أومبرييل تابع أورانوس

توضح الصورة: أورانوس وتوابعه الخمسة الكبرى (من الأيسر إلى الأيمن): ميراندا، وأرييل، وتايتانيا وأومبرييل، ويظهر أوبيرون في مقدمة الصورة. 

 

يعتبر القرن التاسع عشر من الفترات الزمنية الميمونة للفلكيين وصائدي الكواكب؛ فبالإضافة إلى اكتشاف حزام الكويكبات الذي يقع بين كوكبي المريخ والمشتري –مع العديد من الكواكب الصغرى (minor planets) التي تدور ضمنه– فقد تم كذلك للمرة الأولى رصد الكوكب الخارجي أورانوس ومجموعة من توابعه.

يعتبر أومبرييل Umbriel، بالتأكيد، أحد أكثر هذه الاكتشافات إثارة، إذ بالإضافة إلى أنه ثالث أكبر توابع أورانوس، فهو أيضاً الأكثر عتامة. وقد ساهمت هذه الخاصية بشكل كبير في اختيار اسمه. ولا يزال الغموض يلف هذا التابع الكبير لأورانوس حتى الوقت الحاضر.

 الاكتشاف


اكتُشف أومبرييل، بالإضافة إلى التابع الآخر أرييل، من قبل الفلكي الإنكليزي وليام لاسل William Lassell في 24 تشرين الثاني/أكتوبر من العام 1851، ويزعم الفلكي الإنكليزي وليام هيرتشل William Herschel، الذي كان قد اكتشف التوابع تايتانيا وأوبيرون في نهاية القرن الثامن عشر، أنه قد رصد أربعة توابع إضافية حول أورانوس؛ إلا أن أرصاده لم تكن مؤكدة، الأمر الذي ترك الاكتشاف المؤكد لكل من أرييل وأومبرييل لــ "لاسل"، وذلك بعد حوالي نصف قرن من الزمن.



 التسمية


كما هو الحال بالنسبة لجميع التوابع السبعة والعشرين لأورانوس، فقد سمي أومبرييل بهذا الاسم تيمناً بإحدى شخصيات قصيدة سلب خصلة شعر (The Rape of the Lock) للشاعر الإنكليزي الكسندر بوب Alexander Pope، بالإضافة إلى مسرحيات "وليم شكسبير"، وقد اقترحت هذه الأسماء من قبل جون هيرتشل John Herschel، وهو ابن "وليم هيرتشل"، حين أعلن عن اكتشاف كل من تايتانيا وأبيرون.

وقد بدا في ذلك الحين أن "أومبرييل" هي التسمية الأنسب لهذا التابع، نظراً للونه الداكن، فهذا الاسم كان خاصاً بالشبح الكئيب المكفهر في قصيدة "سلب خصلة شعر"، وهو مشتق من الكلمة اللاتينية "Umbra" التي تعني "الظل".



 الحجم، والكتلة، والمدار


يتماثل أرييل وأومبرييل بالحجم تقريباً، حيث تبلغ أقطارهما 1,158 و1,170 كيلومتراً، على التوالي، وحسب نتائج التحليل الطيفي وتقديرات كتلة التابع وكثافته، يعتقد الباحثين أنّ الغالبية العظمى من التابع تتألف من الجليد، مع وجود عناصر كثيفة غير جليدية تؤلف حوالي 40% من كتلته.

 

مقارنة بين الأرض، القمر، وأومبرييل من حيث الحجم. Credit: Tom Reding/Public Domain
مقارنة بين الأرض، القمر، وأومبرييل من حيث الحجم. Credit: Tom Reding/Public Domain


يعني ذلك أن أومبرييل يتألف من طبقة جليدية خارجية تحيط بنواة صخرية، أو ربما نواة من المواد الكربونية. ويعني ذلك أيضاً أن أومبرييل يحتل المرتبة الرابعة بين توابع أورانوس بالنسبة للكتلة، على الرغم من أنه ثالث أكبر توابعه، كما يُعتقد أن اللون القاتم لأومبرييل ناجم عن تفاعل الجليد الموجود على السطح مع الجسيمات المشحونة بالطاقة والتي تصدر عن الغلاف المغناطيسي (magnetosphere) لأورانوس.

وتؤدي هذه الجسيمات المشحونة بالطاقة إلى تحلل رواسب الميتان "المحتجزة في الجليد بشكل هيدرات الكلاثرات" واتخاذ الجزيئات العضوية الأخرى للونٍ قاتم، مما يؤدي إلى تشكل بقايا قاتمة غنية بالكربون. كما ينجم اللون القاتم لهذا التابع، كذلك، عن الانخفاض الشديد في انعكاسيته الرابطة (bond albedo)، التي تعرف بأنها كمية الإشعاع الكهرومغناطيسي "كالضوء مثلاً" التي تنعكس عن السطح.

لقد أكدت التحليلات الطيفية حتى الآن وجود الماء وثاني أوكسيد الكربون فقط. وبذلك، فإن وجود المركبات العضوية أو ترسبات الميتان في الجليد لا يزال نظرياً، إلا أن وجودها قد يفسر انتشار ثاني أوكسيد الكربون وسبب تركزه بشكل رئيسي على وجه التابع المعاكس لاتجاه حركته في مداره.

وتبلغ الفترة المدارية لأومبرييل حوالي 4.1 يوماً، وهي الفترة اللازمة لإتمام دورة كاملة له حول أورانوس، وتتوافق هذه المدة مع الفترة الدورانية، ويعني ذلك أن هذا التابع مقفلٌ مدياً مع كوكبه ومتزامن معه (tidally-locked)، حيث يواجه أورانوس دائماً بنفس الوجه. وتبلغ المسافة الوسطية بين التابع والكوكب حوالي 266,000 كيلومتر، فهو يحتل المرتبة الثالثة بالنسبة للبعد عن أورانوس بعد ميراندا وأرييل.

 فوياجر 2


إن الصور القريبة الوحيدة المتوافرة لدينا لأومبرييل حتى الآن هي تلك التي التقطها المسبار فوياجر 2، الذي صور التابع أثناء دورانه حول أورانوس في كانون الثاني/يناير من العام 1986. وقد بلغت المسافة الأقرب بين فوياجر 2 وأومبرييل خلال هذا اللقاء حوالي 325,000 كم (202,000 ميل).

تمكن المسبار من تصوير حوالي 40% من سطح أومبرييل، لكن الصور ذات الدقة المناسبة لغايات المسح الجيولوجي شملت 20% من سطحه فقط؛ وخلال فترة الاقتراب، كان نصف الكرة الجنوبي من أومبرييل متجهاً نحو الشمس، ولذلك لم يتمكن العلماء من دراسة نصف الكرة الشمالي، الذي كان معتماً في تلك الفترة. ولا يخطط العلماء في الوقت الحالي لأي بعثات لإجراء مزيد من الدراسة لهذا التابع.



 حقائق مثيرة


تعتبر الفوهات المنتشرة على سطح أومبرييل أكثر عدداً وأكبر حجماً من تلك الموجودة على أرييل وتايتانيا، حيث يتراوح قطرها من بضعة كيلومترات إلى مئات الكيلومترات. وأكبر هذه الفوهات هي فوهة ووكولو (Wokolo) حيث يبلغ قطرها 210 كم. لكن فوهة ووندا (Wunda)، التي يبلغ قطرها حوالي 131 كم، تبقى المعلم الأبرز على سطح أومبرييل، وذلك بسبب حلقة المادة الساطعة المنتشرة على أرضيتها، والتي يعتقد العلماء أنها نتجت عن حدث تصادم.

تشمل الفوهات الأخرى كلاً من فين (Fin)، وبيري (Peri)، وزليدن (Zlyden)، ومثل جميع المظاهر الموجودة على سطح أومبرييل، فإن هذه الفوهات قد حصلت على أسمائها من الأرواح القاتمة في أساطير الثقافات المختلفة. 

يعتبر أوبيرون التابع الوحيد لأورانوس الذي يحتوي على فوهات أكثر من أومبريي. ويعتقد العلماء أن أومبرييل جرم مستقر جيولوجياً، كما يُعتقد أيضاً أن سطح التابع مستقر على حاله منذ حقبة الارتطامات الكثيفة المتأخرة (Late Heavy Bombardment) في تاريخ المجموعة الشمسية. 

إن العلامات الوحيدة للفعالية الداخلية الغابرة تتمثل في الأخاديد والمضلعات الداكنة، وهي بقع قاتمة ذات أشكال مختلفة تتراوح أبعادها من عشرات وحتى مئات الكيلومترات، وقد كشف عن هذه المضلعات من خلال قياسات دقيقة أجريت على الصور الملتقطة من فوياجر 2، حيث تتوزع بتجانس متفاوت على سطح أومبرييل، وتميل لأن تكون أكثر كثافة في الاتجاه الشمالي الشرقي–الجنوبي الغربي.

 

خريطة لأومبرييل لخاصة بمركز المسح الجيولوجي في الولايات المتحدة، تبين السطح الذي يعج بالفوهات والمضلعات. Credit: ISGS
خريطة لأومبرييل لخاصة بمركز المسح الجيولوجي في الولايات المتحدة، تبين السطح الذي يعج بالفوهات والمضلعات. Credit: ISGS


نظراً لأن أورانوس يدور حول الشمس على جانبه تقريباً، فهو معرض لدورة فصلية متطرفة، إذ يقبع أحد القطبين الشمالي أو الجنوبي للكوكب في ظلام دامس لمدة 42 سنة، في حين أن القطب الآخر يتمتع بأشعة الشمس المستمرة لنفس هذه المدة. وتُشرق الشمس في أوقات الاعتدالين قريباً من نقطة السمت فوق أحد القطبين.

ونظراً لأن توابع أورانوس تدور في المستوى الاستوائي للكوكب، فهي تخضع أيضاً لنفس هذه التبدلات الفصلية، مما يعني أن قطبي أومبرييل الشمالي والجنوبي يقضيان كذلك 42 سنة في الضياء ومثلها في الظلام قبل تكرر الدورة. 

في الواقع، لقد تزامن اقتراب المسبار فوياجر 2 في العام 1986 مع الانقلاب الصيفي في نصف الكرة الجنوبي، حيث كان نصف الكرة الشمالي يقبع في ظلمة تامة بشكل كامل تقريباً.

أليس هذا التابع الصغير مثيراً بالفعل؟ على الرغم من عدم وجود بعثات مقررة لرصد هذا التابع في السنوات القادمة، إلا أننا نرجو أن تتمكن البعثات المستقبلية من استراق نظرة إليه في طريقها لوجهة أخرى على التخوم الخارجية للمجموعة الشمسية. 

تبدو على نصف الكرة الجنوبي لأومبرييل كثافة كبيرة من الفوهات النيزكية حسب هذه الصورة الملتقطة من المسبار فوياجر 2 في الرابع والعشرين من كانون الثاني/يناير 1986. وتشاهد فوهة "فوندا" الكبيرة في الأعلى. Credit: NASA/JPL
تبدو على نصف الكرة الجنوبي لأومبرييل كثافة كبيرة من الفوهات النيزكية حسب هذه الصورة الملتقطة من المسبار فوياجر 2 في الرابع والعشرين من كانون الثاني/يناير 1986. وتشاهد فوهة "فوندا" الكبيرة في الأعلى. Credit: NASA/JPL



 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • السيد ويليام هيرتشيل (William Herschel): اُشتهر السيد ويليام هيرتشيل (William Herschel) بكونه اول فلكي اكتشف المنطقة تحت الحمراء من الطيف الكهرومغناطيسي في العام 1800. المصدر: ناسا
  • الغلاف المغناطيسي (Magnetosphere): هي المنطقة من الفضاء التي تكون قريبة من جسم فلكي ما ويتم داخلها التحكم بالجسيمات المشحونة من قبل الحقل المغناطيسي للجسم.
  • الكواكب الصغرى (minor planets): هو جسم فلكي يدور في مدار مباشر حول الشمس، لكنه ليس بالكوكب ولا يُصنف في الأساس على أنه مذنب.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات