حوارات عن العلم مع عالم الفيزياء النظرية مات ستراسلر

أنواع وتذبذبات النيوترينو


تأتي النيوترينوهات في ثلاثة أنواع -مثلها مثل اللّبتونات المشحونة (الإلكترون والميون والتاو)، والكواركات من النوع العلوي (الكوارك العلوي والكوارك الساحر والكوارك القمي)، والكواركات من النوع السفلي (الكوارك السفلي والكوارك الغريب والكوارك القعري). إلا أن هناك أكثر من طريقة لتقسيمها.

 

وبفضل طبيعة عالمنا الكمومية، فإننا نستطيع استخدام طريقة واحدة فقط في كل مرة. سأشرح هذه الملاحظة في هذه المقالة، كما سأشرح كيف يمكن أن تؤدي هذه الحقيقة إلى نشأة هذه الظاهرة المثيرة للاهتمام، والحاسمة جدا علمياً -وهي تذبذبات النيوترينو.

ربما كنتَ تظن أن للجسيمات كتلة محددة -لكل الإلكترونات طاقة كتلة (\(E = MC^2\)) تبلغ 0.000511 جيف- وهناك وجهة نظر تقول بعدم استثناء أنواع النيوترينوهات الثلاثة من ذلك. نستطيع تصنيف النيوترينوهات الثلاثة وفقا لكتلها (التي لا تزال غير معروفة إلى حد كبير، أنظر أدناه)، وتسميتها، من الأخف إلى الأثقل، "نيوترينو1" و"نيوترينو2" و"نيوترينو3". سنسمي هذا "التصنيف وفق الكتلة" (mass-classification)، وسنسمي هذه الأنواع من النيوترينوهات "نوع الكتلة" (mass-type).

إلى اليسار، نيوترينوهات نوع الكتلة (نيوترينو1، ونيوترينو2، ونيوترينو3) لها كتل محددة (لا تزال غير معروفة، على الرغم من أن بعض الاختلافات في "تربيعات" (squares) كتلها معروفة من خلال القياسات المبينة أدناه) وإلى اليمين: نيوترينوهات نوع التفاعل الضعيف (الإلكترون نيوترينو والميون نيوترينو، والتاو نيوترينو)، التي سميت تبعاً للبتونات المشحونة التي تصاحبها عند تفاعلها مع جسيمات W موجبة الشحنة، وهي ناقل القوة النووية الضعيفة. ونيوترينو الإلكترون، هو مزيج من نيوترونات النوع الكتلي الثلاثة، في حين أن نيوترينو3 هو مزيج من النيوترينوات من نوع التفاعل الضعيف.
إلى اليسار، نيوترينوهات نوع الكتلة (نيوترينو1، ونيوترينو2، ونيوترينو3) لها كتل محددة (لا تزال غير معروفة، على الرغم من أن بعض الاختلافات في "تربيعات" (squares) كتلها معروفة من خلال القياسات المبينة أدناه) وإلى اليمين: نيوترينوهات نوع التفاعل الضعيف (الإلكترون نيوترينو والميون نيوترينو، والتاو نيوترينو)، التي سميت تبعاً للبتونات المشحونة التي تصاحبها عند تفاعلها مع جسيمات W موجبة الشحنة، وهي ناقل القوة النووية الضعيفة. ونيوترينو الإلكترون، هو مزيج من نيوترونات النوع الكتلي الثلاثة، في حين أن نيوترينو3 هو مزيج من النيوترينوات من نوع التفاعل الضعيف.

إلا أن هناك طريقة أخرى لتصنيف النيوترينوهات وفقا لكيفية ارتباطها مع اللبتونات المشحونة (الإلكترون والميون والتاو). [تطرقت إلى هذا الأمر في مقالتي عن كيف ستبدو الجسيمات المعروفة لو كان "مجال هيغز" (Higgs field) يساوي صفراً.] أفضل طريقة لفهم هذا، هي التركيز على كيفية تأثر النيوترينات بالقوة النووية الضعيفة، التي تنعكس في تفاعلاتها مع جسيمات W.

 

إن جسيم W ثقيل جداً، وإذا صنعت واحداً، فإنه قد يضمحل في بعض الأحيان (أنظر الشكل 1) إلى واحد من "مضادات اللبتون" (anti-leptons) المشحونة الثلاثة، وواحد من النيوترينوهات الثلاثة.

 

إذا اضمحل جسيم W إلى "مضاد التاو" (anti-tau)، فإن النيوترينو الذي سينتج بالارتباط معه هو التاو نيوترينو. وبالمثل، إذا اضمحل جسيم W إلى "مضاد الميون" (anti-muon)، فسينبعث الميون نيوترينو. (على نفس قدر أهميتها في صنع شعاع النيوترينو، فإن اضمحلالات "البْيون" (pion)، من خلال التفاعلات الضعيفة والبيونات موجبة الشحنة، تنتج مضاد الميون والميون نيوترينو.) وإذا اضمحل جسيم W إلى "بوزيترون" (positron)، فسينتج الإلكترون نيوترينو. سنسمي هذا "تصنيف التفاعل الضعيف" (weak-classification)، وسنسمي هذه النيوترينوهات "نوع التفاعل الضعيف" (weak-type)، بما أنها هي القوة النووية الضعيفة التي تحدد تفاصيلها.

ما هي أهمية هذا الأمر؟


إننا نستخدم تصنيفات متعددة للناس كل الوقت. نتحدث عن كون الناس شباباً وفي منتصف العمر وكباراً. أو نتحدث عن كونهم طويلي القامة ومتوسطي الطول وقصيري القامة. ولكننا، حين يتعلق الأمر بالناس، نستطيع التمييز بينهم أكثر، إن شئنا، في تسع فئات: صغير وطويل القامة، صغير ومتوسط الطول، في منتصف العمر وقصير، كبير السن وقصير، ... إلخ.

 

إلا أن ميكانيكا الكم تحظر علينا فعل الشيء نفسه في تصنيفات النيوترينو. إذ ليس هناك ميون نيوترينو ونيوترينو1 في آن واحد؛ وليس هناك تاو نيوترينو 3. وإذا أخبرتك عن كتلة النيوترينو (وبالتالي فهو إما نيوترينو1 أو 2 أو 3)، فأنا ببساطة لا أستطيع أن أخبرك ما إذا كان إلكترون نيوترينو أو ميون نيوترينو أو تاو نيوترينو.

 

في الواقع، إن النيوترينو من نوع كتلة محدد هو مزيج، أو "تراكب" (superposition)، من نيوترينوهات نوع التفاعل الضعيف الثلاثة. وكل نيوترينو من نوع كتلة -نيوترينو1 و2 و3- هو مزيج محدد، ولكن مختلف، من الإلكترون نيوترينو والميون نيوترينو والتاو نيوترينو.

 

والعكس صحيح أيضاً. فإذا رأيت بيون يضمحل إلى مضاد الميون ونيوترينو، فسأعرف على الفور أن النيوترينو المنبعث كان الميون نيوترينو -ولكني لا أستطيع معرفة كتلته، لأنه مزيج من نيوترينو1 و2 و3. والإلكترون نيوترينو والتاو نيوترينو، هما أيضا مزيج محدد، ولكن مختلف، من النيوترينوهات الثلاثة ذات الكتلة المحددة.

العلاقة بين أنواع الكتلة وأنواع التفاعل الضعيف هذه، هي أشبه (ولكن ليست مطابقة لها) بالعلاقة بين تصنيف الطرق السريعة إلى طرق "شمالية/جنوبية" و"شرقية/غربية"، (كما تفعل حكومة الولايات المتحدة، بإسنادها الأعداد الفردية للطرق السريعة الشمالية/الجنوبية والأرقام الزوجية للطرق الشرقية/الغربية) في مقابل وصفها بأنها "شمالية شرقية/جنوبية غربية" أو "جنوبية شرقية/ شمالية غربية".

 

ربما كانت هناك أسباب وجيهة لاستخدام أي منهما: إن تصنيف الشمال/جنوب -شرق/غرب جيد، إذا رغبت في التركيز على خطوط العرض وخطوط الطول، بينما ربما كان تصنيف شمال شرق/جنوب غرب - شمال شرق/شمال غرب أكثر ملاءمة في المنطقة المجاورة للساحل، الذي يتخذ هو نفسه اتجاهاً من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي.

 

لكن، في كلتا الحالتين، لا يمكنك استخدام كلا التصنيفين في آن واحد. فالطريق الشمالية الشرقية هو جزئياً طريق شمالية وجزئياً طريق شرقية في آن واحد. ولا يمكنك أن تقول إنه في هذا الاتجاه أو الآخر. والطريق المتجهة شمالاً، هي مزيج من طريق شمالية شرقية وطريق شمالية غربية.

 

وهكذا هو الحال مع النيوترينوهات: نيوترينو نوع الكتلة هو مزيج من نيوترينيات نوع التفاعل الضعيف، ونيوترينو نوع التفاعل الضعيف هو بالمثل مزيج من نيوترينيات نوع الكتلة. (الموضع الذي يختل عنده هذا التشبيه، هو أنك تستطيع، إن شئت، استخدام تصنيفٍ أكثر دقة للطرق يتألف من أربع فئات، هي شمال/جنوب-شمال شرقي/جنوب غربي-شرق/غرب-جنوب شرقي/شمال غربي، والخيار المماثل غير متاح للنيوترينوهات).

هذا العجز عن تصنيف النيوترينو على أنه من نوع كتلة محدد ونوع تفاعل ضعيف محدد في آن واحد، هو مثال على "مبدأ عدم اليقين" (Uncertainty Principle)، على نحو مشابه للغرابة التي تؤدي إلى استحالة معرفة موقع جُسيم ما بالضبط ومعرفة سرعته بالضبط في آن واحد. إذ أنك إن عرفت واحدة من هذه الكميات على وجه التحديد، فلن تحوز معرفة واضحة عن الكمية الأخرى.

 

أو بوسعك أن تعرف شيئاً، ولكن ليس كل شيء، عن كليهما. تخبرك ميكانيكا الكم بالضبط كيف يمكنك أن توازن معرفتك جيداً ضد جهلك. وبالمناسبة، هذه القضايا ليست خاصة بالنيوترينوهات. فهي تحدث مع بعض الجسيمات الأخرى أيضاً. لكنها ذات أهمية خاصة بالنسبة لسلوك النيوترينوهات. 

قبل بضعة عقود، كان الأمر أبسط. فقد كان يُعتقد أن النيوترينوهات قد تكون عديمة الكتلة، وفي هذه الحالة كان تصنيف نوع التفاعل الضيف سيكون كافياً للنيوترينوهات. وإذا اطلعتم على الأبحاث القديمة أو الكتب القديمة المُوجهة للعامة، فستجد فقط أسماء الإلكترون نيوترينو والميون نيوترينو والتاو نيوترينو. إلا أن هذا، بعد اكتشافات التسعينيات من القرن الماضي، لم يعد كافياً. 

الآن، يصبح الأمر أكثر إثارة. افترض أنك بدأت بنيوترينو عالي الطاقة من نوع الإلكترون، بحيث يكون هذا مزيجاً معيناً من النيوترينو1 و2 و3. ينتشر النيوترينو عبر الفضاء، ولكنه من الداخل، عبارة عن ثلاثة أنواع كتلة مختلفة تنتقل بسرعات مختلفة قليلاً جداً جداً، وكلها سرعات قريبة جداً من سرعة الضوء.

 

ما سبب ذلك؟


لأن سرعة الجسم تعتمد على كل من طاقته وكتلته، وأنواع الكتلة الثلاثة لها كتل مختلفة. [إضغط هنا للاطلاع على الصيغ (البسيطة) ذات الصلة.] فرقُ السرعة هو فائق الصغر لأي نيوترينوهات نأمل في قياسها –وهي لم تُشاهد قط- ولكن لها تأثير مدهش وكبير على أي حال! 

وهنا يتحول الأمر من مثير للاهتمام إلى أمر غريب جداً.


هذا الفرق الضئيل جداً في السرعات يسبب المزيج الدقيق من النيوترينو1 و2 و3، الذي يؤدي إلى تغير الإلكترون نيوترينو تدريجياً خلال حركة النيوترينو عبر الفضاء. وهذا يعني أن الإلكترون نيوترينو الذي نبدأ به، بعد فترة من الزمن، لن يعود الإلكترون نيوترينو، الذي يتوافق مع مزيج واحد محدد جداً من النيوترينو1 و2 و3.

 

حيث أن الكتل المختلفة من نيوترينوهات نوع الكتلة هي ما يتسبب في أن يصبح الإلكترون نيوترينو الأصلي، أثناء تنقله، مزيجاً من إلكترون نيوترينو مع ميون نيوترينو وتاو نيوترينو. أما مقدار المزج، فيعتمد على الفروق في السرعات، وبالتالي على طاقة النيوترينو الأصلي وعلى الاختلاف في كتل النيوترونات (في الواقع، إنه الفرق بين تربيعات الكتل).

الشكل الثاني: الإلكترون نيوترينو، هو مزيج من نيوترينوهات نوع الكتلة الثلاثة، التي، بسبب كتلها المختلفة، سوف تتنقل في سرعات مختلفة قليلاً. وهذا يعني أن الإلكترون نيوترينو سوف يتطور إلى مزيج من ثلاثة نيوترينوهات من نوع التفاعل الضعيف، ثم يعود إلى نيوترينو الإلكترون. (في الواقع، إن هذا تبسيط شديد، حيث أن تذبذب ثلاثة أنوع من النيوترينو عادة ما يكون له ترددان، وليس واحداً كما هو مبين هنا.) إن هذا التأثير، الحسّاس للاختلافات في تربيعات كتل النيوترينو وللمزج بين نيوترينوهات نوع الكتلة ونوع التفاعل الضعيف، قابل للقياس ويمكن أن يستخدم كمجس قوي لخصائص النيوترينو.
الشكل الثاني: الإلكترون نيوترينو، هو مزيج من نيوترينوهات نوع الكتلة الثلاثة، التي، بسبب كتلها المختلفة، سوف تتنقل في سرعات مختلفة قليلاً. وهذا يعني أن الإلكترون نيوترينو سوف يتطور إلى مزيج من ثلاثة نيوترينوهات من نوع التفاعل الضعيف، ثم يعود إلى نيوترينو الإلكترون. (في الواقع، إن هذا تبسيط شديد، حيث أن تذبذب ثلاثة أنوع من النيوترينو عادة ما يكون له ترددان، وليس واحداً كما هو مبين هنا.) إن هذا التأثير، الحسّاس للاختلافات في تربيعات كتل النيوترينو وللمزج بين نيوترينوهات نوع الكتلة ونوع التفاعل الضعيف، قابل للقياس ويمكن أن يستخدم كمجس قوي لخصائص النيوترينو.


في البداية يتزايد التأثير مع انتقال النيوترينو. ولكن الغريب، كما هو مبين بالشكل الثاني، أن هذا التأثير لا ينمو وينمو فقط. إنه ينمو، ثم يعود وينكمش، ثم ينمو مرة أخرى، ثم ينكمش، مراراً وتكراراً، أثناء استمرار النيوترينو في التحرك. وهذا هو ما يسمى "تذبذبات النيوترينو" (neutrino oscillations). أما كيف تحدث التذبذبات بالضبط، فهذا يتوقف على مقدار كتل النيوترينوهات، وعلى كيف تكون نيوترينوهات نوع الكتلة ونيوترينوهات نوع التفاعل الضعيف مزيجاً من بعضها البعض.

من الممكن قياس تأثير التذبذب، لأن الإلكترون نيوترينو، عندما يرتطم بنواة (وهي الوسيلة التي يمكن رصد النيوترينوهات بواسطتها)، قد يتحول إلى إلكترون، ولكن ليس إلى ميون أو تاو، في حين أن الميون نيوترينو يمكن أن يتحول إلى ميون، ولكن ليس إلى إلكترون أو تاو.

 

وبالتالي، إذا بدأ المرء بشعاع الميون نيوترينو، وضربت بعض نيوترينوهات الشعاع النواة، بعد أن انتقل الشعاع قدراً من المسافة، وتحولت هذه النيوترينات إلى إلكترون، فهذا يعني أن التذبذب يحدث، وأن الميون نيوترينوهات آخذة في التحول إلى إلكترون نيوترينوهات.

هناك تأثير آخر مهم حقاً، يُعقّد القصة ويثريها. لما كانت المادة العادية مصنوعة من الإلكترونات، ولكن ليس من الميونات والتاوات، فإن تفاعلات الإلكترون نيوترينوهات مع المادة العادية تختلف عن تفاعلات الميون نيوترينوهات والتاو نيوترينوهات. هذه التفاعلات، التي تحدث عبر القوة النووية الضعيفة، هي في الواقع، ضئيلة جداً حقاً.

 

ولكن إذا مرّ نيوترينو عبر قدر كبير من المادة (على سبيل المثال، جزء كبير من الأرض أو الشمس) فيمكن لهذه الآثار الصغيرة أن تتراكم، ومن ثم تصبح ذات تأثير كبير على التذبذبات. لحسن الحظ، إننا نعرف ما يكفي عن القوة النووية الضعيفة لكي نتنبأ بهذا التأثير بالتفصيل، والعمل في الاتجاه المعاكس مما نقيسه تجريبياً، لكي نفهم ما الذي يجب أن تكون عليه خصائص النيوترينوهات.

كل هذا ينطوي على ميكانيكا الكم. وإذا لم يبدو الأمر بديهياً لك، فاهدأ. إنه ليس بديهياً بالنسبة لي أيضاً. فقد تعلمت كل ما لدي من بديهيات من المعادلات.

لقد اتضح أن القياسات الدقيقة لتذبذبات النيوترينو، هي في الواقع أسرع وسيلة لمعرفة خصائص النيوترينوهات! ولقد منحت جائزة نوبل بالفعل عن هذا العمل. في الحقيقة، كل هذه القصة التي حكيتها لكم، نشأت من التداخل الكلاسيكي بين التجربة والنظرية، الذي امتد منذ التسعينيات من القرن الماضي وحتى الوقت الراهن. دعوني أذكر عدد من القياسات المهمة، التي كانت حاسمة.

أحد هذه الأمور، هو أننا نستطيع دراسة الإلكترون نيوترينوهات التي تنتج في مركز الشمس، في الفرن النووي الذي نفهمه جيداً. تنتقل هذه النيوترينوهات إلى الخارج عبر أشعة الشمس، ومن خلال الفضاء الخالي، إلى الأرض.

 

وقد تبين أنه حين تصل النيوترينوهات إلى الأرض، فإنه من المرجح تماماً أن تكون من نوع الميون أو نوع التاو، مثلما هو مرجح أن تكون من نوع الإلكترون. هذا في حد ذاته هو دليل على تذبذب النيوترينو، والنموذج التفصيلي يعطينا بعض المعلومات الدقيقة عن النيوترينوهات.

ولدينا أيضا الميون نيوترينوهات، التي تنتج من اضمحلال البيونات، التي تُنتج بدورها في الأشعة الكونية. (جسيمات عالية الطاقة من الفضاء تضرب نوى ذرية على ارتفاع عال في الغلاف الجوي؛ ويحتوي وابل الحطام كثيراً من البيونات، التي يضمحل كثير منها إلى الميون نيوترينوهات ومضادات الميونات، أو إلى مضادات الميون نيوترينوهات والميونات).

 

وقد رُصدت بعض هذه النيوترينوهات (ومضادات النيوترينوهات) بواسطة كواشف النيوترينو لدينا، ونستطيع أن نرى أي جزء منها وهو الإلكترون نيوترينات (ومضادات النيوترينوهات) كدالة على مقدار المسافة التي قطعتها من الأرض للوصول إلى الكواشف. مرة أخرى، يمنحنا هذا استبصارات جوهرية عن سلوك النيوترينوهات.

لقد زادت هذه النيوترينوهات "الشمسية" و"الجوية" من معرفتنا عن النيوترينات في السنوات العشرين الماضية (وتعود أول إشارة إلى وجود شيء مثير للاهتمام إلى ما يقارب 50 عاماً). وقد استكملت هذه المصادر الطبيعية للنيوترينوهات بكثير من الدراسات، التي أُجريت بواسطة أشعة النيوترينوهات، مثل تلك التي استخدمت في تجربة OPERA، وعلى نيوترينوهات من المفاعلات النووية العادية.

 

وقد اتفقت كل من هذه القياسات إلى حد كبير مع التفسير القياسي للنيوترينوهات الشمسية والجوية، وأتاحت قياسات أكثر دقة لمزيج نيوترينوهات نوع الكتلة ونوع التفاعل الضعيف، والاختلافات في تربيعات كتل نيوترينوهات نوع الكتلة.

وكما هو متوقع مع أي مجموعة من التجارب، فقد كانت هناك بعض التفاوتات الصغيرة من التوقعات النظرية، ولكن لم يثبت أي منها، ومن المحتمل أن تكون معظمها، إن لم تكن كلها، مجرد أخطاء إحصائية أو مشاكل تجريبية. وليس هناك، حتى الآن، شيء أثبتته تجارب متعددة ويتناقض مع هذا الفهم عن النيوترينوهات وسلوكها.

 

ولكن هذه الصورة، في المقابل، جديدة بما يكفي والاختبارات التي أجريت عليها ضعيفة بما يكفي لأن يصبح من الممكن، إلا أنه ربما من غير المحتمل، أن تكون هناك تفسيرات مختلفة تماماً. وقد اقتُرحت بعض البدائل الجادة بالفعل. لذا، فإن توضيح تفاصيل خصائص النيوترينو يبقى مجالاً نشطاً للبحث، مجالا أخذ الاتفاق الجماعي فيه بالبزوغ، ولكنه يتضمن بعض الأسئلة الجوهرية التي بقيت مفتوحة -بما فيها تحديد كتلة النيوترينو بشكل نهائي.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الأيونات أو الشوارد (Ions): الأيون أو الشاردة هو عبارة عن ذرة تم تجريدها من الكترون أو أكثر، مما يُعطيها شحنة موجبة.وتسمى أيوناً موجباً، وقد تكون ذرة اكتسبت الكتروناً أو أكثر فتصبح ذات شحنة سالبة وتسمى أيوناً سالباً

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات