مستكشف المريخ المداري: 10 سنوات من الاكتشافات

حقائق سريعة


  •  وصل مستكشف المريخ المداري (Mars Reconnaissance Orbiter) أو اختصاراً MRO التابع لوكالة ناسا إلى المريخ بتاريخ 10 مارس/آذار سنة 2006. 
  • توجد سبع بعثات علمية تدرس حالياً كوكب المريخ، إلا أن البيانات التي يرسلها MRO أسبوعياً تفوق البيانات التي ترسلها البعثات الستة مجتمعة. 
  • أظهرت البعثة مدى النشاط الموجود حالياً على سطح كوكب المريخ، كما أوضحت أيضاً مدى تنوع ظروفه البيئية في الماضي. 


بدأت المركبة الفضائية الكبيرة التابعة لوكالة ناسا بالدوران حول المريخ منذ عقد من الزمن، حيث ساهمت البيانات التي أرسلتها في حدوث تقدم كبير في معلوماتنا حول الكوكب الأحمر، الأمر الذي يعني نجاح المركبة في تحقيق الهدف الذي صممت من أجله. 

أظهر مستكشف المريخ المداري (Mars Reconnaissance Orbiter) أو اختصاراً MRO تفاصيل غير مسبوقة على كوكب احتفظ ببيئات رطبة ومتنوعة منذ مليارات الأعوام، وما يزال نشطاً إلى الآن. 



حقق مستكشف المريخ المداري MRO العديد من الاكتشافات الكبرى، ولعل أبرز مثال عليها هو ذاك الذي نشر السنة الماضية ويتمحور حول إمكانية وجود ماء سائل بشكل موسمي على سطح المريخ. اعتمد هذا الاكتشاف على ثلاث قدرات اكتسبها الباحثون من البعثة وهي: كاميرا تلسكوبية ذات دقة عالية للعثور على معالم ضيقة جداً، ومركبة فضائية طويلة العمر لتتبع التغيرات الموسمية على مدى عدة سنوات مريخية، بالإضافة إلى التصوير الطيفي لرسم خريطة لتكوين السطح. 

كانت الاكتشافات الأخرى نتيجة قدرات إضافية يتمتع بها MRO، وهذا يتضمن تحديد البنى الجيولوجية تحت سطح المريخ، ومسح طبقات الغلاف الجوي ومراقبة مناخ الكوكب بأكمله يومياً. هذا وستستمر المعدات العلمية الستة في المركبة الفضائية بالعمل لمدة تزيد عن سبع سنوات بعد انتهاء من مرحلة العلوم الأساسية المقررة أصلاً للبعثة. 

يقول ريتش زوريك Rich Zurek، وهو عالم في مشروع MRO من مختبر الدفع النفاث ومقره باسادينا بولاية كاليفورنيا: "ساعدتنا هذه المهمة كثيراً في تقدير مدى التغيرات الحاصلة على سطح المريخ في الوقت الحالي، مع العلم طبعاً أن الكوكب شهد العديد من التغيرات في الماضي". 

وصل مستكشف المريخ المداري التابع لوكالة ناسا إلى المريخ بتاريخ 10 مارس/آذار سنة 2006. وعلى مدار عقد من الزمن، أظهرت البعثة مدى النشاط المستمر لكوكب المريخ إلى الآن، كما أوضحت أيضاً مدى تنوع ظروفه البيئية في الماضي.   المصدر: NASA/JPL-Caltech
وصل مستكشف المريخ المداري التابع لوكالة ناسا إلى المريخ بتاريخ 10 مارس/آذار سنة 2006. وعلى مدار عقد من الزمن، أظهرت البعثة مدى النشاط المستمر لكوكب المريخ إلى الآن، كما أوضحت أيضاً مدى تنوع ظروفه البيئية في الماضي. المصدر: NASA/JPL-Caltech


حسنت بيانات MRO من معرفتنا المتعلقة بثلاث فترات مميزة على سطح المريخ. أظهرت الأرصاد المأخوذة لأقدم السطوح على الكوكب أنواعاً متنوعة من البيئات المائية التي كانت موجودة فيما مضى، حيث يتميز بعضها بأنه أكثر ملائمة لوجود حياة فيه من غيره. 

وفي الآونة الأخيرة، تُولد دورة حياة المياه وتحوله كغاز بين الرواسب القطبية الجليدية وبين رواسب الجليد والثلج في مناطق خطوط العرض المنخفضة أنماطاً من الطبقات مرتبطة بالتغيرات الدورية الشبيهة بالعصور الجليدية على سطح الأرض. هذا وتتضمن النشاطات الحيوية الحاصلة على سطح المريخ في الوقت الحالي تشكل فوهات جديدة، وانهيارات جليدية، وعواصف رملية بالإضافة إلى تجمد وذوبان صفائح ثاني أكسيد الكربون بشكل موسمي، وجريان المياه المالحة في فصل الصيف. 

تقدم مهمة مستكشف المريخ المداري ثلاثة أنواع من الدعم الحاسم للبعثات المرسلة إلى المريخ والتي تتضمن عربة تجوال و مركبات ثابتة، حيث تساهم أرصاده في عملية التقييم الدقيق لمواقع الهبوط المحتملة، كما تساعد البعثة فريق عربة التجوال في اختيار الطرق والوجهات.

 

وبالتعاون مع بعثة أوديسا التابعة لوكالة ناسا التي تدور حول المريخ منذ سنة 2001، ينقل MRO بيانات الروبوتات الموجودة على سطح المريخ إلى هوائيات شبكة الفضاء العميق (Deep Space Network)، الأمر الذي يساهم في مضاعفة إنتاجية البعثات العاملة على سطح المريخ.

 

كما درس مستكشف المريخ المداري عدة مناطق من المفترض أن تكون أماكن هبوط البعثات المستقبلية التي تنقل البشر على متنها في سياق رحلات وكالة ناسا إلى المريخ.


يقول زوريك: "ما يزال مستكشف المريخ المداري يقدم مساعدة كبيرة لدراسة الكوكب الأحمر، وذلك بواسطة أدواته العلمية الستة وما تمتلكه من كفاءة وقدرة حتى بعد مضي عقد من الزمن على دخوله إلى مدار المريخ. جميع هذه الأدوات المهمة وما توفره من دعم لبعثات المريخ الحالية والمستقبلة، تجعل من MRO حجر الزاوية في البرنامج الحالي لاستكشاف المريخ". 

الوصول إلى المريخ 


بتاريخ 10 مارس/آذار من سنة 2006، أشعلت المركبة أكبر ستة محركات صاروخية فيها لمدة 27 دقيقة، قبل أن تتباطأ حركتها بشكل كاف يناسب جاذبية المريخ للدخول في المدار المقرر مسبقاً. استعملت تلك المحركات لمرة واحدة فقط لمدة 15 ثانية خلال عملية تعديل المسار الأولي أثناء رحلة المركبة من الأرض إلى المريخ والتي استغرقت حوالي سبعة أشهر. ومنذ وصولها إلى الكوكب لم تعمل المحركات أبداً، أما المحركات الأصغر فتوفر الدفع اللازم لمناورات تعديل المدار. 

حلقت المركبة أثناء الأسابيع الثلاثة الأولى فوق المريخ بشكل مدارات إهليلجية لمدة 35 ساعة، تتراوح في بعدها عن الكوكب الأحمر بقدر 27 ألف ميل (43 ألف كم). أما خلال الأشهر الستة التالية، نفذت المركبة مناورة تدعى بـ "الكبح الهوائي (aerobraking) والتي تقوم فكرتها على الاستفادة من مئات الانخفاضات المحسوبة بدقة في القسم العلوي من الغلاف الجوي للمريخ لضبط مدار المركبة بشكل تدريجي. وعليه، حلقت المركبة منذ شهر سبتمبر/أيلول من سنة 2006 في مدارات دائرية تقريباً تستمر لمدة ساعتين، وعلى ارتفاعات تتراوح بين 155 و196 ميلاً (250 – 316 كم). 

يبدو اللوحان الشمسيان الموجودان في مستكشف المريخ المداري أشبه بجناح يعادل طوله الحافلة المدرسية. ساعدت الألواح الشمسية المركبة على تحمل قوة السحب في الغلاف الجوي أثناء مناورة الكبح الهوائي، وما تزال تولد حوالي 2000 واط من الكهرباء عند مواجهتها لأشعة الشمس.

 

تمكن هذه الطاقة الكبيرة المركبة من إرسال سيل من البيانات عبر الهوائي الرئيسي، وهو طبق يبلغ قطره 10 أقدام (3 أمتار). هذا ويقدر إجمالي البيانات العلمية التي أرسلها MRO إلى الأرض بحوالي 264 تيرابايت، وهو ما يفوق البيانات التي أرسلتها جميع البعثات الكوكبية الأخرى مجتمعة في الماضي والحاضر. 

بنت شركة لوكهيد مارتن لأنظمة الفضاء ومقرها دنفر المركبة بحيث تتمتع بالقدرة على نقل كميات كبيرة من البيانات بما يتناسب مع الأهداف العلمية الرامية إلى كشف تفاصيل كثيرة عن كوكب المريخ، الأمر الذي يتطلب التقاط الكثير من الأرصاد وحمع العديد من البيانات.

على سبيل المثال، لدينا أحد المعدات العلمية الهامة على متن المركبة وهو مطياف تصوير التجربة العلمية فائق الدقة (HighResolution Imaging Science Experiment) أو اختصاراً HiRISE، والذي تتولى إدارته جامعة أريزونا. أرسل المطياف العديد من الصور التي تظهر معالم صغيرة بحجم المكتب موجودة في جميع الأرصاد التي تغطي الآن ما نسبته 2.4% من سطح المريخ وهو ما يعادل ضعف مساحة آلاسكا، كما أن بعض الأماكن قد تم تصويرها بشكل متكرر. 

أما كاميرا تصوير الحالة  [1] (Context Camera)  التي تديرها شركة مالين لأنظمة الفضاء ومقرها سان دييغو، فالتقطت صوراً تغطي ما نسبته 95% من سطح المريخ، حيث تظهر معالم أصغر من ملعب كرة المضرب. بينما ﻣﻄﯿﺎف اﻟﺘﺼﻮﻳﺮ اﻟﻤﺪﻣﺞ ﻻﺳﺘﻜﺸﺎف اﻟﻤﺮﻳﺦ (CompactReconnaissance Imaging Spectrometer) أو اختصاراً CRISM الذي يديره مختبر الفيزياء التطبيقية في جامعة جون هوبكينز في لوريل بولاية ميرلاند، فقد التقط صوراً بالضوء المرئي وبالأطوال الموجية للأشعة تحت الحمراء لما يقرب من 98% من مساحة المريخ. وبالتالي يمنح العلماء بيانات مركبة يتراوح مقياس دقتها بين 100 إلى 200 ياردة لكل بيكسل. 

ملاحظات


[1] Context Camera: هي كاميرا تمكنك من التقاط الصورة بحيث تتضمن معلومات عنها، مثل: الموقع،واتجاه الكاميرا، والتاريخ، والزمن.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • شبكة الفضاء السحيق (Deep Space Network): هي صفيفة عملاقة مكونة من هوائيات راديوية تدعم مهمات المركبات الفضائية بين-الكوكبية، بالإضافة إلى عدد من المهمات الموجودة في مدارات حول الأرض. تُقدم هذه الشبكة المعروفة اختصاراً بـ (DSN) بيانات كثيرة في مجال علم الفلك الراديوي، مما يُساهم في تطوير فهمنا للنظام الشمسي والكون.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات