هل ستدمر المادة المضادة العالم؟


في كتاب دان براون "ملائكة وشياطين" يُحاول مجتمع سري تدمير الفاتيكان باستخدام قنبلة مصنوعة من المادة المضادة (antimatter bomb). تعمل هذه القنبلة الخيالية عبر دمج غرامٍ واحدٍ من المادة بغرامٍ اخر من المادة المضادة، التي هي عبارة عن جسيمات دون ذرية تتمتع بخواص معاكسة لجسيمات المادة العادية مما يتسبب بالتالي فناء كلا المادتين في انفجار هائل.


إذا قرأت ذلك الكتاب، فربما ستشعر بالقليل من التوتر لاحقاً خصوصاً بوجود عناوين الأخبار التي تتحدث عن صنع علماء منظمة الأبحاث النووية الأوروبية "سيرن" لكميات من المادة المضادة قابلة للرصد، محافظين عليها لحوالي 16 دقيقة. إذاً، ماذا لو اجتمعت تلك المادة المضادة التي صنعوها مع ذرات عادية؟ هل سيتسبب الفناء المتبادل و الطاقة الصافية الناتجة بتدمير العالم؟


عالمة الفيزياء كارلا موسكوفيتش Clara Moskowitz، وهي كبيرة الناشرين في موقع space.com الموقع الشقيق للايف ساينس، تقول أن الإجابة هي لا. قامت موسكوفيتش بتغطية أبحاث المادة المضادة بشكلٍ مكثف وقد شرحت السبب مؤخراً في مقابلة على الراديو.


تقول موسكوفيتش لراديو CBS في سياتل: "لكي تُهدئ من روعك، أستطيع أن أخبرك أنه من الصحيح أنه عند اجتماع المادة والمادة المضادة، فهما يُفنيان بعضهما، في انفجار هائل حيث تتحول كتلتهما إلى طاقة. ولذلك يُمكنني أن أدرك كيف اعتقد دان بروان بأنّ ذلك يبدو مقلقاً. لكن وعلى مدار تاريخ العالم، قُمنا بصنع مقادير ضئيلة جداً من المادة المضادة بحيث أنك لو أردت إفنائها جميعها في نفس اللحظة، فلن ينتجَ طاقة كافية حتى لغلي كأس من الشاي، ناهيك عن تفجير أي شيء".


أكد الفيزيائيون في سيرن هذه الحقيقة، فوفقاً للموقع الإلكتروني لمجموعة البحث المسؤولة عن انتاج المادة المضادة: "إذا جمعنا كل المادة المضادة التي تم صناعتها في سيرن، ومن ثمّ إفناؤها عبر دمجها مع المادة العادية، فلن تنتج طاقة كافية حتى لإنارة مصباح كهربائي واحد لبضع دقائق".


العلماء غير مهتمين بصناعة مقدار كافٍ من المادة المضادة لصنع قنبلة مادة مضادة مدمرة للعالم، وفي الحقيقة فهم غير قادرين على ذلك. حيث يقومون بصنع المادة المضادة عبر صدم جسيماتٍ متسارعة عند طاقاتٍ عاليةٍ جداً، حيث يتم في هذه العملية تحويل الطاقة الحركية إلى كتلة. ولكن هذه العملية غير فعالة أبداً، فجزء من مليار من الطاقة الابتدائية يتحول إلى جسيم مادة مضادة.


عالم الفيزياء في سيرن رولف لاندوا Rolf Landua يشرح الأمر للموقع الالكتروني قائلاً: "ليس علينا القلق حيال ذلك، بفضل عدم فعالية عملية تحول الطاقة هذه إلى مادة مضادة".


ويتابع قائلاً: "خذ على سبيل المثال الغرام الافتراضي الوحيد الخاص بدان براون. فبوجود التكنولوجيا الحالية في سيرن، سنكون قادرين على إنتاج حوالي 10 نانو غرام من المادة المضادة كل عام، بكلفةٍ تتراوح بين 10 إلى 20 مليون دولار. وبعد ذلك علينا التعامل مع مشكلة تخزين العديد من الجسيمات المضادة (حوالي 10000000000000000 بروتون مضاد antiprotons). إذا وبكل وضوح سيطلب الأمر ما يزيد عن 100 مليون سنة بكلفة 1000 تريليون دولار وذلك لإنتاج غرامٍ واحد من المادة المضادة. يبدو هذا الأمر طموحاً كبيراً حتى بالنسبة لجيش الولايات المتحدة الأمريكية".


بالإضافة الى ذلك، فإنّ مثل هذا الطموح لا هدف له. يكتب لاندوا موضحاً: "لماذا سنبني قنبلة من الهيدروجين المضاد بقوة 20 كيلوطن في حين أن القنابل الهيدروجينية الأكثر قوة بآلاف المرات موجودة بالفعل في مخازن القوى العظمى؟".

 

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • المادة المضادة (antimatter): تتميز المادة المضادة عن المادة بامتلاكها لشحنة معاكسة، فمثلاً: يمتلك البوزيترون (الالكترون المضاد) شحنة معاكسة للالكترون ويُماثله فيما تبقى. وكان العالم بول ديراك أول من اقترح وجودها في العام 1928 وحصل جراء ذلك على جائزة نوبر للفيزياء في العام 1933، أما الفيزيائي الأمريكي كارل اندرسون فكان أول من اكتشف البوزيترون في العام 1932 وحصل على جائزة نوبل في العام 1936 عن ذلك الاكتشاف. يُمكن رصد البوزيترون في تفكك بيتا لنظير الأكسجين 18O2. لكن في وقتٍ سابق لاندرسون، رصد العالم السوفيتي (Dimitri Skobeltsyn) وجود جسيمات لها كتلة الكترونات ولكن تنحرف في اتجاه معاكس لها بوجود حقل مغناطيسي أثناء عبور الأشعة الكونية في حجرة ويلسن الضبابية وحصل ذلك في العام 1929، وقام طالب معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا شونغ شاو برصد الظاهرة نفسها في نفس العام، لكنهما تجاهلا الأمر، اما اندرسون فلم يفعل ذلك. تعمل تجربة ALPHA التابعة لمنظمة الأبحاث النووية الأوروبية على احتجاز ذرات الهيدروجين المضاد وهي ذرة المادة المضادة الأبسط. المصدر: ناسا وسيرن والجمعية الفيزيائية الأمريكية.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات