قد تكون محركات الطي (Warp drives) من قضايا الخيال العلمي، لكن وفقاً لباحثٍ في جامعة سيدني، قد تقترب خطوةً أخرى من الواقع إنْ نظرنا لنظرية أينشتاين في الجاذبية.
ناقش أستاذ الفيزياء الفلكية جيراينت لويس Geraint Lewis من كلية الفيزياء، قدرةَ النظرية المشهورة على إتاحة السفر عبر الفضاء، وذلك في ندوته التي عُقدت في 17 أغسطس/آب من هذا العام خلال الأسبوع العلمي الوطني، والتي كانت بعنوان "فكرة أينشتاين الرائعة: قرنٌ على وجود الزمكان (space-time) والثقوب السوداء (black holes) وتوسع الكون".
قال الأستاذ لويس: "كتب أينشتاين نظرية النسبية العامة (general relativity) للمرة الأولى في العام 1915، لكننا لم نبدأ إلا الآن بخدش السطح لنرى ما تتنبأ به النظرية". وأضاف: "إنّ إمكانية التوصل لآلية تسمح لنا بالسفر عبر الكون بسرعةٍ تتجاوز سرعة الضوء هي إحدى الأشياء المستنتجة من الرياضيات. وقد تُعطينا النظرية، بعد قرن أو قرنين من الزمن، حلولًا كتلك التي تُمكننا من السفر بكفاءة وبسرعة عالية في أرجاء الكون''.
بارع في الرياضيات
أفاد الأستاذ لويس: "على مدار سنواتٍ عديدة بعد نشرها، تجاهل المجتمع العلمي نظرية أينشتاين في النسبية العامة واعتبرها صعبة جداً من الناحية الرياضية". وأضاف: "أدركنا الآن أن النظرية مهمة جداً للعلم الحديث. فهي لا تصف كل الكون فقط، وإنما تتنبأ أيضاً ببعض الأشياء الغريبة كالثقوب السوداء".
وتابع بأنّ وصف أينشتاين للجاذبية عزّز من وجود ابتكارات حديثة مثل نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، الذي يعتمد على التفريق بين معدلات الساعة في المدار وعلى الأرض. وقد يُساهم توسيع هذا الفهم لكيفية انحناء الزمن والمكان في تقديم إمكانيات مثيرة بالنسبة لطموحاتنا المتعلقة بالسفر في الفضاء.
كمثالٍ على التطورات العلمية المحتملة في المستقبل غير البعيد جداً، أشار لويس إلى الصناعة النامية التي تعمل على الكشف عن سلوك موجات الجاذبية (gravitational waves) -تموجات في انحناء الزمكان تنبأ بها ألبرت أينشتاين في العام 1916.
تمايل الزمكان
يقول لويس: "إذا كانت حقاً هناك أحداث عنيفة في الكون، فإنّ هذه الأحداث بإمكانها التسبب في تمايل الزمكان. على مدار نصف القرن الماضي، شكّل اكتشاف تلك التمايلات حلماً نقترب من تحقيقه الآن، إذ يتم بناء تلسكوبات جاذبية (gravitational telescopes) جديدة تُحاول الوصول إلى الحساسية الكافية لاكتشاف تلك الموجات''.
ويضيف: "عندما سنتمكن من كشف موجات الجاذبية، سنكون قادرين على رؤية أكثر الانفجارات والاصطدامات عنفاً في الكون. سيمثل ذلك الأمر تقدماً مدهشاً، حيث سيكون لدينا نافذة جديدة تطل على الكون".
في الوقت الذي تُشكل فيه نظرية النسبية العامة مع ميكانيكا الكمّ (quantum mechanics) أحد الأعمدة الرئيسة للفهم العلمي، يؤمن الأستاذ لويس بأن القرن القادم سيشهد العديد من المفاجآت. ويضيف قائلاً: "لا تزال تلك النظرية تُمثل فضولاً نظرياً لعامة الناس، لكنها تتمتع بتبعات علمية بعيدة المدى عند النظر إليها من الزاوية العلمية. عندما سنتمكن في النهاية من توحيد نظرية أينشتاين مع ميكانيكا الكمّ، فمن المرجح أن نكشف المزيد من أسرار الكون."