ستعرف أنك قد بلغت المجد والعلا عندما يعرفك الناس باسمك الأول فقط، مثل شير (Cher) وبيونسي (Beyoncé) وأوزي (Ozzie) وأنجيلينا (Angelina) وكذا ليبرون (Lebron) وأوبرا (Oprah)، وغيرهم الكثير.. قائمة طويلة نضيف إليها هابل.
هابل التلسكوب الفضائي التابع لناسا هو أكثر من تلسكوب مشهور، فهو اسمٌ معروف عند الناس من كل الفئات والأعمار مهما كانت مستوياتهم العلمية. ولا ينافسه سوى قلة قليلة على شهرته هذه، فهو يتساوى في تأثيره الثقافي مع مهمة أبولو التي هبطت على القمر.
على مدى 25 سنة ماضية، صار هابل نجماً ساطعاً. يُحب الموسيقيون هابل، فقد قامت الفرقة الموسيقية بيرل جام (Pear Jam) باستعارة صورة التقطها هابل لسديم الساعة الرملية (The Hourglass Nebula) لوضعها كغلاف لألبومهم الموسيقي باينورال (Binaural)، الذي صدر سنة 2000. كما وجد هذا السديم طريقه أيضا إلى ألعاب الفيديو وفيلم ملائكة وشياطين (Angels and Demons)، وأيضا إلى غلاف مجلة ناشيونال جيوغرافيك (National Geographic).
وحتى إن لم تسمع سابقا بسديم كارينا (Carina Nebula ) فمن المحتمل أنك قد رأيت صورته على غلاف الألبوم الموسيقي أندروميدا (Andromeda) لفرقة ثلاثي جيتار كاليفورنيا (California Guitar Trio)، بينما استعملت الفرقة يو تو (U2) سنة 2009 صورة الصدى الضوئي للنجم (V383 Monocerotis ) في الفيديو الموسيقي "قف على رجليك" (get on you boots ).
ظهر تلسكوب هابل عام 2013 في فيلم الجاذبية (Gravity ) فقط لكي يتم تدميره، فقد أنهى المخرج ألفونسو كارون (Alfonso Cuaròn) حياة هذه الأيقونة عندما كان رجال فضاء الفيلم يحاولون إصلاحه، بينما في فيلم حماة المجرة (Guardians of the Galaxy) عام 2014 كانت الخلفيات الحية عبارة عن بقايا لصور هابل المليئة بالألوان.
وفي العديد من المشاهد الأخرى، يمتلئ الفضاء الخارجي بكتل سديمية حمراء وبنفسجية وذهبية. وعلى عكس العديد من الأفلام المنتجة قبل ظهور هابل-مثل الأجزاء الثلاثة الأولى من حرب النجوم (Star Wars) الصادرة سنة 1977، و1980 و1983 التي تبين الفضاء على أنه سماء سوداء تحتوي على مجموعة من النجوم المبعثرة فيها- فقد غيرت اكتشافات هابل نظرة الشاشة الفضية والعامة إلى الفضاء، ونقلتها من السواد والفراغ إلى عالم الألوان والجمال.
لقد أصبحت صور هابل جزءا لا يتجزأ من ثقافتنا لدرجة أننا نراها في الأماكن والحياة اليومية، فهي على القمصان والسراويل وفي المكاتب وفي الخلفيات. وحتى ألواح التزلج الثلجي تحمل صوراً رائعة التقطها هابل لنجوم متفجرة وسدمٍ بعيدة. لكن هذه الصور الجميلة يرافقها أيضا شيء أكبر بكثير، إنها قوته العلمية.
لقد شاهد هابل مجرات على بعد 13 مليار سنة ضوئية، وأطل على دوامة الغاز التي تحيط بالثقوب السوداء، ودرس أيضا الغلاف الجوي للكواكب التي تدور حول نجوم أخرى. ونظراً لكون هذه الأسئلة العميقة تتعلق بأصلنا وقدرنا وإمكانية الحياة بعيدا عن الأرض، فقد أدى ذلك إلى تكون رابطة عميقة بين هابل والعامة.
أما في المدارس، فاكتشافات هابل في خدمة التلاميذ من كل الأعمار، وذلك من خلال موارد التعليم التي تقدمها وكالة ناسا. ففي كل سنة، يستعمل أكثر من نصف مليون أستاذ وثلاثة ملايين طالب في صفوف منتشرة عبر كل الولايات الأمريكية المواد والمعارف التي يقدمها هابل.
يقول جيمي ويليبوب، أستاذ العلوم في مدرسة أوديسي في ستيفنسون بميريلاند: "إن تقديم المحتوى بطريقة تجعله حقيقيا للتلاميذ هو واحدٌ من بين أكبر التحديات التي تواجه تدريس مواضيع الفضاء، وهابل هو الوحيد القادر على تحقيق هذا الهدف".
تربطنا بهابل علاقات عميقة في العديد من النواحي، فقد صار التلسكوب امتداداً للإنسانية وطريقة لإمداد مخيلتنا بصور الكواكب البعيدة والنجوم والمجرات. لقد استمر هابل بالعمل لمدة تجاوزت ما خططنا له، ويرجع الفضل في ذلك إلى العمل الدؤوب للرجال والنساء العاملين والداعمين للتلسكوب. وفي المقابل استمر التلسكوب في توفير اتصال كوني لا بديل عنه ولا يخص بذلك العلماء فقط، وإنما كل الناس. وسواء استُخدمت الصور في اكتشاف أنظمة نجمية جديدة أو كعرضٍ للأزياء فسيظل هابل جزءاً من الثقافة حول العالم.
أما حاليا فينتظر إطلاق خليفةِ هابل-التلسكوب الفضائي جيمس ويب- الذي من المفترض إطلاقه عام 2018. وقد بني ليتمكن من النظر إلى أعماق الفضاء وإلى مسافات تتجاوز قدرة أي من التلسكوبات الموجودة، كما يتوقع منه أن يساعد في حل العديد من أسرار كوننا. ومثل هابل، فإن جيمس ويب سيكون أيضاً نجماً ساطعاً.
حول الصورة: توضح الصورة مشهداً لـ MyCn18 الذي وجد طريقه نحو أغلفة الألبومات، والأفلام وغيرها العديد من الأمور.