويدفع الجناحان). إذاً، فالميوغلوبين هو السّر وراء اللون الغامق في صدر الحيوانات التي تطير لمسافاتٍ طويلةٍ، كالبط، حيث تبدو صدورها قاتمة كشرائح لحم البقر. ويضيف حبيب أن العضلات القوية ذات الاختلاجة السريعة تفسّر لنا إمكانيّة الطيور الثقيلة نسبيّاً -كالديوك الرومية البريّة- على الطيران وتعبها السريع بنفس الوقت.

أخيراً، تبدو وبشكلٍ جليٍّ إمكانية عدم القدرة على الطيران عند الطيور، وهذا ما يحدث مع الديوك الرومية المنزلية والدجاج. لكنها تظهر أيضاً عند الطيور التي تعيش بدون أي ضغطٍ من المفترسين، وذلك لعدم وجود أي سببٍ يجعلها تمتلك مهارات للهرب. وأضحت كل من طيور الكاكابو kakapo (من عائلة الببغائيات) وطيور الدودو Dodo التي كانت قريبة من طيور الحمام، غير قادرة على الطيران بتلك الطريقة. فبكلا الحالتين كما أفاد الدكتور حبيب، يوجد عدد قليل جداً من المفترسين على الأرض في بيئات الجُزر التي تقطنها تلك الحيوانات. حيث اتجهت طيور الكاكابو، وهي الطّيور المحليّة في نيوزيلندا New Zealand، نحو الانقراض عندما أقدم السكان على جلب واستدراج الجرذان والقطط إلى تلك المنطقة. كما اعتُقِد أن البشر قتلوا طيور الدودو، التي عاشت في موريشيوس Mauritius، لغرض الطعام والغذاء، ولكن ما لبثت أن باتت فرائس للجرذان التي جلبها الناس إلى هناك. وقد مات آخرها في القرن السابع عشر.

وبغض النظر عن قُدرة هذه الديوك على الطيران أم لا، ليس من المُستحسن لها أن تُرمى ويُلقى بها بهذا الشكل، حيث يختم الدكتور حبيب بقوله: "إنه فعلٌ لا أخلاقي".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات