تلسكوب هابل يجدُ السوبرنوفـا في المكان والزمان الخطأ

أظهَرت الصور التي التقطَها تلسكوب هابل الفضائي بعضُ المجرات الإهليلجية وهي محاطةٌ بالظلام، مع وجود ممراتٍ من الغبار الناعم فيها. وتُعد هذه من العلامات المميزةٍ التي تشيرُ إلى حدوث اندماجٍ مجري حديث العهد، على اعتبارِ أن الغبارَ الذي نراه هو بمثابةِ بقايا المجرة الصغيرة التي تم استنزافها واستهلاكها من قبل المجرة الإهليلجيةِ الأكبر حجماً. 


ويشيرُ الرمز (X) في الصور إلى أماكنَ حدوث انفجاراتٍ الـ سوبرنوفا باعتبارها سمةً مرافقةُ ومرتبطةٌ بالمجرات. وقد تم إبعادُ كل سوبرنوفا عن مجرته المضيفة من قبل زوجٍ من الثقوب السوداءِ المركزية فائقة الكتلة. يَبعد SN 2000ds في جهة اليسار عن مجرته مسافةً تبلغُ اثنا عشرَ ألفَ سنةً ضوئية على الأقل، بينما يبعد NGC 2768; SN 2005cz  في جهة اليمين عن مجرته مسافة تبلغُ سبعة ِآلافِ سنة ضوئيةٍ على الأقل. ويستقرُ كل من النجمين NGC 4589. NGC 2768 في منطقةٍ تبعُد عن الأرض مسافةً تبلغ خمساً وسبعون مليونَ سنة ضوئية. بينما يبعدُ NGC 4589 عن الأرضِ مسافةٍ تقدر بـ 108 مليون سنة ضوئية. ويعدُ نجم السوبرنوفا هذا جزءاً من تعدادٍ يشمل ثلاثة عشر سوبرنوفا آخر، وذلك لتحديدِ سبب انفجارها خارج الحدودِ المريحة لمجرتها. وقد استندت هذه الدراسةُ إلى أرشيف الصور المحفوظة التي تم التقاطها بواسطة عدد من التلسكوبات، مثل تلسكوب هابل الفضائي. وقد تمّ رصدُ كلا المجرتين بواسطة كاميرا هابل المتقدمة للمسح Hubble's Advanced Camera. وقد تم التقاط صورة النجم NGC 4589 بتاريخ 11 نوفمبر/تشرين الثاني لعام 2006، بينما تم التقاط صورة NGC 2768 في 31 ماي/أيار لعام 2002. 

المصدر: NASA, ESA, and R. Foley University of Illinois


لطالما سُحِر العلماءُ وفُتِنوا بمجموعةٍ من النجوم المتفجرة والاستثنائية، والتي تُعتبر منبوذةَ خارجُ الحدود المعتادة والمريحة لمجراتها، تضمنت الدراسة الجديدة ثلاثة عشر من نجوم الطارق الأعظم السوبرنوفا (supernovae)، والتي استقت بعضُ بياناتها من تلسكوب هابل الفضائي التابع لوكالة ناسا (NASA’s Hubble Space Telescope). وستساعد علماءُ الفلك على شرح وتفسير كيفية انفجارِ بعض النجوم الشابة في فترةٍ أقرب مما كان متوقعاً لها، مما أدى إلى قذفها إلى مكانٍ منعزلٍ بعيداً عن مجراتها المضيفة. 

ووفقاً لدراسةٍ علمية ترأسها ريان فولي Ryan Foley من جامعة إيلينوي في إربانا، شامبين University of Illinois at Urbana-Champaign، فإنّ هذا الموضوعُ يعتبر بمثابةِ لغزٍ معقد، وقد بدأ منذ عام 2000 عندما تم اكتشافظُ أول سوبرنوفا، وهو يشملُ عدة جوانبَ مثل الأنظمة ثنائية النجوم، واندماجُ المجرات، والثقوبُ السوداء المزدوجة أو الثنائية. يقول فولي: "شهدتْ هذه القصةُ الكثير من التقلبات والتحولات، لدرجة أنني شعرتُ بالمفاجأة الشديدة عند كل مرحلة.و بالطبع كنا نعلم أن هذه النجومُ يتوجب عليها أن تكون بعيدة عن مصدر انفجارها كسوبرنوفا، لذا ما نريد معرفته ببساطة هو كيفية وصولها إلى موقعها الحالي". 


ويعتقدُ فولي أن النجومَ الهالكةَ أو الفانيةَ انتقلت ورحلت بطريقةٍ أو بأخرى إلى نقاطِ رقادها الأخيرة. ولإثباتِ صحة وجهة نظره، قام بدراسةِ بياناتٍ مستقاة من مرصد ليك في كاليفورنيا Lick Observatory in California، ومن مرصد دبليو. إم. كيك W. M. Keck Observatory وتلسكوب سوبارو (Subaru Telescope) وكلاهما في هاواي، لتحديدِ مدى سرعةُ النجوم عند سفرها وانتقالها. وبدهشةٍ بالغة، اكتشف فولي أن النجومَّ الهالكة تندفعُ وتنطلقُ تقريباً بنفس السرعة التي يتمُ فيها قذفُ النجوم خارج مجرة درب التبانة من قبل ثقبٍ أسود مركزي هائل الكتلة، أي بسرعة خمسةِ ملايين ميلٍ (7 ملايين كيلومتر) في الساعة. 

بعد ذلك، حوَّل عالمُ الفلك انتباهه إلى المجراتِ المعمرة الموجودة في منطقة حدوث السوبرنوفا السريعة جداً. ومن خلال دراسته للأرشيف الخاص بتلسكوب هابل، أكدّ فولي أنّ العديدَ من المجرات الإهليلجية فائقةُ الكتلة، قد تكونُ اندمجت سابقاً أو تندمج مع مجراتٍ أخرى خلال الفترة الحالية. كما يوضح فولي أن الممرات الغبارية هي عبارة عن بقايا صغيرةٍ متشرذمة من المجرات البدائية. وقد قدمتْ أرصادٌ أخرى دليلاً ظرفياً على حدوث مثل هذا الاندماج، حيث أظهرت هذه الأرصادُ أنّ مراكز العديد من هذه المجرات تحتوي ثقوباً سوداء نشطة فائقة الكتلة، تمت إثارتها بواسطة تصادم المجرات. 

أيضاً، يستقرُ العديد من المجراتِ في أماكن وبيئات كثيفةٍ في قلب العناقيد المجرية، والتي تعتبر مناطق أساسية ومناسبة لحدوث عمليات الاندماج فيها. وتُعتبر الممراتُ الغبارية الموجودة في مراكز عددِ من تلك المجرات المفتاح الكامن وراء حل هذا اللغز. 

يقول فولي أنّ موقع السوبرنوفا بالنسبة إلى المجراتِ القديمة، يشيرُ إلى أنّ النجوم الأصلية يجب أن تتصف بالقدم أيضاً. ويبرر فولي هذا بقوله إنه في حال كانت النجومِ قديمة، فإنها يجبُ أن تحظى بنجومٍ مرافقة لها بشكل يؤمن ما يكفي من المواد للتسبب بانفجار سوبرنوفا كبير. 


يقدم هذا التوضيح سيناريو معقولاً لكيفيةِ انفجار النجوم الشاردة كالسوبرنوفا خارج الحدود المريحة للمجرات. 1- يقتربُ زوجٌ مؤلفٌ من ثقبين أسودين جنباً إلى جنب خلال اندماج المجرة، ويسحبُ كلُ واحد منهما معه نجوماً يبلغ عددها المليون تقريباً. 2- يتجولُ نظامٌ ثنائي النجوم بشكل قريبٍ جداً من الثقبين الأسودين. 3- تقوم الثقوبُ السوداء هنا بعمل منجنيق الجاذبية، فترمي النجومَ إلى خارج المجرة. وفي نفس الوقت، تقترب النجوم من بعضها مرة أخرى. 4- تقتربُ النجوم الثنائية من بعضها البعض مرة أخرى بعد أن يتم طردها من إلى خارج المجرة، حيث تنجرفُ الطاقة المدارية في النجم الثنائي، وتنساق على شكل موجات جاذبية. 5- وفي نهاية المطاف، سيؤدي اقترابُ النجوم الشديد من بعضها البعض إلى انقسام أحدها بفعل قوى المد والجزر. 6- يتمُ التخلصِ من بقايا النجم الميت ورميها في النجم الباقي، مما يؤدي إلى حدوث السوبرنوفا. المصدر: NASA, ESA, and P. Jeffries and A. Feild STScI
يقدم هذا التوضيح سيناريو معقولاً لكيفيةِ انفجار النجوم الشاردة كالسوبرنوفا خارج الحدود المريحة للمجرات. 1- يقتربُ زوجٌ مؤلفٌ من ثقبين أسودين جنباً إلى جنب خلال اندماج المجرة، ويسحبُ كلُ واحد منهما معه نجوماً يبلغ عددها المليون تقريباً. 2- يتجولُ نظامٌ ثنائي النجوم بشكل قريبٍ جداً من الثقبين الأسودين. 3- تقوم الثقوبُ السوداء هنا بعمل منجنيق الجاذبية، فترمي النجومَ إلى خارج المجرة. وفي نفس الوقت، تقترب النجوم من بعضها مرة أخرى. 4- تقتربُ النجوم الثنائية من بعضها البعض مرة أخرى بعد أن يتم طردها من إلى خارج المجرة، حيث تنجرفُ الطاقة المدارية في النجم الثنائي، وتنساق على شكل موجات جاذبية. 5- وفي نهاية المطاف، سيؤدي اقترابُ النجوم الشديد من بعضها البعض إلى انقسام أحدها بفعل قوى المد والجزر. 6- يتمُ التخلصِ من بقايا النجم الميت ورميها في النجم الباقي، مما يؤدي إلى حدوث السوبرنوفا. المصدر: NASA, ESA, and P. Jeffries and A. Feild STScI


كيف يمكن لنظام ثنائي النجم أن يهرب متجاوزاً حدود المجرة؟


يفترض فولي أن زوجاً من الثقوب السوداء فائقة الكتلة والذي يوجد في المجرات المندمجة، بإمكانه أن يعملَ كمنجنيقٍ للجاذبية، بحيث يقوم بإطلاق النجوم الثنائية إلى الفضاء بين المجرات. وتكشف الأرصادُ التي قام بها تلسكوب هابل أن كل مجرة تقريباً لديها ثقب أسود فائق الكتلة في مركزها. ووفقاً للسيناريو الذي وضعه فولي، بعد حدوث الاندماج بين مجرتين، فإن الثقوبَ السوداء الخاصة بهما تنتقل وترحل إلى مركز المجرة الجديدة ساحبةً معها عنقوداً من النجوم. وبعد ذلك تظل الثقوب السوداء ملازمة لبعضها البعض بشكل يجعلها أكثر قرباً، بحيث أن أحد النجوم الثنائية في حاشية الثقب الأسود الأول ربما سيطوف مقترباً من الثقب الأسود الثاني. كما سيتم قذف ورمي العديد من هذه النجوم بعيداً جداً. وبعد حدوث الاصطدام، ستدورُ هذه النجوم المطرودة في الأنظمةِ الثنائية التي حافظت على وجودها، بشكلٍ أكثر قرباً، الأمر الذي من شأنه أن يسرع عملية الاندماج.


يقول فولي: "عند وجود ثقبٍ أسود، فإن نجماً ما في بعض الأحيان سيطوف بشكلٍ قريب جدا منه، مما يؤدي إلى حدوث تداخل شديدٍ جداً بينهما. أما في حالة وجود ثقبين أسودين، فإن مجموعتين من النجوم سيتم جرها وسحبها بالقرب من ثقب أسود أخر. وهذه العملية ستزيد بشكل كبير ودراماتيكي من احتمالية قذف النجم بعيداً جداً". وفي حال قمنا بإجراء مقارنةٍ ما، فسنجدُ أن الثقب الأسود الموجود في مجرة دربِ التبانة قد قذف نجماً واحداً خلال قرن، بينما قام ثقبٌ أسود ثنائي فائق الكتلة بطرد وإخراج 100 نجم خلال سنة واحدة. 

وبعد إخراجهم وقذفهم خارج المجرة، ستقترب النجوم الثنائية من بعضها مع استمرار حركتها المدارية بالتسارع، مما يؤدي إلى تسريع عملية تقادم العمر للنجوم الثنائية. تبدو هذه النجوم الثنائية كأقزامٍ بيضاء، وهي عبارة عن بقايا وآثار النجوم المحترقة. وفي نهاية المطاف ستقترب تلك الأقزام البيضاء بما فيه الكفاية لتتسبب بحدوث تصدع وانقسام في أحدها بفعل قوى المد والجزر. وسيؤدي تفريغ بقايا النجم الميت بسرعة كبيرة في النجم الجديد الذي حافظ على وجوده، إلى حدوث انفجار يسببُ ظاهرة السوبرنوفا. 

يعتبرُ الزمن الذي يستغرقه أحد هذه النجوم المطرودة كي ينفجر قصيراً نسبياً، إذ يبلغ حوالي 50 مليون سنة. كما أن هذه الأنواع من النجوم الثنائية تستغرق عادةً وقتاً طويلاً للاندماج، وربما ستحتاج إلى فترةٍ زمنية أطول بكثير من عمر الكون نفسه أي أكثر من 13 مليار سنة. 

يوضح فولي هذا بقوله : "إن هذا التداخل بين النجوم السوداء سوف يقصر من مدة حدوث الاندماج". وبينما يعتقد العلماء أنهم اكتشفوا السبب الكامن وراء حدوث ظاهرة انفجار السوبرنوفا، إلا أن بعض الجوانب الغامضة المتعلقة بها لا تزال غيرُ قابلة للحل أو التفسير، ومنها اعتبارها ضعيفة بشكل غير اعتيادي.


تنتج عن السوبرنوفا كمية كبيرة من الكالسيوم تفوق بـ5 أضعاف الكمية الناجمة عن الانفجارات النجمية الأخرى. كما تمتلك انفجارات السوبرنوفا ما يكفي من الطاقة لإنتاج عناصر أثقل بكثير، مثل الحديد والنيكل، وذلك على حسابِ إنتاج عنصر الكالسيوم. أما هذه الانفجارات فهي تبدو غريبة وشاذة عن القاعدة من جهة أن عملية الانصهارِ فيها تتوقف في منتصفها، مما يؤدي إلى إنتاج الكثير من الكالسيوم والقليل من الحديد.

يقول فولي: "كل المؤشراتِ تدل على حدوث انفجار ضعيف، ونحن نعرف أن هذه الانفجارات تمتلك طاقة حركية أقل، وسطوعاً أقل من نموذج السوبرنوفا. كما يبدو أن لديها كمية أقل من المواد المطرودة، في حين أن حدوث انفجار أكثر نشاطاً سيؤدي إلى فك ارتباط النجم الثنائي".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • المستعرات الفائقة (السوبرنوفا) (supernovae): 1. هي الموت الانفجاري لنجم فائق الكتلة، ويُنتج ذلك الحدث زيادة في اللمعان متبوعةً بتلاشي تدريجي. وعند وصول هذا النوع إلى ذروته، يستطيع أن يسطع على مجرة بأكملها. 2. قد تنتج السوبرنوفات عن انفجارات الأقزام البيضاء التي تُراكم مواد كافية وقادمة من نجم مرافق لتصل بذلك إلى حد تشاندراسيغار. يُعرف هذا النوع من السوبرنوفات بالنوع Ia. المصدر: ناسا
  • المستعرات الفائقة (السوبرنوفا) (supernova): 1. هي الموت الانفجاري لنجم فائق الكتلة، ويُنتج ذلك الحدث زيادة في اللمعان متبوعةً بتلاشي تدريجي. وعند وصول هذا النوع إلى ذروته، يستطيع أن يسطع على مجرة بأكملها. 2. قد تنتج السوبرنوفات عن انفجارات الأقزام البيضاء التي تُراكم مواد كافية وقادمة من نجم مرافق لتصل بذلك إلى حد تشاندراسيغار. يُعرف هذا النوع من السوبرنوفات بالنوع Ia. المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات