كيف يعمل مصادم الهادرونات الكبير: الجزء الثالث

سنتعرف في هذا الجزء على آلية عمل مصادم الهادرونات الكبير، بعد أن تعرفنا في الجزء الأول عليه بشكل عام، وفي الجزء الثاني تعرفنا على بعض النظريات التي سيساعدنا على التحقق من صحتها، أو خطئها. 

 كل ما تعرفه خاطئ! 


أقر العديد من العلماء العاملين في مشروع مصادم الهادرونات الكبير ببساطة أنهم ليسوا متأكدين ما الذي سيحصل عندما تبدأ الآلة العمل، وهذا لأنه لم يوجد من قبل مسرع جسيمات جبار كمصادم الهادرونات الكبير أبداً، وأفضل ما استطاع أي عالم أن يزودنا به هو تخمين منمق، وقد قال عديد من العلماء الآخرين أيضا أنهم سيسعدون إن كان الدليل الذي سيقدمه مصادم الهادرونات الكبير يناقض توقعاتهم، فهذا سيعني أن هناك المزيد لتعلمه.

مصادم الهادرونات الكبير بالأرقام


قلب المغناطيس الكهربائي لمصادم الهادرونات الكبير . ∗∗حقوق الصورة : Fabrice Coffini/AFP/Getty Images
قلب المغناطيس الكهربائي لمصادم الهادرونات الكبير . ∗∗حقوق الصورة : Fabrice Coffini/AFP/Getty Images


إن مصادم الهادرونات الكبير آلة ضخمة ذات طاقة هائلة (على شكل دائري) وتتكون من ثمانية قطاعات، كل قطاع عبارة عن قوس محددة من كلا طرفيها بفواصل مستقيمة (Insertion) تفصلها عن بعضها (تعمل كمداخل متعددة الاستخدامات)، ويبلغ طول محيط مصادم الهادرونات الكبير الدائري 27 كيلومتر ( 16.8 ميل)، تقع أنابيب المسرع وحجرات الاصطدام على عمق 100 متر (328 قدم) تحت الأرض، هذا ويستطيع العلماء والمهندسون الوصول إلى نفق المصادم حيث تتوضع المعدات بوساطة مصاعد أو سلالم تتوضع في نقاط متعددة على طول المحيط الدائري للمصادم، وقد قامت سيرن ببناء بضعة مبان فوق الأرض يستطيع العلماء بها جمع وتحليل البيانات القادمة من تجارب المصادم. 

يستخدم المسرع المغانط لتسريع وتوجيه حزم البروتونات بسرعة تصل إلى 99.999999% من سرعة الضوء، هذه المغانط كبيرة جداً وبعضها يزن عدة أطنان، ويبلغ عددها في مصادم الهادرونات الكبير زهاء 9600 مغناطيس، يتم تبريدها إلى درجة منخفضة تبلغ 1.9 درجة كلفن (تعادل -271.25 درجة سيليزيوس و- 456.25 درجة فهرنهايت ) وهي أبرد من درجة حرارة الخلاء في الفضاء خارج الأرض.

 

وبالحديث عن الخلاء، فحزم البروتونات داخل المصادم تنتقل عبر أنابيب تسميها سيرن "أنابيب فائقة التخلية"، سبب بناء هكذا أنابيب مفرغة تماما هو تجنب وجود جسيمات يمكن أن تصطدم بها البروتونات قبل أن تبلغ درجة التصادم المناسبة (قبل اصطدامها ببعضها أو تسريعها كفاية)، فحتى جزيء واحد من غاز يمكن أن يسبب فشل التجربة. 

هناك ست مناطق على طول محيط المصادم يمكن للمهندسين تنفيذ تجاربهم فيها؛ تخيل كل منطقة منها كأنها مجهر الكتروني مزود بكاميرا رقمية، وبعض هذه المجاهر ضخمة مثل تجربة أطلس ATLAS: وهي عبارة عن جهاز بطول 45 مترا (147.6 قدم ) وبارتفاع 25 مترا ( 82 قدم ) ويزن 7000 طن ( 5443 طن متري). [المصدر: ATLAS].

 

منظر عام لتجارب مصادم الهادرونات الكبير . حقوق الصورة : Image courtesy CERN .
منظر عام لتجارب مصادم الهادرونات الكبير . حقوق الصورة : Image courtesy CERN .


يضم مصادم الهادرونات الكبير والتجارب المتصلة به حوالي 150 مليون حسّاس (sensor)، وهذه الحساسات ستجمع البيانات وترسلها إلى أنظمة حاسوبية متنوعة؛ ووفق سيرن فإن كمية البيانات التي يتم جمعها خلال التجارب ستكون حوالي 700 ميغا بايت في الثانية، وما يعنيه هذا أن مصادم الهادرونات الكبير سيجمع خلال السنة حوالي 15 بيتا بايت من البيانات، والبيتابايت الواحد يساوي مليون غيغا بايت، وهذه الكمية من البيانات يمكنها ملء مئة ألف دي.في.دي! [المصدر: CERN]. 

أما تشغيل مصادم الهادرونات الكبير فيحتاج الكثير من الطاقة، وتقدر سيرن أن استهلاك الطاقة السنوي للمصادم سيكون حوالي 800 ألف ميغاواط ساعي، وكان من الممكن أن يكون أعلى بكثير، لكن المنشأة لن تعمل خلال أشهر الشتاء؛ ووفقا لسيرن فإن تكلفة كل هذه الطاقة ستبلغ 19 مليون يورو، مايعادل تقريبا 30 مليون دولار في السنة على شكل فواتير كهرباء لمنشأة تكلف أكثر من 6 مليار دولار لبنائها [المصدر: CERN]. 

لكن ما الذي يحصل خلال التجارب؟ تابع القراءة لتكتشف ذلك في الجزء الرابع .

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات