تحاذي نجمي نادر يقدم فرصة لاصطياد الكواكب

أقرب النجوم إلى شمسنا هو القزم الأحمر بروكسيما سنتوري (Proxima Centauri)، وهو الآن في طريقه للاقتران مع نجمين بعيدين في الخلفية. وسيُقدم هذا التحاذي لعلماء الفلك فرصة فريدة للبحث عن الكواكب الدائرة بالقرب من بوركسيما سنتوري. وبالإضافة إلى ذلك، سيتمكن علماء الفلك من إجراء قياس دقيق لكتلة هذا القزم الأحمر المنعزل. 


استُخدمت عمليات الرصد المُجراة بالاعتماد على تلسكوب هابل الفضائي في رسم مسار النجم على طول السماء بدقة كافية وتسمح لعلماء الفلك بالتنبؤ بمواجهتين قريبتين للنجم بروكسيما سنتوري. سيمر القزم الأحمر أمام النجم الموجود في الخلفية وسيكون قَدره (لمعانه الظاهري) 20 في الشهر اوكتوبر/تشرين الأول من العام 2014، وسيبلغ لمعانه الظاهري 19.5 في فبراير/شباط عام 2016. 


سيؤدي انحناء الفضاء الناتج عن حقل جاذبية النجم بروكسيما سنتوري إلى حصول تغير صغير في مواقع النجوم الظاهرة في الصورة مقارنةً مع مواقعها الحقيقية في السماء. ويُمكن استخدام هذا الانحراف في قياس كتلة النجم بروكسيما سنتوري -كلما كان الانحراف أكبر، كلما كانت كتلة النجم بروكسيما أكبر. وإذا كان لدى النجم بروكسيما سنتوري كوكب، فقد ينتج انزياح آخر نتيجة لحقل جاذبية الكوكب المرافق. 


سيكون الانحراف الحاصل في الموقع الظاهري للنجوم صغيراً ويُقدر بحوالي 0.5 ميلي ثانية قوسية و1.5 ميلي ثانية قوسية على التوالي -تُعادل الميلي ثانية القوسية عرض مفتاح موجود في هونولولو بهاواي عند النظر إليه من مكان في مدينة نيويورك. يستطيع هابل قياس أحجام تصل إلى حوالي 0.2 ميلي ثانية قوسية. ويمكن لكل من التلسكوبين التابعين لوكالة الفضاء الأوروبية وهما تلسكوب جايا الفضائي والتلسكوب الكبير جداً في تشيلي القيام بقياسات مشابهة. تستمر هذه الأحداث الميكروية-العدسية من عدة ساعات لعدة أيام. 


ولأن النجم بروكسيما سنتوري قريب جدا للأرض، فإن المنطقة التي ستنحني من الفضاء جراء حقل جاذبيته ستكون أكبر مما هي عليه مع النجوم البعيدة، وهذا يجعل من عمليات الرصد أسهل من حيث البحث عن الانزياحات في المواقع النجمية الظاهرية التي يسببها ذلك المفعول. 

 

حتى الآن، باءت كل المحاولات التي جرت للكشف عن الكواكب في جوار بروكسيما سنتوري بالفشل. إن السرعة القطرية والمراقبات الفلكية التي يمكنها قياس الانحناء الثقالي للنجم نتيجة السحب الواقع عليه من الصحبة التي يملكها، لم تؤدي إلى الكشف عن كواكب. واستبعدت المراقبات الفلكية التي استمرت لـ 1000 يوم وجود كواكب عملاقة تبلغ من الكتلة ما يفوق 80% من كتلة المشتري. 


وبالمثل استبعدت السرعة القطرية وجود أي من الكواكب التي تمتلك كتلة أكبر من كتلة نبتون أو كوكب بمدار له نصف قطر أكبر من نصف قطر مدار الأرض. لكن الآن وبفضل النظر إلى التأثيرات العدسية الميكروية خلال هذا التحاذي النجمي النادر، سيُصبح بالإمكان الكشف عن الكواكب الأرضية حول بوكسيما سنتوري. 

 
بحث فريق يقوده كايلاش ساهو Kailash Sahu من معهد علوم تلسكوبات الفضاء في بالتيمور-ميريلاند بين 5000 نجم موجود في تصنيف ليتن للنجوم التي تملك معدلات عالية للحركة الزاوية عبر السماء بهدف البحث عن أحداث التحاذي هذه. ويقول ساهو: "على ما يبدو سيقدم مسار بروكسيما سنتوري واحدة من أكثر الفرص أهمية بسبب مروره القريب جدا من النجمين". وبسبب قربه من الأرض، يتحرك النجم بروكسيما سنتوري في السماء عند معدلات زاوية مرتفعة نسبيا. ويقطع منطقة من السماء بعرض ظاهري كعرض القمر المكتمل كل 500 سنة. 


الأقزام الحمراء هي أكثر أصناف النجوم شيوعا في مجرتنا درب التبانة، وتستمر هذه النجوم بالسطوع منذ ولادتها لأنها تعيش لمدة أطول من نصف عمر الكون. لذلك فإنّ الحصول على قياسات دقيقة للكتلة أمر مهم لفهم درجة حرارة النجم، وقطره، ولمعانه الجوهري وعمره.

يُوجد مقابل كل نجم مثل شمسنا حوالي 10 أقزام حمراء في الفضاء. وبسبب كتلتها الأقل، تميل هذه النجوم لحيازة كواكب أصغر، وتُعتبر الأقزام الحمراء المكان الأنسب للذهاب والبحث عن الكواكب أرضية الحجم. 


يقع النجم بروكسيما سنتوري على بعد حوالي 4.2 سنة ضوئية من الأرض، وهو يبعد فقط حوالي 0.2 سنة ضوئية عن النجم الأبعد الذي يشكل نظاما ثنائيا والمسمى ألفا سنتوري A+B. تُعتبر هذه النجوم الثلاث جزءا من نظام نجمي ثلاثي، رغم أن النجم بروكسيما سنتوري تطور من نظام ثنائي لنجمين مترافقين ومشابهين للشمس. 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات