كواكب مأهولة وحضارات خارج الأرض.. أين يجب علينا أن نبحث؟

منطقة عبور الأرض مسقطةً على الكرة السماوية.

ربما تكون الحضارات خارج كوكب الأرض في بحثٍ عن علاماتٍ للحياة على كواكب بعيدة، باستخدام نفس التقنيات التي نوظفها نحن في بحثنا عن الحياة الفضائية، هذا هو المفهوم الرئيسي وراء اقتراح من قبل اثنين من الفيزيائيين يريدان التأكد أننا لن نفوّت إشارة محتملة من المراقبين الموجودين خارج الأرض، والذين يحاولون الاتصال بنا. 

يقول الباحثان إنه يجب علينا أن البحث عن إشارات صادرة عن حضارات خارج الأرض، والتي يمكن أن تكون -في وقتٍ سابق- قد رصدت الأرض بينما كانت تمر عبر قرص الشمس، وأدركت أنه يمكن أن يكون عالماً صالحاً للعيش.


حدد الفريق مناطق صغيرة في السماء يمكن من خلالها اكتشاف الأرض بسهولة، واقترحوا أننا يجب أن نبحث عن إشارات آتية من تلك المنطقة. 

خلال حوالي عقد مضى، اكتشف علماء الفلك أكثر من 2000 كوكب خارج المجموعة الشمسية (exoplanets)، أي أنها تدور حول نجوم غير شمسنا، إضافة إلى بضعة آلاف أخرى محتملة من الكواكب الخارجية، معظم هذه الكواكب تم اكتشافها من قبل تلسكوب ناسا الفضائي كبلر Kepler، باستخدام تقنية كشفٍ غير مباشرةٍ تُعرف بطريقة العبور (The Transit Method)، في هذه الطريقة، يبحث كبلر عن انخفاضات صغيرة ومنتظمة في شدة الضوء المنبعث من نجم ما، والتي سبّبها كوكب ما أو نظام كواكب، بينما تعبر بين النجم والأرض. 

سمحت تقنية مماثلة تسمى منظار طيف العبور (Transit Spectroscopy) لعلماء الفلك بدراسة الغلاف الجوي للكواكب خارج المجموعة الشمسية، والذي يمكن أن يحمل أدلة على الحياة على هذه الكواكب فيما إن وجدت. 

منظر مثالي


يقوم الآن رالف بودريتز Ralph Pudritz من جامعة ماكماستر في كندا McMaster University، جنباً إلى جنب مع رينيه هيلر René Heller من معهد ماكس بلانك لأبحاث النظام الشمسي في ألمانيا The Max Planck Institute for Solar System Research، بتركيز اهتمامهما رجوعاً إلى الأرض، من خلال افتراضهما أن المراقبين خارج كوكب الأرض -باعتمادهم على طريقة العبور أيضاً- ربما فعلاً قد اكتشفوا الأرض.

يشرح بودريتز وهو أيضاً المدير المؤسس للبرنامج متعدد التخصصات (علم الأحياء الفلكي وأصول الحياة) في ماكماستر: "النقطة الأساسية هي أن أبسط طريقة للكشف عن وجود كوكب في مدار نجمٍ ما، هي رصد الانخفاض الدوري في ضوء النجم بينما يعبر الكوكب من أمام قرص ذلك النجم، إذا قست النسبة المئوية لانخفاض ضوء نجمٍ ما وراقبت أن هذا الانخفاض يكرر نفسه بانتظام، فهناك فرصة كبيرة لحجب الضوء من قبل كوكب يدور حول هذا النجم، هذا أيضاً يخبرك أنك محظوظٌ بما فيه الكفاية لتكون في المستوى المداري لكوكبٍ حول نجمه".


وفقاً للباحثين، فإن المشاريع واسعة النطاق التي تأمل أن تلتقط إشارةً من عالم خارجيّ exoworld -مثل مبادرة اختراق الاستماع The Breakthrough Listen Initiative- يجب أن تركز على (منطقة العبور) الخاصة بالأرض، هذه هي المنطقة في السماء التي يمكن للمراقب من خلالها أن يرى الأرض، بينما تنتقل أقل من نصف قطر الشمس من مركز القرص الشمسي. 


أنظمة الكواكب الخارجية المحتملة التي تتمتع بهذا المنظر، جميعها واقعة في قطاع صغير من السماء، محدد بإسقاط مدار الأرض حول الشمس (مسير الشمس) على الكرة السماوية. 

يمكن للمراقب بشكلٍ أساسيّ أن يرى فقط تأثيراً معتماً إذا بقي ضمن هذه المنطقة، يقول بودريتز: "يجب أن تكون قريباً جداً من المستوي المنصّف لتلك المنطقة المدارية، كما هو ظاهرٌ في الرسم البياني [انظر أعلاه]". ويضيف: "قد يرى المراقبون المختلفون في المجرة هذا في أوقات مختلفة من العام الأرضي، بينما تتحرك الشمس والأرض معاً في سماء الليل الخاصة بهم".

على الرغم من أن منطقة العبور تبلغ فقط اثنين بالألف من كامل السماء، فهي غنيةٌ بنجوم مضيفة لأنظمة كوكبية. في الواقع، يوجد تقريباً 100000 نظام، كل منها يمكن أن يتضمن كواكب وأقماراً صالحة للعيش وفقاً للباحثين. 

جمع الباحثون قائمةً بـ 82 نجماً قريباً شبيهاً بالشمس ويلبّي معاييرهم، هذه القائمة يمكن أن تكون لائحة لأهداف مباشرة لمباردات SETI، أي البحث عن كائنات ذكية خارج الأرض. 


يقول الفريق إنه إذا كان أيّ من هذه الكواكب يستضيف مراقبين أذكياء، فإنهم يمكن أن يكونوا بالفعل قد حددوا الأرض على أنها صالحةٌ للعيش، وقرروا أن أرضنا هي عالم صخريّ يستحق السبر، علاوة على ذلك، يمكن أن نكون مستقبلين لبثهم اليوم! 

انظر إليّ .. أنا أراك! 


بعض العوالم الخارجية exoworlds التي تقع ضمن منطقة عبورنا، يمكن رصدها من قبل مهمة العبورات الكوكبية وتذبذبات النجوم التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية  (Planetary Transits and Oscillations of stars) اواختصاراً PLATO،  المقرر إطلاقها عام 2024. 


يقول هيلر الذي هو جزءٌ من المهمة: "قد تكشف بعثة PLATO عبورات الكواكب الخارجية، والتي يمكن لسكانها المحتملين أن يكونوا قادرين على رؤية الأرض تعبر الشمس". ويضيف: "هذه الوضعية المجنونة ستقدم لهم ولنا إمكانيات دراسة كواكب بعضنا البعض باستخدام طريقة العبور"

وقال بودريتز و هيلر لموقع physicsworld.com: إن بحثهم قد طور فكرة هامة تتمحور حول كيف يمكننا أن نستفيد من عشرات السنين من عمليات بحث SETI الرائدة، بتوظيف استراتيجية بحث ممكنة وأكثر قوة للكشف عن إرسالات من مصادر ذكية خارج أرضية. 

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • التحليل الطيفي (Spectroscopy): التحليل الطيفي ببساطة هو علم قياس شدة الضوء عند الأطوال الموجية المختلفة. وتُسمى المخططات البيانية الممثلة لهذه القياسات بالأطياف (spectra)، وهي المفتاح الرئيسي لكشف تركيب الأغلفة الجوية للكواكب الخارجية. المصدر: ناسا
  • الكواكب الخارجية (Exoplanets): أو الكواكب الموجودة خارج النظام الشمسي.
  • الأيونات أو الشوارد (Ions): الأيون أو الشاردة هو عبارة عن ذرة تم تجريدها من الكترون أو أكثر، مما يُعطيها شحنة موجبة.وتسمى أيوناً موجباً، وقد تكون ذرة اكتسبت الكتروناً أو أكثر فتصبح ذات شحنة سالبة وتسمى أيوناً سالباً

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات