الرجال الخضر الصغار: هو مصطلحٌ شعبيٌ استمر لعقودٍ لوصف الحياة المتخيلة خارج الأرض.
في 21 أبريل/نيسان 2016، ألقى رئيس أركان الجيش الأمريكي الجنرال مارك ميلي Mark Milley خطاباً في برنامجٍ للتدريب العسكري الاحتياطي في جامعة نورويتش في ولاية فيرمونت، لم يتوقع في ذلك الوقت أنّ كلماته ستثير تكهناتٍ على نطاقٍ واسعٍ على شبكة الإنترنت حول تعامل الجيش مع الأجسام الغريبة UFO والكائنات الفضائية.
ومرةً أخرى، أخبر جمهور من الطلبة العسكريين: "علينا أن نتعامل مع الرجال الخضر الصغار".
شرحت BBC ذلك: "من المُرجح أن الجنرال قصد استخدام نسخةٍ أحدث من عبارة (الرجال الخضر الصغار) ليشير إلى العسكريين في روسيا وأوكرانيا، حيث يطلق عليهم هذا الاسم بسبب لباسهم الأخضر".
لكن بالنسبة للكثير من الناس، مصطلح "الرجال الخضر الصغار" يعني شيئاً واحداً فقط: الحياة خارج كوكب الأرض.
هذا الوصف للكائنات الفضائية -الذي عادةً ما يشير إلى الأذى أو حتى الشر المطلق- استمر كعنصرٍ أساسيٍّ في مفردات الخيال العلمي لعدة عقود، والذي يظهر في عددٍ لا يحصى من قصص الخيال العلمي والأفلام والبرامج التلفزيونية.
لكن من أين جاءت فكرة الغزاة الخضر الصغار من العالم الخارجي؟ وكيف أصبحت مقبولةً على نطاق واسع باعتبارها وسيلةً للإشارة إلى زوارٍ من عوالم أخرى؟
ليس من السهل أن تكون أخضر
قال آرثر إيفانز Arthur Evans مدير تحرير مجلة دراسات الخيال العلمي SFS في جامعة دبو في ولاية أنديانا: "في الواقع، ربما تسبق هذه العبارة المجازية الخيال العلمي نفسه، بالعودة إلى الأسطورة الإنجليزية في القرن الثاني عشر المعروفة بـ (أطفال وولبت الخضر)".
أخبر إيفانز موقع Live Science -عن طريق رسالة إلكترونية- أنه في دراسةٍ نُشرت في مجلة SFS عام 2006، وصف العلماء هذه القصة الشعبية التي تروي مظهراً غير مفهوم لطفلين بجلد أخضر بالقرب من قرية وولبت في شرق إنجلترا.
في الخيال العلمي، يعود استخدام عبارة "الرجال الخضر الصغار" إلى أربعينيات القرن الماضي، في موسوعة الخيال العلمي التي تتبع الاستخدام الأول لقصة "رجال مايايا الخضر الصغار Mayaya's Little Green Men" (في مجلة Weird Tales عام 1946) للمؤلف هارولد لولر Harold Lawlor.
عززت رواية الخيال العلمي المشهورة للمؤلف فريدريك براون Frederic Brown" Martians, Go Home" فكرة الغزاة الفضائيون الصغار بالجلد الأخضر المزعجون أكثر من كونهم خطيرين.
بدلاً من الاشتباك مع جيوش الأرض في معارك مميتة للسيطرة على العالم، فضّل رجال براون الخضر الصغار قضاء وقتهم بالمقالب المزعجة والمحرجة.
ظهر الرجال الخضر الصغار أيضاً على التلفزيون مع شخصية "غازو العظيم Great Gazoo" الذي ظهر لأول مرة في برنامج الرسوم المتحركة Flintstones عام 1965. برز المصطلح في نصوص برامج الخيال العلمي مثل STAR TREK في إحدى الحلقات عام 1969 بعنوان "غداً هو أمس Tomorrow Is Yesterday". وفي عام 1988 في برنامج Doctor Who في حلقة بعنوان "ذكرى الداليكس" Remembrance of the Daleks.
كما أصبحت ألعاب الرجال الخضر الصغار الفضائية مألوفةً جداً بالنسبة لمعجبي أفلام Toy Story التي تم إنقاذها من آلة البيع في الفلم الأول.
مرآة إلى عالمنا
قال بروكس بيك Brooks Peck أمين متحف EMP في سياتل: "يمكن تفسير استمرار الرجال الخضر الصغار في قاموس الخيال العلمي بما يخبروننا عن أنفسنا، يعرض المتحف الآن جميع أشكال الثقافة الشعبية بما في ذلك الخيال العلمي، حيث عُرف سابقاً باسم (مشروع الموسيقى التجريبية)".
أخبر بيك موقع Live Science أن الرجال الخضر الصغار محتالون، في الأيام الأولى للخيال العلمي في العشرينيات والثلاثينيات من القرن الماضي، كان الفضائيون شيئاً غريباً يصعب فهمه، ومع الوقت أصبحوا أكثر شبهاً بالبشر. لعبوا أدواراً تعكس جوانب الإنسانية وما نحن عليه.
قال بيك أن هناك أنواع معينة من الفضائيين تظهر مراراً وتكراراً في أفلام الخيال العلمي القديمة والجديدة، وهناك دروس يمكن استخلاصها منهم حول ما الذي يجعل الناس بشراً.
ويشرح قائلاً: "بعضها يأخذ وجهاً واحداً من الإنسانية ويضخمه".
يمكن أن تكون خبيثة ومولعة في المشاكل كما رأينا في الرجال الخضر الصغار. تجسد شخصيات أخرى البراءة الطفولية والتساؤل، مثل شخصية ET في فيلم ET. على الجانب الآخر، فإن فلم The Extraterrestrial، والعم مارتن في مسلسل My Favorite Martian، أو مورك من البرنامج التلفزيوني Mork and Mindy، وآخرين يمثلون الجانب المظلم من الإنسانية، مظهرين المخلوقات المتحولة عديمة الرحمة في سلسلة أفلام Alien، أو الكلينغون في Star Trek.
قال بيك: "يمكن أن تتشابه عوالم الخيال العلمي مع العالم الحقيقي عن قرب أو تختلف بشكلٍ كبير، لكن بغض النظر عن شخصياتهم التي تبدو غريبة -وحوش عملاقة ذو مجسات، مسافرون بشريون عبر الزمن أو حتى الرجال الخضر الصغار- جميع قصص الخيال العلمي هي في الحقيقة مرآة لعالمنا، كل قصةٍ عن الفضائيين هي قصة حقيقية عنا".