انتشرت في الآونة الأخيرة أخبار عن نظرية جديدة جذريا، تقترح أن الكون قد بدأ من ثقب أسود مفرط الأبعاد، ويبدو أن مصدر معظم هذه التقارير ينبع من مقالة نشرت منذ فترة على مدونة Nature، وهي تقتبس من ورقة البحث الأصلية، لذلك دعونا نجري تذكيراً صغيراً بالواقع.
إلى الآن لم يتخلَّ أحد عن نموذج الانفجار الكبير، ورقة البحث الأصلية لم تتعرض بعد لنقد النظراء "peer reviewed" وهي لا تقدم نظرية جديدة كليا بحيث تلغي الانفجار الكبير، ما تتحدث عنه الورقة فعليا هو نظرية جاذبية ذات أبعاد أعلى.
تصف نظرية الجاذبية "النسبية العامة" الكون كشكل هندسي يمتلك ثلاثة أبعاد في الفضاء وبعد واحد في الزمن، يسمى هذا التصور أحيانا بفضاء 3+1، ويعطي وصفاً دقيقاً جدا للكون الذي نشاهده.
ولكن يحاول المنظرون أن يتلاعبوا بنماذج بديلة ليروا كيف يمكن أن تختلف النتيجة عن النسبية العامة المعتادة، قد ينظروا إلى فضاء 2+1، حيث يعتبر الفضاء مسطحا مع الوقت، أو 2+2 حيث يوجد بعدان للزمن، هذا لايعني بالضرورة أن أي شيء من هذه النماذج حقيقي، ولا يوجد هناك فعليا أي دليل تجريبي يثبت أي نموذج بإستثناء 3+1، ولكن وجود نماذج بديلة مفيد؛ لأنه يساعدنا على فهم النسبية العامة بشكل أعمق.
في هذه الورقة العلمية يستكشف المؤلفون جاذبية 4+1. وهو كون بخمسة أبعاد حيث يمتلك 4 أبعاد في الفضاء، وبعداً في الزمن.
في عام 2000 اقترح فريق آخر من المؤلفين نموذجا ينظر إلى نموذج 3+1 التقليدي كغشاء ضمن كون أكبر 4+1، وهذا الطرح مشابه لكون 2+1 الذي يمكن تخيله كسطح ثنائي الأبعاد (غشاء) ضمن فضاء ثلاثي الأبعاد.
في ورقة البحث الصادرة في عام 2000 أظهر المؤلفون أنه بإمكان كون 4+1 مع غشاء 3+1 أن ينتج جاذبية كالتي نراها فعليا.
البحث الجديد يأخذ هذا النموذج خطوة أبعد، حيث يظهر المؤلفون أن جاذبية 4+1 تسمح بوجود ثقوب سوداء؛ بالتالي إذا امتلك كون 4+1 نجوم كبيرة، قد تنهار بعض هذه النجوم إلى ثقوب سوادء مفرطة رباعية الأبعاد.
الثقوب السوداء المفرطة ستمتلك نقطة تفرد مركزي "central singularity" ذات طاقة «مادة» شديدة الحرارة والكثافة تماما مثل الثقوب السوداء التقليدية.
وأكمل المؤلفون إظهار أن الثقوب السوداء المفرطة ذات الظروف المناسبة قد تتمكن من إيجاد غشاء ثلاثي الأبعاد، و ليس ذلك فحسب بل إن هذا الغشاء الجديد قد يكون مشابهاً جدا للكون المبكر الذي شاهدناه فعليا.
بعبارة أخرى، إذا تخيلنا كون 4+1 خماسي الأبعاد، وإذا استطاع هذا الكون تكوين نجوم إنهارت إلى ثقوب سوداء مفرطة، وإذا امتلكت إحدى هذه الثقوب الطاقة المناسبة فقد يكون بإمكان هذه الثقوب إنتاج غشاء كوني خماسي الأبعاد.
وإذا إستطاع هذا الكون تكوين نجوم إنهارت إلى ثقوب سوداء مفرطة ، وإذا امتلكت إحدى هذه الثقوب الطاقة المناسبة إذاً قد يكون بإمكان هذه الثقوب إنتاج غشاء كوني 3+1 ذو بداية تشبه الأنفجار الكبير. وهنا نلاحظ الكثير من الافتراضات "إذا".
لنكون صريحين، هذا عمل نظري جيد، هذا النموذج مثير للإهتمام، وهو يظهر صلة تثير الفضول بين الكون الذي نراه وجاذبية ذات أبعاد أعلى، وباستطاعة هذا النموذج أن يتناول بعض القضايا في علم الفلك، ولكنه أيضا يتوقع أن الكون مسطح، وهو كما ذكر سابقا قد لا يكون صحيحا.
لاحظ المؤلفون هذه المشكلة، وبالتالي فقد كانوا حريصين على ألا يصرحوا بافتراضات كبيرة، وقد وضح المؤلفون طرقاً ممكنة لاختبار هذا النموذج. وهذا ما يفعله المنظِّرون الجيدون.
ولكن في الوقت الحالي لا يوجد أي دليل تجريبي يدعم أبعاد أعلى ولا حتى ثقوب سوداء مفرطة، وبالتالي لا تقوموا برمي الإنفجار الكبير .