إجراء محاكاة لأكثر البلورات تعقيدا في العالم

قام مهندسي جامعة ميشيغان بتصنيع الكريستال الأكثر تعقيداً على الإطلاق. بنية الكريستال الأكثر تعقيداً صنعت في محاكاة حاسوبية من قبل الباحثين في جامعة ميشيغان الذين يقولون أن النتائج تساعد في توضيح كيفية نشوء تعقيد من قواعد بسيطة.


يظهر الجسم شبه البلوري ذو العشرون سطحاً (Icosahedral Quasicrystal) الخاص بهم مرتباً بالنسبة للعين لكنه لا يتمتع بنمط متكرر. و في الوقت نفسه يكون متناظراً عندما يدور بشكل مشابه لكرة قدم مكونة من 5 أو 6 أجزاء .
هذه الخاصية تدعى "تماثل الجسم المتعدد السطوح" (Icosahedral Symmetry) و تتواجد كثيراً ضمن النطاقات الصغيرة حول نقطة وحيدة. فهي تتواجد في قشرة الفايروس أو جزيئات باكي بول المكونة من 60 ذرة كربون. لكن وجوده ممنوع في الكريستال التقليدي فالأمر يشبه محاولة استعمال بلاط خماسي الشكل لتبليط الأرضية، فالأجسام متعددة السطوح لا تملأ الفراغ بشكل جميل، حسب قول مايكل إنجل (Michael Engel) وهو باحث في قسم الهندسة الكيميائية والمؤلف الرئيسي لمقالة عن نتائج هذا البحث نشرت في Nature Materials.


يقول إنجل: "شبيهة البلورة متعددة السطوح هي الطريقة التي تتخذها الطبيعة للوصول إلى تماثل الجسم متعدد السطوح. هذا ممكن فقط عند الاستغناء عن الدورية. مما يعني الترتيب بواسطة التكرار، و النتيجة هي بنية عالية التعقيد".

توجد أشباه البلورات متعددة السطوح عادة في السبائك المعدنية. و قد حصل الكيميائي الذي اكتشفهم على جائزة نوبل منذ أكثر من 30 عاماً. و لكن المهندسون لا زالوا يبحثون عن طرق فعالة لصناعتها مع مواد أخرى.
وبسبب تماثلها العالي أثناء الدوران، بإمكانها أن تمتلك خاصية تدعى "فجوة الحزمة الضوئية"، تحدث هذه الفجوة عند يصبح التباعد بين الجزيئات مشابه للتباعد بين جزيئات الضوء. الجزيئات المرتبة بهذه الطريقة يمكن أن تلتقط و تُسيّر الضوء القادم من جميع الاتجاهات.


تقول شارون غلوتزر (Sharon Glotzer) الأستاذة الجامعية في قسم الهندسة الكيميائية في جامعة ميشيغن: "إذا كان بالإمكان صناعة أشباه البلورات متعددة الأسطح من جسيمات بحجم نانومتر أو مايكرومتر، يمكن أن تكون مفيدة في تطبيقات متنوعة من ضمنها تقنيات العرض و الاتصالات، و التمويه أيضاً".

في حين أن هذه التطبيقات مغرية إلا أنها مجرد تخمينات. يعتقد الباحثون أن الميزة الأكثر إثارة لنتائج البحث هي النظرة العميقة التي تقدمها عن كيفية تشكل أشباه البلورات متعدد الأسطح.


يقول غلوتزر: "عندما يدرس الباحثون أشباه البلورات متعددة الأسطح في المختبر. فإنهم عادة يفتقدون للمعلومات المباشرة عن مكان الذرات. إنهم ينظرون كيف تبعثر المواد الضوء ليكتشفوا ذلك. لا أحد على الإطلاق حصل على واحدة مع تماثل متعدد الأسطح حتى يمثل التجمع الذاتي للديناميكية الحرارية في نموذج حاسوب لم يُبنى يدوياً، و يحاول الباحثون ذلك منذ عقود".

ستسمح هذه المحاكاة للباحثين بأن يشاهدوا و للمرة الأولى كيفية تطوّر تمثال الأجسام متعددة السطوح.

تمت المحاكاة باستخدام نوع واحد من الجسيمات و هو أمر نادر. في العادة يتطلب الأمر اثنان أو حتى ثلاثة عناصر ذرية للوصول لبنية أشباه البلورات متعددة السطوح.
على الرغم من أن المنتج النهائي أظهر ترتيب طويل المدى إلا أن الجسيمات تتفاعل فقط مع تلك التي تبعد مسافة ثلاث جسيمات عنها. عندما درس الباحثون بعمق وجدوا أن النسبة الذهبية هي التي تتحكم بهذه التفاعلات.



تمثل النسبة الذهبية والتي تقدر بـ 1.61، رقماً رياضياً و فنياً هاماً، وقد دُرست أولاً من قبل الإغريق القدماء. إنها تعود إلى تسلسل فيبوناتشي Fibonacci -التعاقب البسيط للأرقام بداية من 0 و 1 و الرقم التالي عبارة عن مجموع الرقمين السابقين-  مثل 0، 1، 2، 3، 5، 8، 13 ... الخ. وهي واضحة في ترتيب بتلات الزهرة، و البذور في كوز الصنوبر، والفروع في الشجرة، و الأشكال اللولبية في قشرة النوبيلوس –كائن بحري- على سبيل المثال .

تقول غلوتزر : "هذه الأبحاث تساعد في الإجابة على أسئلة أساسية هامة في كل الطبيعة. كيف تحصل على ترتيب معقد للذرات و الجزيئات من أساسات بدائية؟ إنه مثال جميل عن شيء ما غني بشكل غير معقول في البنية نشأ من قواعد بسيطة".

نشرت ورقة علمية تتضمن نتائج البحث بعنوان "أتمتة التجميع الذاتي لمكون واحد من أشباه البلورات المتعددة الأسطح" على الإنترنت في Nature Materials.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات