يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
علامات تشير إلى ظاهرة خارج معايير الفيزياء

ثلاث تجارب منفصلة تشير إلى ظاهرة خارج المعايير القياسية للفيزياء.


أظهرت مراجعةٌ لثلاث تجارب منفصلة نتائجَ متقاربة بشكل مثير للاهتمام، تُوضح ما عبّر عنه الباحثون بكونه احتمالية كبيرة بأننا وجدنا علاماتٍ لظاهرةٍ تأخذ مجرىً خارج النماذج القياسية لفيزياء الجسيمات.

أدّى جمع بيانات التجارب التي حصلت في كلٍّ من الولايات المتحدة وسويسرا واليابان إلى نتيجةٍ دقّتها 99.95%، تقول بأن خاصية استقلالية الليبتون lepton universality -التي تُعدُّ افتراضاً أساسياً للمعايير القياسية- غير متماسكة.


وقال فريق دوليّ من الفيزيائيين: "أسفرت هذه الدراسات عن ملاحظاتٍ يبدو أنها تتحدى خاصية استقلالية الليبتون، وتأكيد هذه النتائج يمكن أن يشير إلى جسيماتٍ أو تفاعلاتٍ جديدة، كما يمكن أن تكون له أيضاً آثارٌ عميقةٌ على فهمنا لفيزياء الجسيمات".

إن لم تكن على دراية كافية بخاصية استقلالية الليبتون، فهي في الحقيقة مفهومٌ بسيط: إن تفاعلات جسيماتٍ أوليةٍ معيّنة هي ذاتها بغضّ النظر عن امتلاك هذه الجسيمات لكُتلٍ وأعمارٍ (معدّلات اضمحلال decay rates) مختلفة.

تُدعى الجسيمات قيد الدراسة بالليبتونات المشحونة، وهي تتضمّن الإلكترونات، والميوونات muons، وجسيمات تاو taus الثقيلة. وما أوجدته التجارب الثلاث أنه بأخذ معدلات اضمحلال الإلكترونات والميوونات بعين الاعتبار، فإن معدلات اضمحلال جسيمات تاو أعلى بكثير مما يجب. وبعبارة أخرى، فإن جسيمات تاو تضمحلّ بسرعةٍ أكبر مما يتنبأ به النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات المبني على خاصية استقلالية الليبتون.

ويُعدُّ ذلك غريباً؛ لأن النتيجة من تجربة واحدة يمكن أن تكون ببساطةٍ نتيجةً خاطئة، ولكن التجارب الثلاث أظهرت معدل اضمحلالٍ لجسيمات تاو أعلى من المتوقع رغم أن كلّ تجربةٍ من التجارب الثلاث حصلت في بيئة مختلفة.

يقول فرانكو سيفيلا Franco Sevilla أحد أعضاء الفريق من جامعة كاليفورنيا في سانتا باربارا University of California - Santa Barbara: "إن جسيم تاو الليبتون هو الأساس؛ لأن قياس كلٍّ من الإلكترون والميوون قد تم بشكل جيد، ولكن قياس جسيمات تاو أصعب بكثير؛ لأنها تضمحلّ بسرعة كبيرة. والآن بعد أن أصبح بإمكان الفيزيائيين دراسة جسيمات تاو بشكلٍ أفضل، فإننا نرى بأنه ربما لا تكون خاصية استقلالية الليبتون مُرضية كما يدّعي النموذج القياسي".

وحين تمّت مراجعة النتائج من كلٍّ من تجربة مصادم الهادرونات الكبير LHCb experiment في المنظمة الأوروبية للأبحاث النووية سيرن CERN الواقعة في سويسرا، وكاشف بابار BaBaR في مختبر المسرّعات الوطني سلاك SLAC National Accelerator Laboratory الواقع في كاليفورنيا، وتجربة بيل Belle experiment في اليابان، فقد أظهرت تحدّياً لخواصّ استقلالية الليبتون على مستوى 4 للانحرافات المعيارية، مما يدلّ حسب تقرير الفريق الأمريكي على يقين بنسبة 99.95%.

ولنكون واضحين، فإن ذلك يبدو كحالةٍ مقنعةٍ للغاية ضد واحدةٍ من الفرضيات الأساسية للنموذج المعياري، ولكن هذه هي العلوم! لذلك فنحنُ بحاجةٍ للحصول على نتيجة تنحرف 5 مستوياتٍ معيارية قبل أن نقوم بالجزم. ما يعني بأننا بحاجةٍ لمزيدٍ من التجارب للحصول على حجمِ عيّناتٍ أكبر ويقينٍ مُطلق بأن ذلك لم يكن مجرد خطأ صادف أن يظهر في التجارب الثلاث. كما أننا سنكون أيضاً بحاجةٍ لمعرفة ما قد يمكن أن تعنيه هذه النتائج في حال كانت صحيحة، ولكن دعونا لا نستبق الأمور.


وتابع فرانكو قائلاً: "لسنا متأكدين بعد مما سيعنيه تأكيد هذه النتائج على المدى البعيد، علينا أولاً أن نتأكد من صحّتها، وبعد ذلك سنحتاج إلى تجارب إضافيّة لتحديد المعنى".


أمّا الخبر الجيد هنا، فهو أن سيرن قامت بتسريع عملية تطويرٍ لخطة بناء مصادم جسيمات أكبر بثلاث مرات، وأقوى بسبع مرات من مصادم الهادرونات الكبير LHC، فإن كان هناك شيء قادر على حل اللغز فسيكون المصادم الجديد.

نُشرت المراجعة في مجلة Nature.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات