الشّمس تقطعُ الاتّصال بين الأرضِ والمرّيخ

 يُظهر هذا الرسم مواقعَ كلٍّ من المرّيخ والأرض والشّمس خلال الحالة التي تحدث مرّةً واحدةً كلّ 26 شهرًا تقريبًا، وذلك حين يمر المرّيخ خلف الشّمس بشكلٍ مباشرٍ تقريبًا من جهة نظر الرّاصد الأرضيّ. يدعى هذا الحدث بالإضافة إلى الفترة التي يحدث فيها بـ "الاقتران الشّمسيّ للمرّيخ". من جهتها تكون الاتصالات اللّاسلكيّة بين الكوكبَين معرّضةٌ لخطر الانقطاع خلال فترة الاقتران، وذلك بسبب التّشويش الشّمسيّ، ما دفع بالمشرفين على بعثات ناسا المرّيخيّة تعليقَ إرسال الأوامر إلى المركبات المداريّة التي تدور حول الكوكب الأحمر والعربات الفضائيّة التي تتجوّل على سطحه. 

سيمرّ كوكب المرّيخ في شهر حزيران/يونيو 2015 خلف الشّمس مباشرةً من جهة نظر الرّاصد من الأرض، حيث سيؤدي هذا التوزّع الهندسيّ للأجرام السّماويّة إلى تضاؤل القدرة على التواصل مع البعثات الفضائية الموجودة على وحول كوكب المرّيخ.


يدعى تموضع الشّمس بين كوكبيّ الأرض والمرّيخ بـ "الاقتران الشّمسيّ للمرّيخ". وهو حدثٌ يقع مرةً كلّ 26 شهرًا تقريبًا، وذلك بفعل حركة الكوكبَين في مدارَيهما حول الشّمس. هذا وتعمل الشّمس على تعطيل المواصلات اللّاسلكيّة بين الكواكب خلال فترة الاقتران، ولذلك سيتوقف العاملون على البعثات الفضائيّة التي تدور حول المريخ أو العربات الفضائيّة التي تتجوّل على سطحه "مؤقّتًا" عن إرسال أيّة أوامرَ لهذه البعثات، وذلك تجنّبًا لوصول أوامرَ مشوّهةٍ يمكن أن تُفَسَّرَ بشكلٍ خاطئٍ أو أن تؤدّي إلى أضرار.


كما سيمتنع العلماء المشرفون على بعثات ناسا إلى المرّيخ، والتي تشمل ثلاث مركباتٍ مداريّةٍ وعربَتَين فضائيّتَين اثنتين، عن إرسال أيّة أوامر لتلك البعثات ابتداءً من السّابع وحتى الحادي والعشرين من شهر حزيران/يونيو الجاري. حيث أن المسافة الفاصلة بين الشّمس والمرّيخ في السماء لن تتجاوز درجَتَين قوسيَّتَين خلال هذه الفترة الزمنيّة بالنسبة للرّاصد من الأرض (النّظر مباشرةً إلى الشّمس دون استعمال الأدوات المناسبة قد يُشكّل خطرًا على العينين)، كما أن العاملين على هذه البعثات سيضعون قيودًا على إرسال الأوامر إليها، من خلال استخدام باقاتٍ محدودةٍ من البيانات مثلاً، أو عن طريق تعليق التّواصل إلا في الحالات الطارئة، وذلك خلال الأيام القليلة التي تسبق وتَلي هذه الفترة الزمنيّة.


ستستمرّ المركبات المداريّة بالقيام ببعض الأرصاد العلميّة خلال فترة الاقتران، رغم أنّ العربات الفضائيّة المتجوّلة لن تبرح مكانَها ولن تقوم بتحريك أيٍّ من أذرعها.


يقول ناجين كوكس Nagin Cox، أحد مهندسي النّظام في مختبر ناسا للدفع النّفاث في باسادينيا - كاليفورنيا، والذي يقود عملية التخطيط لفترة الاقتران بالنسبة للسيّارة المرّيخيّة الجوّالة "كيريوسيتي" التابعة لوكالة ناسا: "تعتمد مقاربَتُنا العامّة على تكرار ما فعلناه خلال حالة الاقتران الشّمسيّ السّابق والذي حدث منذ سنتين، حيث كانت ناجحة. من المفيد حقًا أنّنا قد مررنا بنفس هذه التجربة من قبل".


سيكون الاقتران الشّمسيّ الأول للمركبة المداريّة (MAVEN) التّابعة لناسا، والتي وصلت إلى مدارها حول المرّيخ نهايةَ أيلول/سبتمبر الماضي، حيث قام الفريق المشرف عليها بجميع التحضيرات اللازمة، وستستمرّ المركبة (MAVEN)، وهذا الاسم هو اختصارٌ لعبارة "تطوّر الغلاف الجويّ المرّيخيّ وتطايره"، بمراقبة الرّياح الشّمسيّة التي تصل إلى كوكب المرّيخ، وبإجراء القياسات الأخرى. يقول جيمس موريسي James Morrisse، نائب مدير المشروع في معهد غودارد للطيران الجوّي" التّابع لناسا في غرينبلت – ميريلاند: "سيتمّ تخزين البيانات وإعادة إرسالها إلينا بعد عودة الاتصالات في نهاية فترة الاقتران الشّمسيّ."


سيستمرّ البثّ من المركبتَين المداريّتين الأخرتين التّابعتين لناسا حول المرّيخ، وهما "مارس أوديسي" و"مارس ريكونيسانس أوربيتر"، خلال فترة الاقتران، ولكن من المتوقع أن لا تصل بعض هذه المعلومات إلى الأرض، وستبقى البيانات العلميّة التي يتمّ بثّها خلال الاقتران مخزّنةً أيضًا على متْن هاتَين المركبتين، بحيث يمكن استعادتها مجدّدًا في نهاية حزيران/يونيو، أمّا العربات الجوّالة النشطة على المرّيخ، وهي: "كيريوسيتي" و"أوبرتيونيتي"، فستقومان بإرسال بياناتٍ محدودةٍ إلى المركبات المداريّة طوال فترة الاقتران، بحيث يتمّ إرسالها إلى الأرض على مراحلَ خلال الاقتران وبعده.


وسيكون هذا الاقتران هو السّابع للمركبة المداريّة "مارس أوديسي"، والتي وصلت إلى المريخ عام 2001، أما بالنسبة للعربة "أوبرتيونيتي" والمركبة المدارية "مارس ريكونيسانس أوربيتر"، فإن الاقتران الشّمسيّ الذي يحدث حاليًّا في عام 2015 هو الاقتران السّادس والخامس لهما، على التوالي.


قام العلماء المشرفون على المركبات المداريّة والسّيّارة "كيريوسيتي" بحذف بعض البيانات العلميّة من ذاكرة هذه المركبات تحضيرًا للاقتران، وذلك لتوفير ذاكرة مثاليّة لتخزين البيانات العلميّة خلال فترة الاقتران، وسيتمّ الاحتفاظ بالبيانات التي تجمعها السّيّارة "أوبرتيونيتي" وترسلها إلى المركبات المداريّة على هذه المركبات لاستعادتها بعد الاقتران، ولن يتم الاحتفاظ بأيّة بيانات يتم الحصول عليها خلال فترة الاقتران في السّيّارة المتجوّلة. وستعمل "أوبرتيونيتي" خلال فترة الاقتران في وضع يمكّنها من تجنّب استخدام ما يُدعى بـ "الذّاكرة السّريعة الثّابتة"، وهو نمط الذّاكرة الذي يُتيح استعادة البيانات حين ينخفض مستوى الطّاقة في السّيّارة المتجوّلة خلال اللّيل.


بإمكانكم العثور على مقطع فيديو يُظهر ترتيب الأجرام السّماويّة خلال الاقتران الشّمسيّ للمرّيخ في هذا الرابط:

http://mars.nasa.gov/allaboutmars/nightsky/solar-conjunction


من المفترض أن تقوم البعثات الخمس الحاليّة لناسا والمرسَلة إلى الكوكب الأحمر بتمهيد الطّريق أمام البعثات المأهولة بالبشر في ثلاثينيّات هذا القرن وما بعده، وذلك ضمن ما يُعرف بـ "استراتيجيّة ناسا في الطّريق إلى المرّيخ".


يقوم مركز غودارد للرّحلات الفضائيّة  التابع لناسا بإدارة مشروع MAVEN لصالح مركز الأبحاث الرّئيسيّ في جامعة كولورادو - بولدر، ولإدارة البعثات العلميّة لناسا في واشنطن. أمّا معهد الدّفع النّفّاث، وهو فرع لمعهد كاليفورنيا للتقنيّة في باسادينا، فيقوم بإدارة كلٍّ من "مارس أوديسي"، "ريكونيسانس أوربيتر"، مشروعي "أوبرتيونيتي" و"كيريوسيتي"، بالإضافة إلى برنامج ناسا لاستكشاف المرّيخ لصالح إدارة البعثات العلميّة. تم تصنيع جميع المركبات المداريّة المرّيخيّة الثلّاث من قبل أنظمة "لوكهيد مارتين" الفضائية في دينفر.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات