عدسات بالغة الرقة خالية من الانحرافات اللونية

قام باحثون من الولايات المتحدة الأمريكية بتصميم وتطوير نوع جديد من العدسات المسطحة بالغة الرقة لتكون خالية من الانحرافات اللونية. ولهذه العدسات الكثير من التطبيقات المحتملة، من أنظمة التصوير الخفيفة جداً، والاستخدام في الطائرات من دون طيار إلى العدسات المدمجة لكاميرات الهواتف المحمولة.

تعتمد العدسات الخاصة بالكاميرات أو النظارات أو التطبيقات الأخرى تقليدياً على البصريات الكاسرة التي تتضمّن استخدام العدسات المنحنية لثني أشعة الضوء. فالقوة البصرية للعدسة التقليدية (أي مقدار قوة ثنيها للضوء)، تتناسب مع سمكها، أي أنّ العدسات الكاسرة التقليدية لايمكن أن تكون رقيقة جداً.

تعاني العدسات الكاسرة أيضاً من التشتت اللوني؛ لأن مقدار ثني الضوء الأزرق أكبر من الضوء الأحمر ولذلك يتم التقاط العديد من الصور خلال مجموعة من الأبعاد البؤرية. بإمكان العديد من العدسات إلغاء ذلك التشتت، لكنّ هذا يؤدي إلى زيادة الوزن والسمك وتكلفة نظام العدسة.

تمهد العدسات الانحرافية (Diffractive lenses) الطريق إلى العدسات شديدة الرقة من خلال إعادة توجيه الضوء باستخدام التَداخل بين أمواج الضوء عند دخولها إلى سلسلة من الشقوق في مادة غير منفذة للضوء. يمكن أن تكون هذه العدسات مسطحة بطريقة فعالة، ولذلك فهي أخف وأرقّ بكثير من البصريات الكاسرة. لكنّ العدسات الانحرافية تعاني من تشتت أكبر بكثير. ولزيادة تعقيد الأمور، فإنّ هذا التشتت غير طبيعي ويثني الضوء الأحمر أكثر من الأزرق.

السطوح الخارقة الرقيقة Metasurface


في عام ٢٠١٥ أظهر فيدريكو كاباسو Federico Capasso من جامعة هارفرد وزملاؤه إمكانية صنع العدسة المسطحة بطريقة تسمح لها بتركيز كلّ ألوان ضوء النطاق العريض (broadband light) على نفس السطح. كشف الفريق بعدها عن جهاز يركّز الأشعة تحت الحمراء ذات النطاق العريض إلى خط واحد باستخدام سطح خارق رقيق. 

يستخدم هذا الجهاز مرنانات عازلة كهربائياً (dielectric resonators) تتفاعل مباشرة مع المجال الكهرومغناطيسي لأمواج الضوء لنقلها لأي مرحلة تغيّر مطلوبة. لكنّ هذه التقنية لها مشاكلها الخاصة، فصنع السطوح الخارقة يتطلب دقة هندسية؛ لأنّ المرنانات يجب أن تكون أصغر من الطول الموجي للضوء المركز. كما أنّ السطوح الخارقة تملك مسبقاً حساسية للاستقطاب (polarization-sensitive)، بينما يجب أن تركز عدسةُ الكاميرا للأغراض العامة الضوءَ غير المستقطب.

الآن، راجيش مينون Rajesh Menon من جامعة يوتاه وزملاؤه قد ركزوا ضوء النطاق العريض للضوء المرئي باستخدام طرق مختلفة تتضمن صنع سلسلة من الأخاديد على سطح من زجاج الصودا والجير. ثم تم اختيار ارتفاع وعرض كل أخدود باستخدام خوارزمية حاسوب عملت على تحسين التركيز على الطيف المرئي بأكمله. وشمل هذا استخدم التشتيت التقليدي للمواد الزجاجية للتعويض عن التشتيت غير السوي للمشبك، فمثل تلك الأمواج ستتركز على نفس الخط بصرف النظر عن طول الموجة.

دقة أقل مطلوبة


أنار الباحثون العدسة باستخدام الضوء عند أطوال موجية متغيرة لاختبار جهازهم، ثم قاسوا المسافات عند الطول الموجي للضوء الذي تم تركيزه. كانت الاختلافات قابلة للمقارنة مع العدسات التجارية الكاسرة للضوء "عديمة اللون"، وبتغيير قطبية الضوء لم يكن هناك أي فوارق قابلة للكشف.

 

علاوة على ذلك، لن يتطلب إنشاء السطح ذي الأخاديد نفس الدرجة من الدقة الهندسية التي تتطلبها المرنانات. فقياس الجزء الأصغر على السطح الزجاجي كان 3 ميكرومتر، بينما حسب الباحثون أن السطح الخارق سيحتاج إلى مرنان بقياس 39 نانومتر للقيام بالعمل نفسه.

يعمل مينون وزملاؤه الآن على تطوير عدستهم أكثر. يقول مينون: "ما عرضناه هو وظيفة واحدة للعدسة فقط. لاستخدامها في الكاميرا، يجب عليك أن تكون قادراً على صنع صور جيدة، وذلك سيتطلب المزيد من العمل".

يقول جون بيندري John Pendry من كلية إمباريال لندن: "ساهم كلّ من مينون وغابتسو في تقدّم مهم جعل من العدسات الانحرافية مقترحاً عملياً لتطبيقات النطاق العريض".


يشكّك بيندري بأن التكلفة المرتبطة بالإنتاج على نطاق كبير لتصميم غاباسو قابلة للضبط. ويضيف: "التكنولوجيات المستخدمة في صناعة الرقائق يمكن أن تنخفض إلى ذلك النوع من الحلول لحجم الإنتاج. وسيكون الأداء مقياساً أفضل للمقارنة. ويتبقى لنا رؤية أي الحلول سيفوز في الشروط العملية".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات