تستخدم البروتينات في الطبيعة عملية اسمها التّمعدن الحيوي (biomineralization) لدمج العناصر المعدنية للأنسجة. ويمكن خلق مواد مختلفة بواسطة هذه العملية مثل: صدف البحر والأسنان والعظام. لكن في الواقع لا تزال الطريقة التي تقوم بها البروتينات بإجراء هذه العملية غير مفهومة.
وقد قام مؤخراً بعض العلماء الذين ينتمون لمجموعة اسمها كام تشانغ Kam Zhang تابعة لمركز ريكن RIKEN لتقنيات علم الحياة (Life Science Technologies), اختصاراً (CLST), بالتعاون مع مجموعة جيريمي تيم Jeremy Tame التابعة لجامعة مدينة يوكوهاما Yokohama City University في اليابان، باستخدام بروتين مُصمم صناعياً لتصنيع بلورة نانوية من كلوريد الكادميوم (cadmium chloride). وتعتبر هذه البلّورة النانوية الأصغر من نوعها حتى الآن، فقد صُنعت باستخدام 19 ذرة فقط، حيث تم حشو الذرات فيها بين نسختين من البروتين. وقد نُشر البحث المتعلق بهذا العمل في النسخة العالمية من مجلة الكيمياء التطبيقية Angewandte Chemie International Edition.
وفي عام 2014، أعلنت هذه المجموعة من العلماء نجاحها في تطوير بروتين صناعي يُسمى بيتزا6 (Pizza6)، ويرجع سبب التسمية إلى أن هذا البروتين الذي تمت صناعته يشبه بيتزا مُقطعة إلى ست شرائح متطابقة. وكانت المجموعة تهدف إلى تصنيع بروتينات جديدة متعددة الاستخدام وغير موجودة في الطبيعة.
إن البروتينات المُصنعة كبيتزا6 تمتاز بدرجة تماثل عالية للغاية لا توجد في الطبيعة. ولكن مع وجود إمكانية لتصنيع هذه البروتينات فإنها تبدو كمنصّة جاذبة لتصنيع مواد عضوية هجينة (hybrid biomaterials) مناسبة لمجموعة متنوعة من الأغراض مثل: تغليف الأدوية وإيصالها للخلايا، والمعالجة الحيوية (bioremediation) للمعادن الخطرة في الطبيعة.
وقد تم تعديل البروتين بيتزا6 في البحث الحالي عن طريق إضافة موقع ربط معدني (metal-binding site). وفي هذا السياق يقول المؤلف الأول للبحث، أرنوت فوت، Arnout Voet، الذي أنجز العمل الخاص بتصميم البروتين وبنائه: "كان دافعنا الأول لتصميم مواقع الربط المعدنية هو التحكم في التركيب الذاتي للبروتين المتماثل الذي قمنا بتصميمه. وقد استخدمنا طرقاً حسابية لإيجاد طريقة عقلانية لدمج موقع الربط المعدني في البروتين بيتزا الذي صممناه مسبقاً، وذلك بغرض التحكم في تركيب البروتين بسهولة". وأضاف فوت أنهم يعتقدون بأن هذه الطريقة منحتهم أداة جديدة لبناء بروتينات مبتكرة من الصفر باستخدام كواشف معدنية رخيصة.
ووجد الباحثون، في الواقع، أن تعديل البروتينات بحيث يكون لها مواقع ربط معدنية ومن ثم وضعها في محلول كلوريد الكادميوم، يجعل مثلوثات البروتينات (trimers) ترتبط مع بعضها بشكل تلقائي.
وباستخدام منشأة SPring-8 synchrotron الموجودة بمقاطعة هاريما Harima التابعة لمركز ريكن، إضافة إلى استخدام منشآت أخرى، تمكّن الباحثون من تحليل هيكل البروتين على المستوى الذّري ليكتشفوا – بشكل مثير للاهتمام – أن ذرات الكادميوم و الكلوريد كونت شبكة شعرية صغيرة ذات بنية بلورية محشوة بين بروتينيْن من بروتينات بيتزا.
وصرّح كام تشانغ Kam Zhang وهو المؤلف المناظر الذي قاد البحث بمركز ريكن: "كنا متحمسين لرؤية تشكل البلورة، لأن هذه الأمر يمنحنا رؤية ثاقبة لعملية التمعدن الحيوي. وهي العملية التي تحدث في الطبيعة، ومن خلالها يتم دمج العناصر المعدنية للأنسجة، فتتكون هياكل مثل: صدف البحر والأسنان والعظام. وقد أوضحت النتائج التي توصلنا إليها أنه من الممكن القيام بعملية التمعدن الحيوي في بلّورات نانوية باستخدام بروتينات متماثلة ومصممة بشكل منطقي.
وتحقيق هذا الهدف قد يفتح الطريق أمامنا لتوسيع مجال تصنيع الأجهزة النانوية من البداية في مجالات المستحضرات الصيدلانية الحيوية (biopharmaceuticals)، وأجهزة الاستشعار الحيوية (biosensors)، والمفاتيح التي تعمل بالضوء (light-driven switches)، والإنزيمات الصناعية (synthetic enzymes). ولدينا عدة أفكار فيما يتعلق بالكيفية التي يمكن أن نطور بها هذا البحث ليدخل حيز التطبيق". وأضاف تشانغ: "سنواصل تجاربنا لإيجاد خواص جديدة في البروتينات المُصممة صناعيًا".