قياس كتلة كوكب خارجي بحجم المريخ

توضيح الصورة: يُظهر هذا الرسم التخيلي المنظومة الكوكبية التي تؤوي كبلر-138 بي، وهو أول كوكب خارجي أصغر من الأرض يتم تحديد كل من كتلته وحجمه. تم تضخيم أحجام الكواكب نسبة إلى النجم. 

 

تحدّثت رواياتُ الخيال العلمي في الماضي عن إمكانيّة تحديد أحجام الكواكب الخارجية (exoplanets) ذات الحجم المشابه للأرض، وذلك بحسب مقدار حجبها لضوء النجم الذي تدور حوله على بعد مئات السنين الضوئية، أما قياسُ كتلةٍ ككتلةِ هذا الكوكب الصغيرة بالاعتماد على جاذبيته فقد كان خارج نطاق التفكير كلياً، لكنّ الفلكيين تمكنوا للتو من تحقيق هذا الإنجاز مع كوكب يصغر الأرض بحوالي 50%.

استخدم الباحثون بيانات تلسكوب كبلر (Kepler) التابع لناسا لقياس كتلة كوكب خارجي حجمه مشابه للمريخ وتبلغ كتلته حوالي عُشر كتلة الأرض. وقد دُعي هذا الكوكب الخارجي باسم كبلر-138بي أو (Kepler-138b)، وهو أول كوكب خارجي أصغر من الأرض يتمكن العلماء من قياس حجمه وكتلته، ويعني ذلك أن مجال الكواكب التي يمكن قياس كثافتها قد اتسع بشكل كبير.


لتحديد كتلة الكوكب، قاس الفلكيون الحركة الضئيلة للنجم، والمتولدة عن السّحْبِ التثاقلي للكوكب الذي يدور حوله. ويُعتبر تحديد مثل هذا السّحْبِ الضئيل بواسطة التقنيات المتوفرة حالياً تحدياً استثنائياً في الكواكب ذات الكتلة المشابهة لكتلة الأرض. ولحسن الحظ، فقد تمكن العلماء من تطوير طريقة أخرى لتحديد كتل الكواكب حين تكون هناك عدة كواكب تدور معاً حول أحد النجوم.

وقد تولى دانييل جونتوف-هاتر Daniel Jontof-Hutter، وهو باحث مساعد في مركز الكواكب الخارجية والعوالم القابلة للسكن التابع لجامعة ولاية "بنسلفينيا"، قيادة فريق الفلكيين في هذه الدراسة لقياس كتلة الكواكب الثلاثة جميعها، من خلال رصد الفترة التي يحتاج إليها كل كوكب للمرور، أو العبور، أمام النجم كبلر-138 بدقة بالغة.

يقول جونتوف-هاتر: "يتباطأ كل كوكب ويتسارع بشكل طفيف ودوري بفعل جاذبية الكواكب المجاورة. ويسمح التبدل الطفيف في الفترة المارة بين حوادث العبور بقياس كتل الكواكب".

كلّما عبر كوكبٌ أمام النجم الذي يدور حوله فهو سيحجب جزءاً بسيطاً من ضوء هذا النجم، مما يسمح للفلكيين بقياس حجم الكوكب. وهذه هي الطريقة التي مكّنَت المركبة الفضائية كبلر من اكتشاف آلاف الكواكب حول نجوم أخرى.

ومن خلال قياس كتلة الكوكب الخارجي وحجمه في آن معاً، يستطيع العلماء قياس كثافة الكوكب، واستخلاص تركيبه الإجمالي لتحديد ما إذا كان الكوكب مؤلفاً على الأغلب من الصخور، أو الماء، أو الغازات.

تتوافق كثافة الكوكب الصغير كبلر-138بي مع التركيب الصخري للأرض أو المريخ، لكن الفلكيين بحاجة للمزيد من الأرصاد قبل أن يتمكنوا من الجزم بشكل قاطع من أن هذا الكوكب هو بالفعل عالمٌ صخري.

يُعتبر كبلر-138بي الكوكب الأكثر قرباً من نجمه في هذه المنظومة المؤلفة من ثلاثة كواكب حول النجم كبلر-138، وحجم هذا النجم هو أقل من نصف حجم الشمس، وهو أبرد منها بحوالي 30%، وتقع منظومة كبلر-138 على مسافة تقدّر بحوالي 200 سنة ضوئية من الأرض، وذلك باتجاه كوكبة القيثارة (Lyra).

أما الكوكبان الآخران، وهما كبلر-138سي وكبلر-138دي، فهما بحجم الأرض تقريباً. ومن المحتمل كثيراً أن يكون الكوكب كبلر-138سي عالماً صخرياً، في حين أن كبلر-138دي أقل كثافة، ولا يمكن أن تكون المواد المكوِنَةُ له مشابهة للمواد الموجودة في كوكب الأرض. وتدور جميع هذه الكواكب الثلاثة على مسافة قريبة جداً من نجمها، بحيث يمنع ذلك من وجود الماء السائل على السطح ويعيق نشوء الحياة كما نعرفها.

يبين هذا المخطط البياني كتل وأحجام الكواكب الخارجية الأصغر التي تم قياس كل من كتلتها وحجمها. وقد وضعت كواكب المجموعة الشمسية باللون الأحمر للمقارنة. وتعتبر الكواكب الثلاثة التي تدور حول النجم كبلر-138 (وقد تم تمثيلها باللون البرتقالي) من أصغر أربعة كواكب خارجية تم قياس كتلتها وحجمها حتى الآن. ويعتبر كبلر-138بي أول الكواكب الخارجية التي تَصْغُر الأرض والذي أمكن قياس كل من كتلته وحجمه. ويعني ذلك أن مجال الكواكب التي يمكن قياس كثافتها قد اتسع بشكل كبير. المصدر: NASA Ames/W Stenzel
يبين هذا المخطط البياني كتل وأحجام الكواكب الخارجية الأصغر التي تم قياس كل من كتلتها وحجمها. وقد وضعت كواكب المجموعة الشمسية باللون الأحمر للمقارنة. وتعتبر الكواكب الثلاثة التي تدور حول النجم كبلر-138 (وقد تم تمثيلها باللون البرتقالي) من أصغر أربعة كواكب خارجية تم قياس كتلتها وحجمها حتى الآن. ويعتبر كبلر-138بي أول الكواكب الخارجية التي تَصْغُر الأرض والذي أمكن قياس كل من كتلته وحجمه. ويعني ذلك أن مجال الكواكب التي يمكن قياس كثافتها قد اتسع بشكل كبير. المصدر: NASA Ames/W Stenzel

يقول جاك ليساور Jack Lissauer، وهو المؤلفُ المشارك والمختص بعلوم الكواكب في مركز أميس للأبحاث التابع لناسا في موفيت فيلد-كاليفورنيا: "ستساعد الدراسة المستقبلية للكواكب الصغيرة في تحسين فهمنا للتنوع الموجود في الطبيعة، كما ستساعد في تحديد ما إذا كانت الكواكب الصخرية المشابهة للأرض هي ظاهرة شائعة أم نادرة".

وتماماً كما درس الفلكيون في بداية القرن العشرين مجموعة واسعة من النجوم لتحديد أنماطها المختلفة وتصنيفها، فإن الفلكيين يقومون بنفس المهمة في القرن الحادي والعشرين، وذلك لفهم الخصائص الديموغرافية للكواكب وتنوعها في مجرة درب التبانة.

يعمل العلماء على استخدام هذه القياسات الجديدة للكواكب الصغيرة، والتي تم الحصول عليها من المركبة كبلر، بالإضافة إلى تلك التي سيتم الحصولُ عليها من البعثة القادمة التابعة لناسا "القمر الصناعي الماسح لعبور الكواكب الخارجية"، بهدف تحديد نماذج العلاقة بين الحجم والكتلة، وستؤمّن هذه المعلومات السياق اللازم لفهم تاريخ الأرض والكواكب الأخرى في المجموعة الشمسية، كما ستُفيد الجيل القادم من صيّادي الكواكب خلال بحثهم عن الحياة خارج النظام الشمسي.

وفي دراسة سابقة، جرى قياس كتلة كوكبين خَارِجِيّيْن، أما هذه الدراسة فقد شَمِلت تحليلاً أكثر تفصيلاً لمنظومة النجم كبلر-138 باستعمال المزيد من بيانات كبلر. وقد أتاح ذلك قياسَ كتلة الكوكب الأقرب إلى النجم، والذي يشابه حجمه حجم المريخ، كما حسَّن دقة قياس حجم الكواكب الخارجية وكتلتها. وقد تم نشر النتائج في عدد الخميس 18 حزيران/يونيو من مجلة Nature.

يقوم مركز أميس للأبحاث في موفيت فيلد-كاليفورنيا بإدارة البعثتين كبلر وK2 لصالح إدارة البعثات العلمية التابعة لناسا. تمت إدارة بعثة كبلر من مختبر الدفع النفاث التابع لناسا في باسادينا-كاليفورنيا. تُشغّل شركة بول للتقنيات والملاحة الجوية نظام الطيران بدعم من مختبر فيزياء الفضاء والغلاف الجوي في جامعة كولورادو-بولدر.

للحصول على المزيد من المعلومات حول بعثة كبلر يرجى زيارة الرابط التالي:

 

http://www.nasa.gov/kepler.

 قام فريق من الفلكيين بقياس كتلة وحجم أصغر الكواكب الخارجية المعروفة حتى اليوم، وهو كوكب بحجم المريخ يدعى كبلر-138بي ويدور حول قزم أحمر يبعد مسافة تقدر بحوالي 200 سنة ضوئية عن النظام الشمسي. يُظهر هذا الفيديو مخطط العلاقة بين الكتلة والقطر بالاعتماد على القياسات التي أجريت لـ127 كوكب خارجي. يبدأ الفيديو بإظهار الكواكب التي تماثل كتلتها كتلة المشتري، ثم يقترب تدريجياً من الكواكب ذات الأحجام والكتل الأقل ليقارن الخصائص الفيزيائية لكواكب المنظومة كبلر-138 مع الأرض، والزهرة، والمريخ، وعطارد. ويعتبر الكوكب كبلر-138بي أول الكواكب الخارجية الأصغر من الأرض التي تُقاس كتلتها وحجمها، وهو واحد من ثلاثة كواكب تدور حول النجم كبلر-138، وتَعبُر أمامه في كل مدار. كلما عبر الكوكب أمام النجم فهو يحجب جزءاً بسيطاً من ضوئه مما يسمح للفلكيين بقياس حجم الكوكب. تم اكتشاف جميع هذه الكواكب بواسطة كبلر، وهي بعثة تابعة لناسا اكتشفت أكثر من ألف كوكب حول نجوم أخرى. المصدر: Jason Rowe, NASA Ames/SETI Institute.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الكواكب الخارجية (Exoplanets): أو الكواكب الموجودة خارج النظام الشمسي.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات