مراجعة لسنة 2015: تواصل تسارع الاحتباس الحراري

دراسة تنفي وجود "ثغرات" مناخية​                                               

قدّم الباحثون تقريراً عام 2015 مفادهُ أنّ التوقف المؤقت المفترض في عملية الاحتباس الحراري، والذي كان علكةً يلوكها المشكِّكون في التغُّير المناخي، لم يحدث أبداً. بدأ الهرج والمرج عندما أظهرت دراساتٌ أنّ عقوداً من الاحتباس الحراري بدت وكأنها قد استقرَّت عند مستوى معين عام 1998، ومنذ ذلك العام وخلال 2012 ازداد المعدَّل السنوي لحرارة سطح الأرض بمقدار ثلث إلى نصف المعدل منذ عام 1951 إلى 2012. هذه "الثغرة" في الاحتباس الحراري، كما سُميِّت، جعلت علماء المناخ حائرين، وفي نفس الوقت أسعدت المشكِّكين بالتغيُّر المناخي.

كوارث مناخية CLIMATE CALAMITIES .  في حين تضعف طبقات الجليد التي تغطي شبه الجزيرة الجنوبية للقطب الجنوبي، تتدفّق الأنهار الجليدية بشكل أسرع نحو البحر. ويُظهر بحثٌ أُجري مؤخرًا تغيرات كبيرة وغير مسبوقة في البيئة ككل.  تعود ملكية الصورة لـِ : ALBA MARTIN-ESPAÑOL
كوارث مناخية CLIMATE CALAMITIES . في حين تضعف طبقات الجليد التي تغطي شبه الجزيرة الجنوبية للقطب الجنوبي، تتدفّق الأنهار الجليدية بشكل أسرع نحو البحر. ويُظهر بحثٌ أُجري مؤخرًا تغيرات كبيرة وغير مسبوقة في البيئة ككل. تعود ملكية الصورة لـِ : ALBA MARTIN-ESPAÑOL

في يونيو/حزيران 2015 أعلن العلماء في الإدارة الوطنية للمجال المحيطي والجوي " the National Oceanic and Atmospheric Administration " أنهم قد توصَّلوا أخيراً إلى معرفة سبب الثغرة التي لم يكن سببها تغير اتجاه الرياح أو الانفجارات البركانية الصغيرة كما افترض بعض العلماء، وإنما متغيرات وفجوات صغيرة في معطيات درجات الحرارة قد خلقت استقراراً زائفاً. فالتباطؤ لم يحصل أبداً. وجد العلماء أنّ المسبِّب الأكبر لهذا الخطأ متعلق بقياسات درجات حرارة سطح المحيط. قبل الحرب العالمية الثانية أخذ البحَّارة قياسات درجة الحرارة من الماء الذي نضحوه باستخدام الدلاء من جوانب السفن، لاحقاً اعتمد البحَّارة على المياه التي كانت تُضخ لتبريد محركات السفن، اليوم يأخذ العلماء قياسات أكثر دقة من العوامات العلمية. وسطياً تسجل العوامات قراءات لدرجات الحرارة أخفض بمقدار 0.12 درجة سلسيوس من تلك المأخوذة من السفن. ومع تغيُّر الوسائل المستخدمة خَلقَت قِراءات درجات الحرارة نزعة زائفة، مفادها انخفاض درجة حرارة المحيط والتي أنهت جزئياً النزعة العالمية القائلة بتنامي الاحتباس الحراري. وبإجراء التصحيح لهذه المتغيرات وإضافة معطيات أشمل، بما في ذلك معطيات من القطب الشمالي، وجد الباحثون أنَّ متوسّط حرارة سطح الأرض ارتفع بمقدار 0.116 درجة في العقد بين عامي 2000 و 2014. وذلك يتوافق تقريباً مع معدل التسخُّن المسجّل خلال النصف الثاني من القرن العشرين. يقول العالِم " بالا راجاراتنامBala Rajaratnam " ، عالم المناخ الإحصائي في " ستانفورد Stanford " : حتى مع عدم تصحيح المتغيرات فإنَّ الثغرة الحرارية قد بُنيَت على أساسات واهية. في نوفمبر/تشرين الثاني، تجادل راجاراتنام وزملاؤه في التغيير المناخي Climatic Change في أنَّه كان من الممكن تفسير التوقف المفترض بالمتغيرات الطبيعية وأنَّه لم يخالف النزعة طويلة الأمد بأي حالٍ من الأحوال. إنَّ التغيُّرات العالمية، والتي تهدّد بإغراق البلدات والمدن الساحلية مع ارتفاع مستويات البحار، والتسبُّب بطقس أكثر تطرفاً وتغيير الأنظمة البيئية على كامل الكوكب، لا يبدو أنها تضعف.

يقول "ريتشارد زيبي Richard Zeebe " ، وهو متخصص بعلم المناخ ما قبل التاريخي في جامعة " هاواي في مانوا University of Hawaii " : ما نقوم بفعلهِ للمناخ اليوم أمر غير مسبوق، فمستويات ثنائي أكسيد الكربون في الغلاف الجوي الأرضي_ والتي جرى حسابها كمعدل شهري لكامل الكوكب_ وصلت لأكثر من 400 جزء بالمليون هذا العام، أعلى من أي نقطة في التاريخ المسجَّل. وأعلن الباحثون أيضاً أنَّ الأنهار الجليدية عبر شبه الجزيرة الجنوبية للقطب الجنوبي والتي كانت في معظمها في حالة استقرار هي الآن في انحسار، وأحد أضخم الطبقات الجليدية في القارة، " لارسن سي Larsen C " تتعرض لصدع ينتشر بسرعة فيها. ويسهم ارتفاع حرارة المحيطات و المياه الناتجة عن ذوبان الأنهار الجليدية في ارتفاع مستوى البحار، بإجمالي 80 ميليمتر منذ 1993. عندما يذوب الجليد العاكس للضوء في المحيط المظلم الشاسع والممتص للحرارة يزداد التَّسخَّن بشكل أكبر.

وبالعودة لأنباء من القطب الشمالي يتوقع العلماء الآن أنَّ المحيط المتجمد الشمالي سيمرُّ بأول صيفٍ له دون جليد في وقت ما من عام 2052، تقريباً قبل عقدٍ مما كان متوقّع. ويمكن أيضاً للتَّسخَّن المتزايد في القطب المتجمد الشمالي أن يسبب موجات حرارة أكثر خطورة على نصف الكرة الشمالي، ومن المتوقع أن يزيد التسخُّن الحاصل في المحيط الهادي شدة الأعاصير الاستوائية (typhoon) بمقدار 14 % بحلول عام 2100. ولأخذ سرعة التغيير في عين الاعتبار درس " زيبي " وزملاؤه فترة زمنية مضى عليها حوالي 56 مليون سنة عندما ازدادت مستويات ثنائي أكسيد الكربون من حوالي 1000 جزء بالمليون إلى ما بين 1700 و2000 جزء بالمليون. الارتفاع السريع لغاز ثنائي أكسيد الكربون في تلك الفترة والتَّسخَّن الذي قارب 5 درجات بدا كأفضل مرشَّح لمجاراة أو حتَّى تجاوز الارتفاع في مستوى غاز ثنائي اكسيد الكربون اليوم. خلال ذلك الزمن لم يكن هناك جليدٌ أبداً أو ربما القليل منه فقط غطَّى سطح الأرض، وامتدت الغابات من القطب إلى القطب. باستخدام المحاكاة المناخية ومعطيات رواسب المحيطات قَدَّرَ " زيبي " وزملاؤه أنَّ الفترة التي ارتفعت فيها مستويات غاز ثنائي أكسيد الكربون استمرت لـِ 4000 عامٍ على الأقل، ومعدَّل انبعاث الكربون خلال ذلك الزمن كان 1,1 مليار طن في السنة كأقصى حد. وذلك المعدل هو فقط حوالي عُشر ما يقارب 10 مليار طن من الكربون المنبعث نتيجة إحراق الوقود الحجري وحدهُ عام 2013. تشير نتائج البحث إلى أنَّ التغيُّر المناخي الحديث لا يوجد له أي نظير تاريخي قريب، كما يقول " زيبي" . حتى الخطوط الجوية قد ينتهي بها المطاف متأثِّرةً بارتفاع درجات الحرارة. في يناير/كانون الثاني توَّقع علماء المناخ أنَّ الهواء المتَّسخَّن، وهو أقل كثافة من الهواء البارد، سيجبر الخطوط الجوية على خفضِ مقدارِ حمولاتها خلال العقود القادمة. 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات