نجوم أشد غرابة من الثقوب السوداء!

عندما يموت نجم عملاق فربما ينكمش ليتحوّل إلى ثقب أسود، أو ينهار إلى نجم نيوتروني شديد الكثافة. لكن هناك احتمالات أخرى أشد غرابة، إليك أمثلة لبعض النجوم التي تم اكتشافها والتي تجعل الثقوب السوداء مملة جداً.

قبل أن نبدأ بالنجوم الغريبة، ربما يتوجب علينا مراجعة النجوم التي نعرفها مسبقًا. النجوم العادية هي أجسام ضخمة جدًا من البلازما المضيئة، يتكون معظمها من الهيدروجين وتحتوي أيضًا على عناصر أخرى بكميات مختلفة. يتباين حجم النجوم قليلًا، من الأقزام الحمراء الصغيرة إلى عمالقة زرقاء كبيرة، إلى كرات صفراء متوسطة الحجم مثل الشمس، ولكن من الداخل تبدو النجوم متشابهة إلى حد كبير.

عندما تصل هذه النجوم إلى نهاية حياتها يحصل لها أحد أمرين، النجوم المتوسطة والصغيرة تدخل في مرحلة قصيرة من التوسع، ثم تتحول إلى قزم أبيض، قد تبقى قشرة شاحبة من النجم الأصلي لأزمنة لا تحصى. ولكن إذا كان النجم ذا كتلة كبيرة بشكل كافٍ، فسوف ينفجر إلى مستعر أعظم [1] ضخم، ثم ينهار على نفسه ليتحول إلى نجم نيوتروني، والذي يمكن أن يتحول لاحقًا إلى ثقب أسود.


صديقنا النجم النيوتروني


لكي نفهم النجوم التي سنتحدث عنها الآن، يجب علينا قبل ذلك معرفة القليل عن النجم النيوتروني. اسم هذه النجوم يلائمها أكثر مما يظن الناس، تتكون معظم هذه النجوم من النيوترونات، مع أن بعض الجسيمات الأخرى موجودة أيضاً.

 

يقترح النموذج الحالي وجود طبقة خارجية مكونة من الذرات العادية المحاطة بالإلكترونات الحرة. وعندما نتعمق قليلًا إلى داخل النجم نجد أنوية بداخلها بروتونات ونيوترونات، والتي تحتوي عادةً على نيوترونات أكثر بكثير من البروتونات. وعندما نتعمق أكثر نجد خليطاً من النيوترونات الحرة، والأنوية، والإلكترونات الحرة، وفي مركز النجم… حسنًا، في الحقيقة لا نعرف هذا الجزء حتى الآن.

الأمر الجوهري هو أن النجم النيوتروني يتكون عندما تكون قوة الجاذبية شديدة بما يكفي لكي تملأ مادة بمقدار مادة نجم في كرة قطرها عشرون ميلًا فقط (32 كم). في هذه الكثافة الهائلة تبدأ المادة في وضع انحلال جديد، وهذه هي المادة النيوترونية التي نراها في النجم النيوتروني. وعندما تكون الكثافة شديدة جداً لدرجة أن المادة النيوترونية لا تتحملها، ينهار النجم على نفسه تماماً ليشكل متفردةً singularity لثقب أسود.

النجوم النيوترونية
النجوم النيوترونية


كان هذا بسيطًا إلى حدٍ ما. لكن ماذا لو كانت هناك أنواعاً أخرى من بقايا النجوم أو النجوم المكتنزة (Compact stars) والتي من الممكن أن تتكون في فترة بين النجم النيوتروني والثقب الأسود؟ على أي حال، حتى يتحول نجم مكتنز إلى ثقب أسود يجب أن تكون كتلته أكبر من كتلة الشمس بعشر مرات (أو 10 كتل شمسية)، لكن النجم النيوتروني هو المصير المؤكد لأي نجم مندمج يبلغ حجمه بين 1.5 إلى 3 كتل شمسية. والآن، ماذا عن كل البقايا النجمية التي تبلغ كتلها ما بين 3 إلى 10 كتل شمسية؟ هنا تبدأ الأمور الغريبة والعجيبة بالظهور.


 فلتبدأ الغرابة: نجوم كواركية


السبب الذي يجعل النجوم النيوترونية قادرة على تحمل القوى التجاذبية الهائلة نظراً للكثافة الهائلة هو عامل كمومي يعرف بضغط التحلل [2] (degeneracy pressure). ببساطة، في هذه الحالة تصل المادة إلى كثافة هائلة جدًا بحيث أن الشيء الوحيد الذي يبقي جزيئات العنصر منفصلة هو أن قوانين ميكانيكا الكمّ تمنع الجزيئات من احتلال نفس الحالة الكمومية.

 

وبسبب أن النيوترونات أصغر بكثير من الذرات، فإنه من الممكن حشرها في مساحة ضيقة جداً في النجم النيوتروني وعلى العكس من ذلك فإنه من المستحيل فعل هذا حتى مع أكثر المصفوفات حشواً بالذرات.

نجوم كواركية
نجوم كواركية


ولكن ماذا لو وصل النجم النيوتروني إلى نقطة من المستحيل فيها أن يُضغط أكثر؟ هنا ربما تبدأ النيوترونات بالتفكك للأجزاء المكونة لها والتي تعرف بالكواركات [3] (Quarks) -وهذه مجرد نظرية-. تتكون النيوترونات في الأصل من ثلاثة كواركات؛ واحد علوي (up) واثنان سفليان (down).

ربما تتحول بعض هذه الكواركات السفلية لاحقاً إلى نوع أثقل من الكواركات، وهي الكواركات الغريبة (strange quarks)، والناتج النهائي من خليط الكواركات يعرف بالمادة الغريبة (strange matter) الذي أخذ اسمه من هذه الجسيمات.

إذن، إذا كان هذا النجم الافتراضي يمتلك كواركات علوية وسفلية فقط فهو "نجم كواركي" (quark star)، وإذا اختلطت كواركات غريبة معها فهو "نجم غريب" (strange star). لكن هل أي من هذين النجمين موجود فعلياً؟ المشكلة من وجهة نظر افتراضية هي أننا لا نعرف المعادلات التي تحكم أسلوب مادة التحلل النيوتروني و مادة التحلل الكواركي؛ لذا لا يمكننا معرفة الحقيقة بشكل مؤكد.

لكن لا تفقد الأمل في النجوم الكواركية، قد لا يكون هناك أي إثبات نظري، لكن هناك ما يكفي من الأدلة التجريبية لها. ربما أننا لا نعرف ما إذا كانت النجوم الكواركية موجودة، ولكن على الأقل لدينا فكرة منطقية عن الصورة التي ستظهر بها إذا كانت موجودة.

 

حتى الآن، نعرف أن هناك نجمان نيوترونيان شاذَّان يتشباهان مع النجوم الكواركية بشكل كبير، النجم النيوتروني الأقرب إلى الأرض RX J1856.5-3754 الذي يبعد عنا مسافة 150 سنة ضوئية، ويبلغ طول قطره 7 أميال فقط (11 كم) ويعتبر صغيرًا جدًا بالمقارنة بالنموذج القياسي لتشكيل النجم النيوتروني، أصغر من أن يتم تفسيره على أنه نجم نيوتروني.

 

والنجم النيوتروني الآخر 3C58 الذي يمتلك معدل تبريد عال جداً، وأيضاً هذا المعدل يعتبر خارج مجال درجات الحرارة التي يفترض أن النجم النيوتروني قادر على تحملها.

وضع هذان النجمان كمرشحين أوليين ليكونا نجوماً كواركية، مع أن معظم العلماء ليسوا على استعداد لقبول تواجد مثل هذه الأجسام بسبب عدم الانتظام الواضح في هذين النجمين فقط. نعود للمشكلة مرة أخرى وأحد أسبابها هو قلة المعرفة؛ فنحن لم نُعَرِّف بعد الحدود التي تحدد ما يمكن للنجم النيوتروني أن يكون عليه، لذا فإننا لا نعرف بشكل قاطع ما إذا كان هذان النجمان نجوماً غير نيوترونية أم لا. وبالرجوع للمعلومات الحالية فإنه من المنطقي جداً أن نسمح ببعض النجوم النيوترونية المتطرفة بدلًا من ابتكار نوع جديد بالكامل لكي يستوعب هذه التطرفات.

ومع هذا فإن هناك القليل من العلامات التي تعطي إمكانية وجود نجوم كواركية. إذا كانت النجوم النيوترونية تنهار فعلًا لتتحول إلى نجوم كواركية فإن حدثاً كهذا لن يمر مرور الكرام دون أن يلاحظه أحد، في الحقيقة سوف يجلب على الأغلب أكثر الانفجارات شدةً في الكون، وانفجار كهذا ربما يصدر ما يقارب \(10^{47}\) جول من الطاقة. وفي الواقع هناك بعض الأفكار التي تقول بأن أعظم إشعاعات غاما التي تم رصدها كانت بسبب هذه التحولات النجمية.

يُعرف انهيار نجم نيوتروني إلى نجم كواركي بـ "مستعر كواركي" (quark-nova). وهناك عدد من انفجارات المستعرات العظمى مؤخراً التي من المرجح أنها في الواقع انفجارات مستعرات كواركية، فمثلًا في المستعر الأعظم SN 2006gy، انفجر نجم تبلغ كتلته 150 كتلة شمسية يقع على بعد 238 سنة ضوئية وأصدر ما يقارب \(10^{45}\) جول من الطاقة. من الممكن أن هذا الانفجار لم يكن للنجم نفسه، ولكن للنجم النيوتروني الناتج منه الذي كان في مرحلة التحول المفاجئة إلى نجم كواركي.

وهناك أيضًا المستعر الأعظم SN1987A الذي كان مضيئاً بشكل غير معتاد، ولم يبق أي نجم نيوتروني خلفه مع أن كل النماذج الحالية تقترح بأنه يجب أن يملك واحداً. أحد الاحتمالات النظرية هو أن المركز النجمي انهار إلى نجم كواركي، ولكن هذه هي فقط إحدى النظريات. وأيضًا هذان المثالان للمستعرات العظمى SN2005gj وSN2005ap واللَّذان كانا مضيئين جدًا لدرجة أن الفلكيين اقترحوا أنهما من الممكن فعلًا أن يكونا مستعرين كواركيين.

لا تزال النجوم الكواركية أمراً نظرياً فقط لأن كل هذه التفسيرات لم تقدم إثباتًا قاطعًا على وجودها. ولكنْ هناك جزءٌ من إثباتٍ لوجود هذه النجوم ينمو ببطء، ومن الممكن أن تكون النجوم الكواركية هي ما كانت عليه الثقوب السوداء في الجيل الماضي، فهي أجسام نوقشت كثيراً، افتقدت ما يكفي من الأدلة التي تجعلها مقبولة على نطاق واسع.

 

في نهاية المطاف وصلت الثقوب السوداء إلى نقطة تحول في الأدلة الداعمة لها وصارت مقبولة بسهولة، وكذلك يمكن أن تكون النجوم الكواركية في يوم من الأيام. وهناك أيضًا جزء من الإضافة العملية لقبول وجود أجسام كهذه، وهو أن وجود النجوم الكواركية من الممكن أن يفسر بعض المادة المظلمة (dark matter) المفقودة.


 فلنتعمق أكثر: نجوم بريونية


بإمكاننا كذلك أن نأخذ فكرة التحلل خطوةً إلى الأمام ونتساءل عمّا يحدث للمادة الكواركية عندما تكون مكتنزة بشدة بحيث لا يمكن للجزيئات أن تبقى منفصلة عن بعضها. هناك احتمالان لذلك، الأول والأكثر قبولًا هو أن الجاذبية تقوم بابتلاع كل شيء وتحطم الجزيئات إلى متفردة لا نهائية الكثافة، والتي تكون ثقباً أسود.

لكن هناك فكرة أخرى أكثر غرابة. تعتبر النيوترونات جسيمات مركبة مكونة من الكواركات… ماذا لو كانت الكواركات بالأصل عبارة عن جسيمات مركبة مكونة من جسيمات أولية أخرى؟ إذا كان هذا الاحتمال صحيحاً، فعندها يمكن لنجم ذي كثافة كبيرة بشكل كافٍ من نجم كواركي إلى نجم بريوني (Preon star) والذي يتكون من بريونات دون دون دون ذرية (sub-sub-subatomic).

 

ومن المقترح أن البريونات هي أجسام شبيهة بالنقطة وهي المكون الأساسي لكل الأجسام الأخرى، وستقدم لك التركيبات المختلفة من البريونات أي نوع من الجسيمات، وستشرح كل القيم والخصائص للأجسام الكبيرة.

هذه نظرية أنيقة، لكنها معارضة للنموذج القياسي للفيزياء بشكل مباشر، والذي بدوره قدم عملًا ممتازًا في شرح طبيعة الكون، لكن مع ترك بعض الفراغات لاكتشافها لاحقًا.


يبدو أن نموذج البريون لا يحظى بشعبية كافية بين علماء فيزياء الجسيمات، ويعتقد بشكل عام أنه من غير المرجح أن يشرح طبيعة الكون. ربما كانت لديه فرصة ضئيلة بأن يأخذ خطوة نظرية تثبته أكثر، ولكن ذلك كان ليحدث فقط في حال أن بوزونات هيغز لم تكتشف أبدًا، لأن الخاصية الرئيسية لنموذج البريون تقتضي عدم تواجد الهيغز.

النجوم البريونية
النجوم البريونية


مع ذلك، فلنقل من باب المجادلة فقط، أن البريونات موجودة، وأنه عندما تكون ذات كثافة سخيفة بشكل كاف، فإنه من الممكن أن تشكل مادة بريونية، والتي بدورها تشكل نجمًا بريونيًا. سوف تملك هذه النجوم أقطاراً أكبر من 4 أميال (6 كم)، وأي قطر أصغر من ذلك سيشكل مباشرةً ثقبًا أسود.

 

ستملأ النجوم البريونية \(10^{23}\) كيلوغرام من المادة في كل متر مكعب، وعلى سبيل المثال إذا كان النجم البريوني بكتلة الأرض فسيكون حجمه مساوياً لحجم كرة التنس.

لم نجد حاليًا أي إمكانية لتواجد نجم بريوني لمستعرات بريونية (preon-novae)، والأدلة من بحث مسرعات الجسيمات تقف بقوة ضد تواجد البريونات. ليس تواجد مثل هذه المستعرات البريونية أمراً مستحيلًا، أو لنقل أنه ليس مستحيلًا تمامًا، لكنها مستبعدة للغاية، ومن الأفضل تركها للخيال العلمي إلا إذا أتى علماء الفلك وعلماء فيزياء الجسيمات باكتشاف مذهل جدًا يدعم تواجدها.


وإذا كنت لا تزال تتساءل، فإنه إذا ثبت وجود البريونات، فإنها على الأرجح سوف تكون نهاية الطريق ولن تتركب من جسيمات أخرى. ومن شأن نجم بريوني انسحق منذ فترة طويلة بشكل كاف أن يتحول مباشرة إلى ثقب أسود.


 شيءٌ ما في المنتصف: النجوم الكهروضعيفة


من باب المجادلة فقط، لننس أمر الكواركات والبريونات، ولنعد مرة أخرى للنموذج المقبول القائل: إن النجوم الضخمة ستتحول إما إلى نجوم نيوترونية أو ثقوب سوداء.


الآن، لنقل أن نجمًا نيوترونيًا وصل إلى نقطة تحول الجاذبية وسيدخل في طور التحول لثقب أسود. درجات الحرارة التي ستصل إليها هذه العملية شديدةٌ للغاية، ومن الممكن فعلياً أن تصبح الأوضاع داخل النجم شديدة الحرارة لدرجة لا يمكن للقوى أن تندمج، وهنا تنهار القوة الكهرومغناطيسية والقوة النووية الضعيفة على بعضها لتكونا قوة كهروضعيفة (electroweak force).

من المرجح أن القوة الكهروضعيفة لم تتواجد منذ هبوط الكون في بدايته لدرجة الحرارة الحرجة وإجبار تلك القوة على الانقسام إلى قوتين منفصلتين. ولكن من الممكن للنجوم النيوترونية ذات الكثافة المناسبة أن تعيد هذه القوة للحياة وتصبح نجومًا إلكتروضعيفة (electroweak stars).

 

إذن ماذا يعني كل هذا؟ حسنًا، من أبرز المميزات للنجوم الإلكتروضعيفة أنها تحول الكواركات إلى لبتونات [4] (Leptons)، وهي جسيمات أخف بكثير مثل الإلكترون والنيوترينو (Neutrino).

ستتسبب خسارة جزء كبير من الكتلة خلال عملية التحول بانبعاث كميات ضخمة من الطاقة، والتي من الممكن أن تكون كافية فعلًا لإيقاف الانكماش الأخير للنجم. سيتمكن النجم الكهروضعيف من الاستمرار لعشرة ملايين سنة أخرى قبل أن يحصل الانكماش مجدداً ويتحول أخيراً إلى ثقب أسود. لن يختلف حجم وكتلة هذه النجوم كثيراً عن النجوم النيوترونية القريبة منها في خصائصها، ولكن إشارات طاقتها ستكون مختلفة كلياً.

تأتي معظم الطاقة المنبعثة من النجوم الكهروضعيفة على هيئة نيوترينوات، والمعروفة بصعوبة الكشف عنها. سينبعث جزء صغير من طاقة النجم على شكل ضوء مرئي، ولذلك سنحتاج إلى ضوء إشارته صغيرة ولا يماثل انبعاثات الطاقة المتوقعة من نجمه الأم. أما عن كيفية قيامنا بهذا فعلياً، فإنه أمر يفوق فهمنا الحالي، ولكن ربما نصل له يوماً ما.

 والآن مع شيء مختلف للغاية: النجوم البوزونية


حتى هذه النقطة تتكون كل النجوم التي ناقشناها من فيرميونات -على الأقل في بدايتها-، وهي عائلة الجسيمات التي تنتمي إليها الإلكترونات والبروتونات والنيوترونات والكواركات. ولكن ماذا لو كان بإمكان المجموعة الأخرى من الجسيمات وهي البوزونات أن تكوّن نجومًا؟ أكثر البوزونات المعروفة هي التي تحمل القوى في الكون، كالقوة الكهرومغناطيسية التي تحمل الفوتونات، أو القوة الشديدة التي تحمل الغلونات.

 

النجوم البوزونية
النجوم البوزونية


ومع ذلك، من المقنع جداً أن يكون هناك نوع من البوزونات التي باستطاعتها تشكيل مادة خاصة بها. لكي يتمكن البوزون من هذا عليه أن يكون ثابتاً وقليل الكتلة، ولا تتوافق أي من البوزونات الموجودة حالياً مع هذه القاعدة، ولكنها من ضمن الاحتمالات النظرية. إذا كان هذا النوع من البوزونات موجوداً فسيجتمع عددٌ كافٍ منها ليكوِّنوا نجمًا بوزونيًا.


لا نملك أي دليل على ذلك، لكن لم يمنع هذا الفيزيائيين من التخمين، إضافة إلى أن هناك بضعة أسباب مثيرة للاهتمام تجعلنا لا نفقد الأمل بتواجدهم حتى الآن.

إذا كانت هناك أي نجوم بوزونية في مكان ما، فسوف يكون أكثر الأماكن المرجحة لاختبائها هي مركز المجرات. على وجه الخصوص، ربما نجد نجوماً بوزونية في المجرات التي تملك أنوية مجريّة نشطة [5] (active galactic nuclei)، والتي هي مراكز مجريّة مضيئة أكثر مما نتوقع بكثير، ويمكن أن تحتوي على نجوم بوزونية في مركزها.

 

وعلى الرغم من أن تواجد النجوم البوزونية سوف يؤدي عملًا ممتازًا في شرح خصائص الأنوية المجرّية النشطة، إلا أنها لن تؤدي أفضل من الثقوب السوداء فائقة الكتلة التي لا تتطلب الدخول في شكل جديد بالكامل من المادة.

من المرجح أن النجوم البوزونية تشكلت في بوتقة الجاذبية القصوى في بداية نشأة الكون. من الممكن أن يتوافق هذا بشكل جيد لأن معظم المراكز المجريّة النشطة يمكن أن ترصد من أبعد المسافات، وحتى المجرات القديمة جداً يمكن رصدها.

 

ولكن حتى الآن كل هذا مجرد تخمينات نظرية، ولا يوجد أي أدلة كافية لتدعم وجودها. مع هذا، لو كان من الممكن لنوع واحد من النجوم التي ناقشناها هنا أن تكون حقيقة، فأنا أرجح النجوم البوزونية. هناك شيء مميز للغاية حول اكتشاف نوع جديد بالكامل وغير معروف من النجوم المختبئة في مركز المجرات.


 ماذا تبقى الآن؟


تبقى القليل في الحقيقة. بحثنا عن بعض الأقدار المحتملة للنجوم العملاقة والتي لا تشمل تحولها إلى ثقوب سوداء، ولكن كل هذه الاحتمالات تفترض على الأقل أن الثقوب السوداء موجودة.

 

هناك بعض العلوم الكونية التي تعارض وجود الثقوب السوداء، وتقول أن هناك أجساماً أخرى أكثر غرابة تنتظر لتحل محلها. أجسام كنجوم الجرافا (gravastars) والكرات الزغبية (fuzzballs) والكريات المغناطيسية المنكمشة للأبد (Magnetospheric Eternally Collapsing Objects)... ولكن هذا الجزء سنحفظه لوقت آخر.

ملاحظات


[1] سوبرنوفا Supernova(المستعرّ الأعظم أو الطارف الأعظم) هو نوع من النجوم المتفجرة وتعبير يدل على عدة انفجارات نجمية هائلة يقذف فيها النجم غلافه في الفضاء عند نهاية عمره، تؤدي إلى تكون سحابة كروية حول النجم براقة للغاية (شديدة البريق) من البلازما، سرعان ما تنتشر طاقة الانفجار في الفضاء وتتحول إلى أجسام غير مرئية في غضون أسابيع أو أشهر، أما مركز النجم فينهار على نفسه نحو المركز مكوناً إما قزما أبيض أو يتحول إلى نجم نيوتروني ويعتمد ذلك على كتلة النجم، أما إذا زادت كتلة النجم عن نحو 20 كتلة شمسية فإنه قد يتحول إلى ثقب أسود دون أن ينفجر في صورة مستعر أعظم.

[2] ضغط التحلل degeneracy pressureعندما تتكاثف فرميونات، مثل البروتونات أو الإلكترونات أو النيوترونات فتصبح شديدة الكثافة جداً جداً تحت تأثير الجاذبية -في نجم مثلاً - ينتج عنها ضغط مقاوماً للجاذبية، هذا الضغط الناشئ عن المادة الكثيفة جدا يسمى "ضغط التحلل". والسبب في نشأة هذا الضغط يكمن في مبدأ استبعاد باولي، الذي يمنع فرميونين أن يشغلا نفس المكان ونفس الحالة الكمومية.

[3] كواركات Quarksالكوارك هو جسيم أولي وأحد المكونين الأساسيين للمادة في نظرية النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات (المكون الآخر حسب هذه النظرية هو الليبتونات) لها كتلة ولكن أبعادها صفرية، تتم مشاهدتها عند حدوث تصادم شديد بين البروتون والإلكترون. 

للكوارك ستة أنواع وتسمى بالنكهات وهي: العلوي up، السفلي down، الساحر charm، الغريب strange، القمي top، والقعري bottom.

[4] لبتونات Leptonsجسيم أولي ومكون أساسي للمادة. وأشهر اللبتونات المعروفة هو الإلكترون الذي يحكم عمليات الكيمياء كلها لأنه موجود في أغلفة الذرات وترتبط به الخصائص الكيميائية كلها. وتوجد فئتان أساسيتان للبتونات: المشحونة منها (وتعرف أيضا بلبتونات شبيه-الإلكترون)، ومحايدة (المشهورة باسم نيترينو).

[5] نواة مجرة نشطة active galactic nuclusمنطقة متكدسة في مركز المجرات يكون لها لمعان فوق العادة في حيز الطيف الكهرومغناطيسي يمتد من الموجات الراديوية عبر الأشعة تحت الحمراء والضوء المرئي والأشعة فوق البنفسجية إلى الأشعة السينية وأشعة جاما. والمجرة التي تحتوي على مثل تلك النواة تسمى مجرة نشطة.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • المادة المظلمة (Dark Matter): وهو الاسم الذي تمّ إعطاؤه لكمية المادة التي اُكتشف وجودها نتيجة لتحليل منحنيات دوران المجرة، والتي تواصل حتى الآن الإفلات من كل عمليات الكشف. هناك العديد من النظريات التي تحاول شرح طبيعة المادة المظلمة، لكن لم تنجح أي منها في أن تكون مقنعة إلى درجة كافية، و لا يزال السؤال المتعلق بطبيعة هذه المادة أمراً غامضاً.
  • المستعرات الفائقة (السوبرنوفا) (supernova): 1. هي الموت الانفجاري لنجم فائق الكتلة، ويُنتج ذلك الحدث زيادة في اللمعان متبوعةً بتلاشي تدريجي. وعند وصول هذا النوع إلى ذروته، يستطيع أن يسطع على مجرة بأكملها. 2. قد تنتج السوبرنوفات عن انفجارات الأقزام البيضاء التي تُراكم مواد كافية وقادمة من نجم مرافق لتصل بذلك إلى حد تشاندراسيغار. يُعرف هذا النوع من السوبرنوفات بالنوع Ia. المصدر: ناسا

اترك تعليقاً () تعليقات