نجمان، ثلاثة أبعاد، وكميات هائلة من الطاقة

المصدر: Illustrated model: NASA/CXC/M.Weiss

على مدى عقودٍ، عرف علماء الفلك انفجاراتٍ غير منتظمةٍ من النظام النجمي المزدوج V745 أسكو (V745 Sco)، والواقع على بعد نحو 25,000 سنةٍ ضوئيةٍ من الأرض.

وقد فوجئ علماء الفلك عند مشاهدة انفجاراتٍ سابقةٍ من هذا النظام في عامي 1937 و 1989. ولكن عندما ثار النظام النجمي في 6 شباط/فبراير 2014، كان العلماء مستعدين لمراقبة الحدث مع مجموعةٍ من التلسكوبات بما في ذلك مرصد تشاندرا للأشعة السينية التابع لوكالة ناسا (NASA’s Chandra X-ray Observatory).

V745 أسكو هو نظامٌ نجميٌّ ثنائيٌّ يتكون من نجمٍ عملاقٍ أحمر red giant وقزمٍ أبيض white dwarf مرتبطَين معًا بواسطة الجاذبية. يدور هذان الجسمان النجميان حول بعضهما البعض عن قربٍ لدرجة أن قوة الجاذبية الشديدة للقزم الأبيض تسحب الطبقات الخارجية للعملاق الأحمر بعيدًا. هذه المادة تسقط تدريجيًا على سطح القزم الأبيض. ومع مرور الوقت، قد يتراكم ما يكفي من المواد على القزم الأبيض مطلقًا انفجارًا حراريًا هائلًا، مما يتسبب بإحداث سطوعٍ كبيرٍ من هذا النظام الثنائي يُدعى بالـ نوفا (nova). شاهد علماء الفلك ضوء V745 اسكو يتلاشى على مدار تسعة أيام.

رصد علماء الفلك V745 أسكو بمرصد تشاندرا لمدة أكثر من أسبوعين بعد ثوران 2014. وكانت النتيجة الرئيسة التي بدت لهم هي أن معظم المواد التي لفظها الانفجار كانت تتجه نحونا.

ولتوضيح ذلك، قام فريقٌ من العلماء من المعهد الوطني لفيزياء الفلك في باليرمو، ومن جامعة باليرمو، ومركز هارفارد سميثسونيان للفيزياء الفلكية ببناء نموذجٍ حاسوبيٍّ ثلاثي الأبعاد (3D) للانفجار، وتعديل النموذج حتى فُسِّرت المشاهدات. وضَمَّنَ العلماء في هذا النموذج قرصًا كبيرًا من الغاز البارد حول خط الاستواء للنظام الثنائي والناجم عن سحب القزم الأبيض لرياحٍ من الغاز المتدفق بعيدًا عن العملاق الأحمر.

وأظهرت حسابات الكمبيوتر أنه من المرجح أن تتركز الموجة العاصفة لانفجار النوفا والمواد المقذوفة على امتداد القطبين الشمالي والجنوبي للنظام الثنائي. وكان هذا الشكل بسبب اصطدام موجة الانفجار بعنف بقرص الغاز البارد الموجود حول النظام الثنائي. تسبّب هذا التفاعل بإبطاء موجة الانفجار والمواد المقذوفة على طول اتجاه هذا القرص وإنتاج حلقةٍ متوسعةٍ من الغاز الساخن، والأشعة السينية المنبعثة منها. وامتصّت المادة التي تتحرك بعيدًا عنّا مُعظمَ الأشعة السينية وحجبتها المواد التي تتحرك نحو الأرض، موضحًا السبب في أن معظم المواد كانت تتحرك نحونا.

في الشكل الذي يوضح نموذج الانفجار ثلاثي الأبعاد، تظهر موجة الانفجار باللون الأصفر، والكتلة التي قذفها الانفجار باللون البنفسجي، وقرص المواد الأبرد، والتي في معظمها لم تمسها آثار موجة الانفجار باللون الأزرق. وينتج التجويف الظاهر على الجانب الأيسر من المواد المقذوفة عن حطام سطح القزم الأبيض والمتباطئ نتيجة اصطدامه بالعملاق الأحمر. وتُظْهِرُ صورةٌ متداخلةٌ لمرصد سيدينغ سبرينغ في أستراليا (Siding Springs Observatory) صورةً بصريةً للنظام النجمي V745 اسكو في المركز.

وقد أُطلقت كميةٌ هائلةٌ من الطاقة أثناء الانفجار، ما يعادل نحو عشرة ملايين تريليون قنبلةٍ هيدروجينيةٍ. ويقدّر المشاركون في البحث أن موادَّ تزن عُشر كتلة الأرض تقريبًا قد قُذفت.

في حين أن هذه القذفة المثيرة للإعجاب كانت بحجم نجمٍ، فإن كمية الكتلة المقذوفة لا تزال أصغر بكثيرٍ من الكتلة التي حَسبها العلماء واللازمة لإشعال مثل هذا الانفجار. وهذا يعني أنه على الرغم من الانفجارات المتكررة، فإن كميةً كبيرةً من المواد ما زالت تتراكم على سطح القزم الأبيض. وإذا تراكم ما يكفي من المواد، يمكن أن يتعرض القزم الأبيض لانفجارٍ حراريٍّ نوويٍّ ويتدمر بالكامل. يستخدم علماء الفلك المستعرات العظمى supernovas من النوع أيا (Type Ia) كعلاماتٍ للأبعاد الكونية لقياس توسع الكون.

وتمكن العلماء أيضًا من تحديد التركيب الكيميائي للمواد التي قذفها الانفجار. ويوحي تحليلهم لهذه البيانات أن القزم الأبيض يتكوّن أساسًا من الكربون والأكسجين.
 
ونُشِرت ورقةٌ تصف هذه النتائج في 1 شباط/فبراير 2017 من إصدار الإشعارات الشهرية للجمعية الفلكية الملكية (Monthly Notices of the Royal Astronomical Society)، وتتوفر على شبكة الإنترنت.

المشاركون في البحث هم سالفاتوري أورلاندو (Salvatore Orlando) من المعهد الوطني لفيزياء الفلك في باليرمو في إيطاليا، جيريمي دريك (Jeremy Drake) من مركز هارفارد سميثسونيان للفيزياء الفلكية في كامبريدج، ما وماركو ميتشيلي (MA and Marco Miceli) من جامعة باليرمو.

ويقوم مركز مارشال للطيران الفضائي التابع لوكالة ناسا (NASA's Marshall Space Flight Center) في هانتسفيل بولاية ألاباما (Huntsville, Alabama) بإدارة برنامج تشاندرا لمديرية بعثة العلوم التابعة لوكالة ناسا (NASA's Science Mission Directorate) في واشنطن.

ويتحكم مرصد سميث سونيان للفيزياء الفلكية في كامبريدج، ماساتشوستس، بعمليات تشاندرا العلمية والرحلات الجوية.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • القزم الأبيض (White dwarf): هو ما ستؤول إليه الشمس بعد أن ينفذ وقودها النووي. عندما يقترب من نفاذ وقوده النووي، يقوم هذا النوع من النجوم بسكب معظم مواده الموجودة في الطبقات الخارجية منه، مما يؤدي إلى تشكل سديم كوكبي؛ والقلب الساخن للنجم هو الناجي الوحيد في هذه العملية.
  • العملاق الأحمر (red giant): أو النجم العملاق الأحمر، هي المراحل الأخيرة من تطور نجم ميت، وستتحول شمسنا في مراحلها الأخير إلى هذا النوع من النجوم.
  • المستعرات الفائقة (السوبرنوفا) (supernova): 1. هي الموت الانفجاري لنجم فائق الكتلة، ويُنتج ذلك الحدث زيادة في اللمعان متبوعةً بتلاشي تدريجي. وعند وصول هذا النوع إلى ذروته، يستطيع أن يسطع على مجرة بأكملها. 2. قد تنتج السوبرنوفات عن انفجارات الأقزام البيضاء التي تُراكم مواد كافية وقادمة من نجم مرافق لتصل بذلك إلى حد تشاندراسيغار. يُعرف هذا النوع من السوبرنوفات بالنوع Ia. المصدر: ناسا

اترك تعليقاً () تعليقات