سيعقد مؤتمر تلسكوب أفق الحدث EHT مؤتمراً صحفياً هاماً في 10 أبريل/نيسان 2019. لم يُعلن عن السبب بشكلٍ مباشر، لكن مستشاراً إعلامياً من المرصد الأوروبي الجنوبي ESO، أحد شركاء EHT، قال إنهم سوف: "يعقدون مؤتمراً صحفياً للإعلان عن نتائج مهمة من EHT". لكن إذا لم يكن الأمر يتعلق بالثقوب السوداء؟ فما عساه أن يكون؟
لكن بالطبع سيكون الإعلان عن الصورة الأولى لثقب أسود. هذا ما يتمحور حوله تلسكوب أفق الحدث EHT. يمثل EHT مجهوداً دولياً للحصول على أول صورة لثقب أسود، وذلك عن طريق إنشاء "تلسكوب افتراضي" بحجم الأرض.
يُسمى هذ التلسكوب الافتراضي بشكلٍ أفضل باسم مقياس التداخل الأساسي الطويل جداً. ما يعنيه ذلك هو أنه تم ربط العديد من هوائيات الراديو في جميع أنحاء العالم مع بعضها البعض لرصد جسمٍ واحد. يمنح هذا التلسكوب "قدرة حلٍّ زاوي عالية" بشكل أساسي، كلما كان النطاق أكبر، كان بإمكاننا رؤية المزيد من التفاصيل. ولا يوجد تلسكوب كبير بحجم الأرض، باستثناء EHT.
كيف سيبدو الثقب الأسود
بالرجوع إلى شهر أكتوبر/تشرين الأول 2018، أصدر EHT صورة محاكاة لما قد تبدو عليه الصورة الحقيقية. تذكر أنّ العلماء من EHT سوف يلتقطون في الواقع صوراً لأفق حدث الثقب الأسود، لأن الثقوب السوداء نفسها لا تسمح بأي ضوء بالهروب، ولكن في بعض النواحي، فإن أفق الحدث هو ما يهم في الثقوب السوداء.
يبدو من التناقض القول أننا سنحصل على صورةٍ لثقب أسود ثم القول بأنه لا يمكن لنا تصوير ثقبٍ أسود، نحن نفهم ذلك. تحتوي الثقوب السوداء على أجزاء مختلفة، وبمجرد فهم تركيبها، سنفهم حل مشكلة ذلك التناقض المُفترض. عندما يفكر معظم الناس بالثقوب السوداء، فإن ما يفكرون فيه هو الجزء الذي يُطلق عليه اسم نقطة التفرد Singularity. هذا هو الجزء الذي يتمتع بكثافةٍ لا نهائية، كل ما يقع داخل الثقب الأسود يذهب هناك، ووفقاً للنسبية العامة لآينشتاين، هذا هو المكان الذي تنهار فيه النسبية العامة، هذا ما يجعل من الثقوب السوداء أجساماً مدهشة.
يقع أفق الحدث مباشرة على محيط نقطة التفرد، حيث تكون جاذبية الثقب الأسود هناك قويةً جداً بحيث لا يمكن لأي شيء الهروب من قوة الجاذبية. إنها نقطة اللاعودة لكل شيء، وهو الجزء "الأسود" من الثقب الأسود، ثم هناك الكرة الفوتونية Photon Sphere، والانبعاثات النسبية Relativistic Jets، والمدار الداخلي الثابت Innermost Stable Orbit، وقرص التنامي Accretion Disc.
لذا، من الواضح الآن لماذا تُسمي مؤسسة EHT مقياس التداخل الخاص بها باسم "تلسكوب أفق الحدث"، وذلك لأنهم يهدفون لتصوير أفق الحدث نفسه.
ما هو المدهش بخصوص الحصول على صورةٍ لأفق الحدث؟
يمتلك EHT هدفَين لتصويرهما، كلٌّ منهما ثقبٌ أسود. الأول هو ذلك الثقب الأسود الكبير الذي يقبع في مركز مجرتنا والمُسمى ساجيتارياس أ Sagittarius A، والثاني هو ثقبٌ أسود ذو كتلةٍ أكبر في مجرة M87.
هناك الكثير من النظريات حول ماهية الثقوب السوداء وعن آليه عملها، ولكن هناك العديد من الأسئلة التي تنتظر الإجابة عنها، يأمل EHT أن يجيب عن بعضٍ منها.
السؤال الرئيسي هو كيف تبدو الثقوب السوداء في الواقع؟ مرة أخرى، المشكلة هي أننا لا نستطيع رؤية واحدٍ بالفعل، ولكن، يوجد حول الثقب الأسود قرصٌ من المواد الدوارة بالقرب من الفتحة نفسها، وكل هذا الدوران يخلق الكثير من الأشعة السينية وغيرها من الإشعاعات عالية الطاقة، والتي يمكننا رصدها. نأمل أن يتمكن EHT من رصد ظل الثقب الأسود على كل هذا الضوء.
بالإضافة لذلك السؤال، هل يتسبب الثقب الأسود في انهيار النسبية العامة؟ نحن نعتقد ذلك، ولكن EHT سوف يساعدنا في الإجابة على هذا السؤال. النسبية العامة لا تتوافق مع ميكانيكا الكم، وهذا يعني أنها قد تنهار عن نقطةٍ ما، وقد تكون تلك النقطة هي داخل الثقوب السوداء.

سؤال آخر هو لماذا تقذف بعض الثقوب السوداء انبعاثاتٍ من المواد، وبعضها لا يفعل ذلك؟ لا يقذف الثقب الأسود الخاص بمجرتنا، ساجيتارياس أ، أي مواد، بينما يقوم بذلك الثقب الأسود الموجود في مجرة M87. ربما سيساعدنا EHT في الإجابة على هذا السؤال المحير.
على كل حال، نحن على بعد أقل من أسبوعٍ من معرفة التقدم الذي أحرزه EHT، وما إذا كنا أقرب بالفعل للإجابة عن كل تلك الأسئلة