كيف يقوم العلماء بتسريع الجسيمات الى 99.99٪ من سرعة الضوء؟

ربما تكون قد اطّلعت مسبقاً على فكرة مسرعات الجسيمات من خلال الاطلاع على عمل مصادم الهادرونات الكبير LHC وهو مسرع جسيمات هائل مكّن العلماء من التوصل إلى جسيم بوزون هيغز. لكن مصادم الهادرونات الكبير ليس الوحيد، فالعالم مجهز بأكثر من 30,000 مسرع جسيمات تستخدم في مجموعة لا نهائية من المهام المختلفة.

بعض من هذه المسرعات كمصادم الهادرونات الكبير تستخدم في تسريع الجسيمات إلى ما يقارب سرعة الضوء لسحقها ببعضها بهدف اكتشاف وحدات البناء الأساسية لكوننا. بينما يستخدم البعض الآخر لغلق علب الحليب وأكياس رقائق البطاطا.

يعتبر مختبر بروكهافن الوطني Brookhaven National Laboratory في نيويورك الموطن الأصلي لأحد أكثر مسرعات الجسيمات تطوراً في العالم وهو مصدر ضوء السينكروتون الثاني National Synchrotron Light Source II، أو اختصاراً NSLS II.

سيسمح NSLS II للباحثين بالقيام بتطبيقات علمية واسعة المدى، ابتداءاً من تطوير عقارات علاجية أفضل، وبناء رقاقات حاسوب أكثر تطوراً، وحتى تحليل كل شي بدءاً من جزيئات أجسامنا وانتهاءأ عند التربة التي نسير عليها.

عندما قام العلماء بتعجيل الجسيمات إلى هذه السرعات المجنونة في NSLS II أجبروها على تحرير طاقة يستطيعون التلاعب بها للقيام بمجموعة مذهلة من التجارب المختلفة. 
 

بينما تدور الإلكترونات المتحركة بسرعة قريبة من سرعة الضوء في مدارتها فإنها تخسر طاقة على شكل إشعاع مثل الأشعة السينية X-Ray. هذه الأشعة السينية الناتجة في NSLS II شديدة السطوع، أكثر سطوعاً بمليار مرة من الأشعة الناتجة من جهاز الأشعة الموجود في عيادة طبيب أسنانك، عندما يقوم العلماء بتركيز هذه الأشعة شديدة السطوع على بقعة صغيرة جداً فإن ذلك يسمح لهم باستكشاف المادة على مستوى ذري، مشابهة نوعاً ما لمجهر موجه على مركّبات الستيرويد (steroids). فلنعد للسؤال الأصلي، كيف يسرع NSLS II الجسيمات إلى 99.99٪ من سرعة الضوء؟ كل ذلك بفضل العلم.

في البداية يقوم قاذف الإلكترونات بتوليد شعاع إلكتروني ومن ثم تلقيمه في مسرع خطي أو ما يسمى Linac. في المسرع الخطي تستخدم مجالات الأشعة الكهرومغناطيسية وأشعة المايكروويف لتسريع الإلكترونات والتي يجب أن تنتقل في الفراغ للتأكد من عدم اصطدامها بجسيمات أخرى مما يتسبب في إبطائها. 

ثم تدخل الإلكترونات في حلقة معززة حيث تقوم مجالات الأشعة الراديوية بتسريعها إلى ما يقارب 99.99٪ من سرعة الضوء، ثم تحقن بعد ذلك في حلقة دائرية تدعى حلقة التخزين.


توجه الإلكترونات في حلقة التخزين باستخدام تشكيلة مختلفة من المغانط، فالمغناطيس الأزرق يحني حركة الإلكترونات، والمغناطيس الأصفر يركز أو يشتت مسار الإلكترونات، والمغناطيس البرتقالي والأحمر يأخذ الإلكترونات البعيدة عن المركز ويجلبها نحو مسار أقرب.
 

المغانط الأصغر حجماً هي المغانط المصححة التي تحافظ على الشعاع في مساره. يظهر في الصورة جهاز الإدخال في حلقة التخزين. وأجهزة الإدخال عبارة عن تراكيب مغناطيسية تهز الإلكترونات أثناء مرورها خلال الجهاز، مما يؤدي إلى إنتاج شعاع شديد السطوع والتركيز.

عندما تتحرك الإلكترونات في مساراتها داخل حلقة التخزين تقل سرعتها قليلاً مما يفقدها بعض الطاقة. يمكن تحويل هذه الطاقة المفقودة إلى أشكال مختلفة من الإشعاع الكهرومغناطيسي مثل الأشعة السينية والتي توجه إلى أسفل خط الاشعاع متحركةً بخطوط مستقيمة مماسة لحلقة التخزين.

في نهاية خط الاشعاع تتفتت الأشعة السينية إلى عينات من المادة المستخدمة في التجربة. هذا هو التحليل الطيفي للأشعة السينية حيث يحلل العلماء التركيب الكيميائي للمواد بواسطة تحفيز الإلكترونات في ذرة ما.
 

يتعبر محيط NSLS II كبير جداً حيث يبلغ نصف ميل تقريباً، لدرجة أن الكثير من العاملين فيه يتنقلون باستخدام دراجات ثلاثية العجلات. لا يزال NSLS II في أولى مراحل تطوره بعد أن تفوقت على سابقتها NSLS في عام 2014. وبعد أن تكتمل ستكون قادرة على استيعاب أكثر من 70 خط شعاع. 

كتابة وحقوق الصور: علي سندرماير Ali Sundermier من بزنس إنسايدر

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات