بلوتو في ليلةٍ قمراء

إنه فصل الشتاء في المنطقة القطبية الجنوبية على بلوتو Pluto. لم تُشرق الشمس على هذه المنطقة القطبية المتجمدة الجنوبية منذ عشرين عامًا، ولن تُشرق مرة أخرى إلا بعد مرور 80 عامًا. لذا، ستكون نجومُ السماء وضَوْءُ أكبر أقمار بلوتو، شارون Charon، المصدرَ الوحيدَ للضوء على بلوتو خلال هذه السنين المظلمة.

عبر استخدام ضوء الشمس المُنعكس عن القمر شارون -والذي يُعتبَر في حد ذاته أضعفَ من الضوء الواصل إلى الأرض بنحو 1000 مرة- تمكن العلماء القائمون على مهمة نيو هورايزنز New Horizons من الحُصول على أولى اللقطات لهذه المنطقة الليلية على بلوتو وذلك بتاريخ 14 يوليو/تموز 2015.

وستكون هذه الصور التي تلتقطها نيو هورايزنز للقطب الجنوبي لبلوتو الوحيدةَ المتوفرة عنها، وذلك لأن هذه المنطقة غارقةٌ في سُباتٍ شتويٍّ وليلٍ طويل الأمد. هذا وسيتمُّ تركيب الصور باستخدام كلٍّ من أداة رالف Ralph والمُصوِّر الاستقصائي واسع المجال LORRI، وذلك بعد فترةٍ وجيزة من مرور نيو هورايزنز في النقطة الأكثر قربًا لها من بلوتو.

من جهةٍ أخرى، لو افترضنا أنك وقفتَ في المنطقة الليلية على بلوتو أثناء اقتراب مركبة نيو هورايزنز من الكوكب ونظرتَ إلى الأعلى باتجاه القمر شارون الرمادي المميّز، فسيظهر لك ذلك القمر أكبرَ بسبعِ مراتٍ من قمرنا المُشاهَد على الأرض. وعلى الرغم من أن شارون يبعد حوالي ثلاثة مليارات ميلٍ عن الشمس، إلا أنه قريبٌ جدًّا من بلوتو ومكسوٌّ بغطاءٍ ثلجيٍّ كثيفٍ ما يجعله أقلَّ سطوعًا من قمر الأرض المكتمل (البدر) بنحو خمس مرات.

أما بالنسبة لسطح الكوكب نفسه فسترى تحت قدميك غطاءً ثلجيًّا سُخاميًّا مغمورًا بضوءٍ خافتٍ من شارون. وستكون المنطقة من حولك قليلةَ الإضاءة، لكنها لن تكون مظلمةً لدرجةٍ تجعلك تصطدم بالأشياء من حولك.

كذلك ستلاحظ خلال نُزهتك تحت ضوء القمر على سطح بلوتو أن ظلّك الناتج عن الإضاءة المُنعكسة عن شارون هو في الواقع أقل وضوحًا من الظل الذي يتشكَّل على كوكب الأرض بفعل ضوء القمر. كما من المُمكن جدًّا أن تلحظ مرورَ بعض السُّحب أمام شارون عندما تنظر للأعلى.

ولو وقفتَ على جانب بلوتو المُواجِهِ لشارون أثناء مرور نيو هورايزنز السريع بقربه، ستُلاحظ أن شارون نفسه يمرُّ بمجموعةٍ من الأطوار خلال اليوم الواحد على بلوتو (اليوم على بلوتو يُعادل 6 أيام و10 ساعات أرضية)، لكنه لن يمر بمجموعة كاملة من الأطوار كتلك التي يمر بها قمرنا هنا على الأرض. فخلال مراحله سينتقل شارون من طور هلالٍ عريضٍ، إلى طور التربيع، ثم إلى قمرٍ مُحدَّبٍ -وهي المرحلة البينية التي تفصل بين طور التربيع والأطوار الكاملة. بعدها تتكرر الأطوار السابقة نفسها مرةً أخرى.

سافرت نيو هورايزنز في رحلةٍ استغرقت تسعَ سنواتٍ ونصفَ السنة لتُقدِّم للبشرية أولى الاكتشافات المتعلقة بنظامِ بلوتو. وبينما تزداد معالم بلوتو المُضاءَة بنور الشمس تفصيلاً ووضوحًا يومًا بعد يوم، يسود الغموضُ المنطقةَ الشتوية المُظلمة، لكن ليس لفترةٍ طويلة.

من جهتها، علقت كاثي أولكين Cathy Olkin، نائبة علماء مشروع نيو هورايزنز، على هذا الموضوع بقولها: "إن الطريقة الوحيدة التي يمكن لمركبة نيو هورايزنز أن تُشاهد من خلالها المنطقةَ الليليةَ على سطح بلوتو هي الاعتمادُ على الضوء المُنعكس عن القمر شارون". وتضيف واصفةً شعورها: "لقد آن الأوان لتحقيق هذا الاكتشاف العظيم، وأنا مُتحمسةٌ بشدة لذلك".

تُظهر الصورةُ المُرفقَة رسمًا فنيًا تخيليًّا لمشهدِ بزوغ أحد أكبر أقمار بلوتو، شارون، فوق سطح القطب الجنوبي المُتجمِّد لبلوتو، مُلقيًا بضيائه الفضيِّ الخافت على المساحات البعيدة الظاهرة على الكوكب.

حقوق الصورة: مختبر الفيزياء التطبيقية في جامعة جونز هوبكنز – معهد البحوث الجنوبي الغربي
Image credit: JHUAPL / SwRI

إمسح وإقرأ

المصادر

المساهمون

اترك تعليقاً () تعليقات