يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
فراغ نجمي في درب التبانة

تصوير فني لتوزّع النجوم الشابة بشكل ضمني ممثلة هنا بالنجوم القيفاوية [1] التي تظهر في رسم خلفية مجرة درب التبانة بلون أزرق. وباستثناء منطقة صغيرة في المركز المجري، فإن المنطقة الممتدة حول المركز بـ 8000 سنة ضوئية تحتوي عددا قليلا جدا من النجوم القيفاوية، وبالتالي عددا قليلا جدا من النجوم الشابة. 

المصدر: The University of Tokyo. Click for a full size image


أشار فريق دولي يقوده البروفيسور نوريوكي ماتسوناغا Noriyuki Matsunaga من جامعة طوكيو، إلى أننا بحاجة كبيرة لمراجعة فهمنا لمجرتنا درب التبانة Milky Way Galaxy. حيث وجد الفريق، الذي يضم فلكيين من اليابان وجنوب أفريقيا وإيطاليا، منطقة ضخمة حول مركز مجرتنا تخلو من النجوم الشابة. و نشر الفريق نتائجه في ورقة علمية في مجلة Monthly Notices of the Royal Astronomical Society.

تعدّ مجرة درب التبانة مجرة حلزونية spiral galaxy تحتوي على مليارات النجوم، منها شمسنا التي تبعد عن المركز 26000 سنة ضوئية. ويمثّل قياس توزيع هذه النجوم أمراً حاسماً في فهمنا لكيفية تشكل مجرتنا وتطورها. وتعتبر النجوم النابضة التي تدعى بالمتغيرات القيفاوية (Cepheids) مثالية لهذا الأمر.


إنّ المتغيرات القيفاوية أصغر عمراً من شمسنا بكثير (عمر الشمس 4.6 مليار عام، بينما يتراوح عمر المتغيرات القيفاوية بين 10 و300 مليون عام) وهي تنبض بسطوعها وفق دورة منتظمة، ويرتبط طول هذه الدورة بلمعان المتغير القيفاوي، لذلك إذا قام الفلكيون بمراقبتها فبإمكانهم معرفة مدى سطوع النجم فعلياً بمقارنته بما نراه من الأرض، وحساب بعده عنها.

وعلى الرغم من هذا، فإن إيجاد نجم قيفاوي داخل مجرة درب التبانة يعد أمراً صعباً؛ إذ إن المجرة مليئة بالغبار بين النجمي interstellar dust الذي يحجب الضوء ويخفي العديد من النجوم عن الأنظار. عمل فريق ماتسوناغا على التغلّب على هذه المشكلة عن طريق تحليل أرصاد الأشعة القريبة من الأشعة تحت الحمراء المستقاة من تلسكوب ياباني- جنوب أفريقي، يقع في ساندرلاند في جنوب أفريقيا. ولفرط دهشتهم، فإنهم بالكاد وجدوا أية متغيرات قيفاوية في منطقة كبيرة تمتد لآلاف السنين الضوئية من قلب المجرة.

فسر نوريوكي ماتسوناغا الأمر قائلاً: "لقد وجدنا منذ بعض الوقت أن هناك متغيرات قيفاوية في مركز مجرتنا بالفعل (في منطقة يبلغ امتداد نصف قطرها 150 سنة ضوئية). والآن وجدنا منطقة كبيرة خالية من النجوم القيفاوية تمتد لمسافة 8000 سنة ضوئية من المركز".

وهذا يشير إلى أن جزءا كبيراً من مجرتنا يدعى القرص الداخلي الأقصى Extreme Inner Disk لا يحتوي أياً من النجوم الشابة. ويعلق الكاتب المشارك مايكل فيست Michael Feast قائلاً: "تتعارض استنتاجاتنا مع أعمال أخرى في الآونة الأخيرة، لكنها تتوافق مع عمل علماء الفلك الراديوي الذين لم يشاهدوا أية نجوم جديدة ولدت في هذه المنطقة الخالية".

ويوضح مؤلف آخر يدعى جوزيبي بونو Giuseppe Bono قائلاً: "تشير النتائج الحالية إلى عدم وجود تشكّل كبير للنجوم في هذه المنطقة الكبيرة على مدى مئات الملايين من السنوات. أي أن كلاً من حركة النجوم القيفاوية الجديدة وتركيبها الكيميائي ساعدانا في الحصول على فهم أفضل لتشكل مجرة درب التبانة وتطورها. إنّ المتغيرات القيفاوية تُستخدم عادةً ، على نطاق واسع، لقياس المسافات بين الأجسام في الكون البعيد، والعمل الجديد هو مثال على الطرق الجديدة التي يمكن استخدامها فيها للكشف عن تركيب مجرتنا.

 

ملاحظات


[1] المتغيرات القيفاوية: هي نجوم تتغير درجة لمعانها بصورة دورية منتظمة، وسميت بهذا الاسم نسبة إلى أول نجم أكتُشفت فيه هذه الظاهرة، وهو دلتا قيفاوس.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • المجرة الحلزونية (Spiral galaxy): تُصنّف المجرات الحلزونيّة في مجموعتين: العادية (Ordinary) والمضلعة (Barred). يُرمز للمجموعة العادية بالرمز S أو SA، وللمجموعة المضلعة بالرمز SB، وهي تتمتع بوجود أذرع حلزونية.
  • المجرة (galaxy): عبارة عن أحد مكونات كوننا. تتكون المجرة من الغاز وعدد كبير (في العادة، أكثر من مليون) من النجوم التي ترتبط مع بعضها البعض، بوساطة قوة الجاذبية. و عندما تبدأ الكلمة بحرف كبير، تُشير Galaxy إلى مجرتنا درب التبانة. المصدر: ناسا
  • القرص (Disk): (1)عبارة عن منطقة دائرية مسطحة من الغاز، والغبار و/أو النجوم. وقد يُشير هذا التعبير إلى المواد المحيطة بالنجم المتشكل حديثاً، أو المواد التي تتراكم بالقرب من ثقب أسود أو نجم نيوتروني، أو إلى المنطقة الكبيرة المحيطة بمجرة حلزونية والتي تحتوي أذرعاً حلزونية. (2)الشكل الظاهري الدائري للشمس، أو لكوكب، أو للقمر عندما يتم مشاهدتهم في السماء بوساطة تلسكوب.
  • الغبار (Dust): ليس الغبار الذي يقوم أحدهم بإيجاده حول المنزل فقط (الذي هو في العادة عبارة عن ذرات دقيقة من خلايا الجلد ومواد أخرى)، ولكن بالإضافة إلى ذلك، هذا الغبار في الفضاء عبارة عن الحبيبات شاذة الشكل مكونة من الكربون و/أو السليكون ويبلغ عرضها ميكرون واحد تقريباً، ويمكن إيجادها بين النجوم. يُمكن الاستدلال على وجود الغبار بشكلٍ أساسي عبر قدرته على الامتصاص، الأمر الذي يؤدي إلى تشكل أقسام كبيرة مظلمة في مناطق من مجرتنا درب التبانة ونطاقات مظلمة في كافة أرجاء المجرات الأخرى.

اترك تعليقاً () تعليقات