مركبة ناسا الفضائية ترايدنت قد تزور قمر نبتون الغريب ترايتون

قمر نبتون ترايتون ينفث أعمدة ضخمة داكنة من المواد الجليدية خارج سطحه. التقطت فوياجر 2 هذه الصورة عام 1989 خلال تحليقها من نظام نبتون. (حقوق الصورة: © NASA/JPL/USGS)

 

تهدف مهمةٌ جديدةٌ محتملةٌ تُدعى ترايدنت Trident إلى استكشاف قمر نبتون الغريب ترايتون Triton.

يتميز قمر نبتون الأكبر ترايتون بمزيجٍ جليديٍّ استثنائيٍّ على سطحه، ويُعد هذا من بين خصائصَ فريدةٍ أخرى يمكن أن تساعد العلماء في التعلم أكثر حول تطور الأجسام في النظام الشمسي. ترايدنت إحدى أربع أفكارٍ لمهامٍ تتنافس ضمن الجولة الحالية لبرنامج ناسا ديسكفري Discovery، الذي يطوّر بشكل نسبي الجهود التي تصب في مصلحة الاستكشاف الروبوتي منخفض التكلفة.

وفقًا لتصريحٍ صادر من ناسا فإنّ خطة مهمة ترايدنت المُقترحة تشمل زيارة ترايتون، ودراسة سطحه بالكامل بشكلٍ مفصلٍ، وقد سُمِّيَت المهمة بهذا الاسم بسبب نهجها ثلاثي الاتجاهات لحل ألغاز ترايتون الذي استوحي من الرمح ثلاثي الرؤوس الذي كان يحمله إله البحر الروماني القديم نبتون Neptune.

قالت لويز بروكتر Louise Prockter، مديرة المعهد القمري والكواكب في جمعية أبحاث فضاء الجامعات في هيوستن، والتي قادت فريق اقتراح ترايدنت في تصريح: "كان ترايتون دائمًا واحدًا من أغرب وأكثر الأجسام إثارةً للاهتمام في النظام الشمسي، لقد أحببت دائمًا صور فوياجر 2 ولمحاتها المثيرة لهذا القمر الغريب المجنون الذي لم يفهمه أحد".

أُطلقت مركبة ناسا الفضائية فوياجر 2 عام 1977 لدراسة الكواكب الخارجية. إنّ فوياجر 2 هي المركبة الفضائية الوحيدة التي حلقت إلى ما بعد نبتون، الكوكب الأبعد في النظام الشمسي.

التقطت المهمة مناظرَ مذهلةً للكوكب ولأقماره، لكنها تركت أيضًا الكثير من الأسئلة دون إجابةٍ حول النظام الكوكبي البعيد؛ إذا اختيرت ترايدنت فستكون سلف فوياجر 2 الأول إلى نبتون.

سيجري اختيار ما يصل إلى مهمتين من الأفكار الحالية التي تُطوَّر ضمن برنامج ديسكفري التابع لناسا بحلول صيف 2021 من أجل إطلاقها في وقتٍ لاحقٍ من العقد. (تضم المهمات التي اختيرت سابقًا ضمن برنامج ديسكفري مركبة الهبوط على المريخ إنسايت InSight Mars lander، وتلسكوب كبلر الفضائي Kepler Space Telescope، ومركبة الفضاء ماسنجر Messenger spacecraft إلى عطارد).

يمثل ترايتون سابع أكبر الأقمار في نظامنا الشمسي، ويعتقد العلماء أنه تشكّل في حزام كويبر Kuiper Belt، وهو المنطقة ما وراء نبتون المليئة بالأجسام الجليدية المتبقية من نظامنا الشمسي المبكر، قبل أن يهاجر إلى موقعه الحالي حيث يدور حول عملاق غازي.

يتميز ترايتون بالعديد من الخصائص الأخرى غير الاعتيادية المثيرة للاهتمام، فهو القمر الوحيد في النظام الشمسي الذي يدور في اتجاه معاكسٍ لدوران كوكبه، ويميل مساره حول الكوكب بشكلٍ كبيرٍ، إذ يميل عن خط استواء نبتون 23 درجة.

يتميز القمر أيضًا بغلافٍ جويٍّ غير عاديٍّ ومناخٍ ديناميكيٍّ، يمتلئ الغلاف الأيوني للقمر بالجسميات المشحونة، وهذا الغلاف نشط أكثر بعشر مرات من أيّ قمرٍ آخر في النظام الشمسي. بشكلٍ عام، تُشحن الأغلفة الأيونية عن طريق الطاقة الشمسية، ولكن باعتبار أنّ ترايتون ونبتون أبعد من الأرض عن الشمس بأكثر من ثلاثين مرة فيتوجب أن يكون هنالك مصدر آخر للطاقة، وذلك وفقًا للبيان.

قال كارل ميتشل Karl Mitchell، عالم مشروع ترايدنت في مختبر الدفع النفاث التابع لناسا في كاليفورنيا في بيان: "إنّ ترايتون غريبٌ، وما يزال غريبًا بسبب العلوم التي يمكننا القيام بها هنالك، إننا نعلم أنّ السطح يتمتع بكل تلك الميزات التي لم نرها من قبل، ما يحفز عندنا الرغبة لمعرفة «كيف يعمل هذا العالم»".

إنّ الهدف الأول لمهمة ترايدنت هو دراسة أعمدة ترايتون الجليدية الغريبة، وهي ميزة يعتقد العلماء أنّ سببها إجبار الماء على الخروج من الداخل عبر القشرة الجليدية السميكة للقمر. إن وجدت ترايدنت بأن محيطًا تحت سطح القمر هو مصدر الأعمدة على ترايتون، فسيوسع هذا الاكتشاف فهم العلماء للمكان الذي من الممكن أن توجد فيه المياه خارج الأرض.

مهمة ناسا المقترحة ترايدنت التي تهدف إلى الإجابة على ألغاز قمر نبتون الغريب ترايتون. (ملكية الصورة: NASA/JPL-Caltech)
مهمة ناسا المقترحة ترايدنت التي تهدف إلى الإجابة على ألغاز قمر نبتون الغريب ترايتون. (ملكية الصورة: NASA/JPL-Caltech)


تهدف مهمة ترايدنت أيضًا إلى رسم خريطة السطح الصلب الأكبر غير المكتشف في النظام الشمسي في هذا الجانب من حزام كويبر. شاهد العلماء حتى الآن 40% فقط من سطح ترايتون؛ تهدف ترايدنت إلى رسم خريطة لباقي السطح باستخدام آلة تصوير بالإطار الكامل، وذلك بالاستفادة من ضوء الشمس المنعكس عندما يضيء نبتون.

تهدف المهمة في نهاية المطاف إلى دراسة سطح القمر بأكبر قدرٍ من التفاصيل، لا يمتلك ترايتون أي فوهاتٍ مرئية تقريبًا، ما يشير إلى أنّ سطح القمر شابٌّ نسبيًا أُعيد تشكيله مرارًا وتكرارًا بموادَّ جديدةٍ.

قال ميتشل في بيان: "كما أخبرنا ناسا في اقتراحنا للمهمة، فإنّ ترايتون ليس مفتاحًا لعلوم النظام الشمسي فقط، بل هو حلقةُ مفاتيحَ كاملة، إنّ هذا الجسم المُلتقط من حزام كويبر الذي تطوّر، يحوي عالمًا محيطيًا ذا أعمدةٍ نشطةٍ، وغلافًا أيونيًا نشطًا، وسطحًا شابًّا ومميزًا".

وفقًا للبيان، إن جرى اختيار المهمة، ستطلق ترايدنت في تشرين الأول/أكتوبر عام 2025 (بالإضافة إلى تاريخ احتياطي للإطلاق في تشرين الأول/أكتوبر 2026)، بحلول ذلك الوقت ستتراصف الأرض مع المشتري مما يسمح للمركبة الفضائية باستخدام السحب الثقالي للمشتري بمثابة مقلاع. ستصل ترايدنت إلى ترايتون عام 2038، وستكون في حالة مواجهة معه تمتد ثلاثة عشر يومًا؛ بحسب البيان، يسمّي العلماء هذا التوقيت «نافذةً واحدةً كلّ 13 عامًا».

يأمل العلماء بمساعدة مهمة ترايدنت أن يتعلموا المزيد حول الطريقة التي تغير فيها ترايتون عبر الزمن، ستوفر هذه المعرفة بدورها فهمًا أفضل لكيفية تطور الكواكب والأقمار في النظام الشمسي.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات