يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
مصفوفة فلبا VLBA تبشر بتصور كامل عن درب التبانة

النهاية الشرقية لمصفوفة الخط الأساسي الطويل جداً (فلبا) (VLBA) - سانتا كروز، جزر العذراء الأمريكية. الحقوق: VLBA

لقد تمكن علماء الفلك مستخدمين مصفوفة الخط الأساسي الطويل جداً Very Long Baseline Array واختصارا فلبا (VLBA) التابع للمركز القومي للعلوم من قياس البعد مباشرة بين الشمس ومنطقة تكوُّن نجوم على الجانب الآخر من مجرة درب التبانة، وهذا الإنجاز يضاعف تقريبًا الرقم القياسي السابق للأبعاد المقاسة في مجرتنا.

قال ألبرتو سانا Alberto Sanna من معهد ماكس-بلانك للفلك الراديوي (MPIfR) بألمانيا: "هذا يعني أنه باستخدام مصفوفة فلبا يمكننا الآن وبدقة رسم خريطة لكامل امتداد مجرتنا".

قياس الأبعاد ضروري لفهم تركيب درب التبانة؛ حيث تتخذ معظم مواد المجرة -المكونةً بشكل أساسي من النجوم والغاز والغبار- شكل قرص مسطح؛ حيثما يوجد نظامنا الشمسي، ولأننا لا نستطيع رؤية المجرة من أحد وجهيها؛ فيمكن فقط تصور تركيبها متضمنًّا شكل أذرعها الحلزونية عبر قياس الأبعاد بين الأجسام الأخرى في المجرة.

استخدم العلماء تقنية تُسمَّى المنظور المثلثي trigonometric parallax والتي استُخدمت أول مرة عام 1838 لقياس البعد بين النجوم. تقيس هذه التقنية التحول الظاهري في موقع جرم سماوي في السماء كما يُرى من الجوانب المقابلة لمدار الأرض حول الشمس، يمكن توضيح هذه الظاهرة بوضع إصبع أمام أنف أحدهم، وجعله يغلق إحدى عينيه بالتبادل؛ سيبدو الإصبع وكأنه يقفز من جانب لآخر.

يسمح قياس زاوية التحول الظاهري لمكان الجرم بهذه الطريقة للعلماء أن يحسبوا البعد مباشرةً إلى الجرم باستخدام حساب المثلثات البسيط، وكلما قلت الزاوية زاد البعد. تستطيع مصفوفة فلبا (وهي نظام تلسكوب لاسلكي بعشر هوائيات على امتداد قارة موزع عبر أمريكا الشمالية وهاواي وجزر الكاريبي) قياس الزوايا الصغيرة المصحوبة بأبعاد كبيرة، في هذه الحالة كان القياس مساويًا للحجم الزاوي لكرة بيسبول على سطح القمر.

إن عمليات الرصد الجديدة التي قامت بها فلبا في عامي 2014 و2015 قاست مسافةً تصل لأكثر من 66000 سنة ضوئية من الشمس إلى منطقة تكون نجوم تسمى G007.47+00.05 على الجانب الآخر من درب التبانة، أبعد بكثير من مركز المجرة مسافة تصل إلى 27000 سنة ضوئية، وقد كان التسجيل الأخير لقياس مناظر حوالي 36000 سنة ضوئية.

قال سانا: "تقع معظم النجوم والغاز في مجرتنا ضمن هذه المسافة المقاسة حديثًا من الشمس، باستخدام فلبا نمتلك القدرة الآن لقياسات أبعاد كافية حتى نتعقب بدقة أذرع المجرة الحلزونية ونعرف أشكالها الحقيقية".

ولقد قاست عمليات رصد فلبا المسافةَ إلى منطقة حيث تولد النجوم الجديدة، وتشمل مثل تلك المناطق أماكنَ حيثما تعمل جزيئات الماء والكحول الميثيلي كمضخمات طبيعية لإشارات الراديو أو ما يمكن أن نسميه الميزرات (مفرده الميزر) (masers) وتكافئ في تأثيرها على الأمواج الراديوية تأثير الليزر على الأمواج الضوئية. وهذا التأثير يجعل إشارات الراديو واضحة وقابلة للرصد عبر التلسكوبات الراديوية.

يقول كارل مينتين Carl Menten من MPlfR: "تحتوي درب التبانة على المئات من مثل هذه المناطق المكونة للنجوم مشتملةً على الميازر؛ ولهذا نمتلك وفرة من المناطق كنقاط علّام يمكن الاستعانة بها في مشروع رسم التصور لمجرتنا؛ ولكن منطقتنا هذه مميزة. إننا نبحث في كل مكان عبر المجرة بدءًا من مركزها وإلى الجهة الأخرى".

يهدف علماء الفلك إلى الوصول أخيرًا إلى هيئة مجرتنا إذا غادرناها وابتعدنا عنها لمليون سنة ضوئية مثلًا، ونتمكن من رؤية أحد وجهيها وليس مستوى قرصها، ستتطلب هذه المهمة عمليات رصد أكثر بكثير وعملاً شاقاً جدًّا، ولكن العلماء يقولون أن الأدوات المطلوبة للمهمة متوفرة الآن لدينا، فكم سيستغرق هذا؟

تنبأ مارك ريد Mark Reid من مركز هارفارد-سميثسونيان لفيزياء الفلك (CFA): "خلال السنوات العشر القادمة نتوقع أن يكون لدينا تصور كامل وصحيح".

عمل كل من سانا ومينتين وريد مع توماس ديم Thomas Dame من الـ CFA وأندرياس برانثيلر Andreas Brunthaler من MPIfR، ونشر الفريق ما رصدوه في مجلة Science بتاريخ 13 تشرين الأول/أكتوبر.
 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الميزر (maser): : Maser ﺇﺧﺘﺼﺎﺭﺍً ﻟـ Microwave Amplification by Stimulated Emission of Radiation ﺃﻱ ﺗﻀﺨﻴﻢ ﺍﻟﻤﻮﺟﺔ ﺍﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﺑﺎﻻﺑﺘﻌﺎﺙ ﺍﻟﻤﺴﺘﺜﺎﺭ ﻟﻺﺷﻌﺎﻉ ﻫﻮ ﺟﻬﺎﺯ ﻳﻮﻟﺪ ﺃﻭ ﻳﻀﺨﻢ ﺍﻟﻤﻮﺟﺎﺕ ﺍﻟﺪﻗﻴﻘﺔ . ﻻ ﻓﺮﻕ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﻠﻴﺰﺭ ﻭﺍﻟﻤﻴﺰﺭ ﻣﻦ ﺣﻴﺚ ﺍﻟﻤﺒﺪﺃ, ﺇﻻ ﺃﻥ ﻛﻼ ﻣﻨﻬﻤﺎ ﻳﻌﻤﻞ ﻓﻲ ﺣﻘﻞ ﻣﻮﺟﺎﺕ ﻳﺨﺘﻠﻒ ﻋﻦ ﺣﻘﻞ ﻣﻮﺟﺎﺕ ﺍﻵﺧﺮ. ﻓﺎﻟﻤﺎﻳﺰﺭ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﻛﻤﻀﺨﻢ ﻟﻠﻤﻮﺟﺎﺕ ﺍﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﻌﻤﻠﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺮﺍﺩﺍﺭ ﻭﺍﻻﺗﺼﺎﻻﺕ ﺍﻟﻔﻀﺎﺋﻴﺔ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ؛ ﺫﻟﻚ ﻧﻈﺮﺍً ﻟﻀﻌﻒ ﺍﻟﺘﺸﻮﻳﺶ ﻓﻴﻪ , ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺴﺘﻌﻤﻞ ﺍﻟﻠﻴﺰﺭ ﻓﻲ ﺣﻘﻞ ﺍﻟﻤﻮﺟﺎﺕ ﺍﻟﻀﻮﺋﻴﺔ ﺍﻟﻤﺮﺋﻴﺔ ﺍﻟﻘﺮﻳﺒﺔ ﻣﻨﻬﺎ . ﻭﺍﻟﺠﺰﺀ ﺍﻟﺮﺋﻴﺴﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻴﺰﺭ ﻣﺎﺩﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﻗﺪ ﻭﺿﻌﺖ ﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﺴﺘﺜﺎﺭﺓ؛ ﺃﻱ ﺃﻋﻠﻰ ﻃﺎﻗﺔ . ﻓﻲ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﺎﻟﺔ ﺗﻜﻮﻥ ﺫﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ ﻗﺎﺩﺭﺓ ﻋﻠﻰ ﺇﻃﻼﻕ ﻃﺎﻗﺔ ﺫﺍﺕ ﺗﺮﺩﺩ ﻣﻌﻴﻦ، ﻋﻨﺪﻣﺎ ﺗُﺴﺘﺜﺎﺭ ﺑﻤﻮﺟﺔ ﺩﻗﻴﻘﺔ ﺑﻨﻔﺲ ﺍﻟﺘﺮﺩﺩ . ﻭﺗُﻀﺎﻑ ﺍﻟﻄﺎﻗﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻨﻄﻠﻖ ﻣﻦ ﺍﻟﺬﺭﺍﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻮﺟﺔ ﺍﻟﻤﺴﺘﺜﺎﺭﺓ ﻟﺘﻀﺨﻴﻤﻬﺎ . ﻭﻓﻲ ﺣﺎﻟﺔ ﻣﻴﺰﺭ ﻏﺎﺯ ﺍﻟﻨﺸﺎﺩﺭ ﺗُﺴﺘﺨﺪﻡ ﺍﻟﺤﺮﺍﺭﺓ ﻻﺳﺘﺜﺎﺭﺓ ﻏﺎﺯ ﺍﻟﻨﺸﺎﺩﺭ. ﻭﻗﺪ ﺗﻢ ﺑﻨﺎﺀ ﺃﻭﻝ ﻣﻴﺰﺭ ﻟﻐﺎﺯ ﺍﻟﻨﺸﺎﺩﺭ ﻓﻲ ﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﻋﺎﻡ 1954 ﻡ. ﻭﺗﺴﺘﺨﺪﻡ ﺍﻟﻤﻴﺰﺭﺍﺕ ﻟﺘﻀﺨﻴﻢ ﺇﺷﺎﺭﺍﺕ ﺍﻟﻤﻮﺟﺎﺕ ﺍﻟﺪﻗﻴﻘﺔ ﺍﻟﻀﻌﻴﻔﺔ ﺍﻟﺼﺎﺩﺭﺓ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺠﻮﻡ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪﺓ، ﻭﻓﻲ ﺍﻻﺗﺼﺎﻻﺕ ﻛﺬﻟﻚ

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات