يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
خطةٌ لإنشاء أول محطة فضاءٍ تجاريةٍ خاصة

ربما لم تسمع من قبل عن شركة الفضاء التجارية الناشئة (Axiom Space). لم تنشأ الشركة حتى عام 2016، وكانت تملك 6 موظفين فقط. رغم هذا يمكن بلمحة سريعة على مواد دعاية الشركة أو بمحادثة قصيرة مع أحد ممثليها رؤية أن اسم أكسيوم (Axiom) ملائم جدًا.
 

تتمتع هذه الشركة التي يقودها مايك سوفريديني Mike Suffredin -الذي أدار برنامج محطة الفضاء الدولية لصالح وكالة ناسا على مدى عشر سنوات- بمشاركة كام غفاريان (Kam Ghaffarian) الرئيس التنفيذي لشركة SGT -التي تُعدُّ شركةً رئيسةً مسؤولةً عن عمليات محطة الفضاء الدولية وتدريب رواد الفضاء- تتمتع بطموحاتٍ كبيرةٍ من المحتمل لها إعادة تشكيل صناعة الفضاء. فهل ستكون حقًا قادرةً على ذلك؟

 

صورة فنية لمحطة الفضاء التجارية. تخطط شركة الفضاء التجارية الناشئة لبناء أول محطةِ فضاءٍ تجارية خاصة. حقوق الصورة: Axiom Space
صورة فنية لمحطة الفضاء التجارية. تخطط شركة الفضاء التجارية الناشئة لبناء أول محطةِ فضاءٍ تجارية خاصة. حقوق الصورة: Axiom Space


الخطة


تخطط الشركة لبناء نواة محطتها الرئيسة متصلةً بمحطة الفضاء الدولية ISS قبل تقاعدها عام 2024، ولكن من الممكن تأجيل ذلك حتى عام 2028. وعندما تعلن محطة الفضاء الدولية عن نهاية فترة خدمتها، ستنفصل محطة أكسيوم لتصبح محطةً تجاريةً مستقلةً تمامًا.
 

من المتوقع إطلاق أول وحدةٍ لمحطة الشركة -المُسمّاة "الوحدة متعددة الأغراض Multi-Purpose Module"، أو ببساطة الوحدة الأولى- في أواخر عام 2020.


تنصّ الخطة الحالية على إطلاق الوحدة إلى الفضاء في عملية إطلاقٍ واحدةٍ، وذلك في حال وفّرت أكسيوم الصاروخ المناسب لتلك المهمة بطول 9 أمتار وعرض 5 أمتار، ستكون حمولةً هائلةً، ويمكن أيضًا إطلاق أجزاء الوحدة بشكل منفصل وتجميعها في الفضاء.
 

تملك الوحدة الأولى نظام دفعٍ خاصٍ بها، وهذا يعني أنها سوف تحلّق نحو محطة الفضاء الدولية بنفسها بعد وضعها في المدار، وتقترح شركة أكسيوم على ناسا وصل الوحدة بالمنفذ الأمامي لمحطة الفضاء الدولية، حيث رُكِّب منفذ الالتحام الجديد مؤخرًا لاستيعاب المركبات التجارية المأهولة.
 

درست أكسيوم هذا الموضوع مع ناسا، وتناقشان حاليًا الموضوع بموجب اتفاق قانون الفضاء، ولا يزال يتعين عليهما تخطي القواعد الرسمية. ولم يستجب المسؤولون في مركز جونسون الفضائي التابع للوكالة بعد لطلبات التعليق على المشروع.
 

لا يزال مدى تفاعل رواد أكسيوم مع بقية طاقم محطة الفضاء الدولية غير واضحٍ، ولكن الوحدة الأولى ستعتمد على نفسها في الذهاب، فلديها أنظمة دعم الحياة الخاصة بها، وأماكن النوم، والمراحيض، والمطبخ، ومناطق إجراء التجارب والتخزين.

 

وتقول أكسيوم إنه يمكن للوحدة دعم ما يصل إلى سبعة رواد فضاء، على الرغم من أنه ربما لن يكون هناك الكثير من الغرف المرفقة حتى تضيف الشركة وحدتين إضافيتين بين عامي 2020 و2024.

 

يقول أمير بلاتشمان Amir Blachman، نائب رئيس قسم التطوير الاستراتيجي في أكسيوم: "من الناحية الهيكلية، سنعتمد على إحدى الشركات التي قامت ببناء معظم محطة الفضاء الدولية". ويضيف أن الوحدة ستتمتع بهيكلٍ صلبٍ وستكون مشابهةً في المظهر لمكونات محطة الفضاء الدولية الحالية.

 

في البداية، لن توظف الشركة رواد الفضاء الخاصين بها، وستكون المحطة بمثابة موطن عملٍ مشتركٍ في الفضاء، مع طاقم تدريب أكسيوم الذي يرغب في استخدام مرافق المحطة، وسيجري تدريب رواد الفضاء من قبل شركة SGT، التي تُدرّب رواد وكالة ناسا حاليًا.
 

كما تخطط أكسيوم لإرسال رائد فضاء في إقامةٍ قصيرة الأمد إلى محطة الفضاء الدولية في عام 2019 قبل وصول الوحدة الأولى. ونتيجة الوقت اللازم للتحضير للمهمة فقد بدأ رائد الفضاء التدريب هذا العام، مما يعني أن أكسيوم ستبدأ في تأمين الإيرادات.

 

لم تحجز الشركة رسميًا رحلةً إلى المدار، بيد أن بلاتشمان يقول أنه من المحتمل أن تكون على متن مركبة سويوز Soyuz أو دراغون Dragon.

 

السوق التجاري


وفقًا لأكسيوم، يمكن للمحطة الفضائية الخاصة إنشاء سوقٍ تصل قيمته إلى 37 مليار دولار بين عامي 2020 و2030.

 

سيكون الرقم الفعلي أقل إذا استمرت محطة الفضاء الدولية بالعمل لما بعد عام 2024، ولكن أكسيوم لا تزال تتوقع تدفق إيراداتٍ كبيرةٍ بحلول إطلاق الوحدة الأولى.

 

ولكن، إن كان بالإمكان إنشاء سوق بهذه الضخامة، فلماذا لم يتقدّم أحدٌ بالفعل لتطبيق ذلك حتى الآن؟

 

يقول بلاتشمان بأن أكبر مصدر للتمويل للشركة سيكون الدول ذات السيادة الراغبة في إرسال رواد فضاء خاصين بها إلى الفضاء.

 

ويضيف: "هناك ما يزيد عن 20 دولةً تريد إرسال روادها الى الفضاء، فبعض هذه البلدان لديها بالفعل برامجُ لرحلات الفضاء المأهولة، في حين أن البعض الآخر يرغب في تطوير برنامجٍ لتعزيز الهيبة الوطنية والتعليم والتكنولوجيا، كما أننا نواجه حاليًا تراكمًا لرواد الفضاء المحتملين هؤلاء بسبب محدودية قدرة محطة الفضاء الدولية ونقص مركبات الإطلاق".
 

بإمكان محطة الفضاء الدولية دعم سبعة أفرادٍ فقط في كل رحلة، هناك دائمًا رائدي فضاءٍ لناسا وحتى بعد قرار روسيا بتخفيض طاقمها إلى اثنين، فهناك رائد فضاءٍ في معظم الأوقات إما لوكالة الفضاء الأوروبية ESA أو وكالة استكشاف الفضاء اليابانية JAXA.
 

أما العامل المحدّد الآخر فهو مقاعد مركبة سويوز، حيث يمكن للمركبة الفضائية الروسية الاتساع لثلاثة أشخاصٍ على متنها، مما يُبقي عدد أفراد المحطة ستة، وذلك حتى تبدأ شركة سبيس إكس وبوينغ في إطلاق مهماتٍ مأهولةٍ عام 2018.
 

ولكن حتى ذلك الحين، تحتاج ناسا رائدَ فضاءٍ إضافيًّا من أجل إجراء البحوث التي ترعاها الوكالة. وبالتالي، فإن أكسيوم تقدم بديلًا تجاريًا لرواد الفضاء.

 

مصادر الإيرادات الأخرى


تُعدُّ السياحة الفضائية مصدرًا آخرَ للتمويل. لن تبدو السياحة التي سترعاها أكسيوم مثل تلك الخاصة بشركة فيرجين غالاكتيك Virgin Galactic.


ومن الجدير بالذكر أن أكسيوم ستطلب من سُيَّاحِها خوض تدريبٍ أكثر شمولًا، كما أنّ سعر التذكرة سيكون مختلفًا تمامًا، ففي حين أن شركة فيرجن غالاكتيك تُكلّف 250,000 دولارٍ مقابل بضع دقائقَ من انعدام الوزن، ستوفّر الشركة رحلاتٍ تتراوح مدتها بين سبعة وعشرة أيام.

يقول بلاتشمان: "من المحتمل أن تكون الأسعار أقلَّ تكلفةً بالنسبة للسياح الآن، بيد أنّ الأمر سيكلّف عشرات الملايين".


إن بقية السوق المحتمل يأتي من دعم الاستكشاف والبحث العلمي والتصنيع، وينسب بلاتشمان النمو المحتمل في بعض هذه المجالات إلى "التوقيت وروح العصر"، المُعزَّز جزئيًا من قِبل مجموعة كاسيس cassis، وهي مجموعةٌ غير ربحيةٍ تساعد الشركات والمنظمات الخاصة على إجراء البحوث والتجارب التكنولوجية على متن المحطة الفضائية الدولية.

من غير الواضح مقدار الأموال التي استثمرتها المنظمات الخاصة في كاسيس أو تجارب محطة الفضاء الدولية التي ترعاها وكالة ناسا حتى الآن.


لم تستجب كاسيس لطلبات المقابلات، ولكن وفقًا لموقعها على الإنترنت، فقد دعمت المجموعة 144 مشروعًا منذ عام 2012. وخلال فترة الخمس سنوات تلك، قدمت كاسيس 27 مليون دولارٍ كمنحٍ.

يبدو أن شركة أكسيوم تعتقد أن سوق أبحاث الفضاء التجاري والتصنيع يقترب من نقطة تحوّل يمكن أن ترجح لصالح الشركة.

تعتقد الشركة أيضًا أن هناك عددًا متزايدًا من رجال الأعمال الراغبين في الدخول في مجال الفضاء. وعلاوةً على ذلك، ونظرًا لانتقال جهود وكالة ناسا لاستكشاف الفضاء السحيق من المدار الأرضي المنخفض إلى الفضاء القمري، فإن محطة أكسيوم ستقدّم وجهةً قريبةً من الشركات التجارية التي تتطلع إلى اختبار التكنولوجيات الجديدة.



تصل قيمة إجمالي السوق إلى 37 مليار دولار (2020 -2030) التصنيع، البحث العلمي، الدعم الاستكشافي، السياحة الفضائية، رواد الفضاء حقوق الصورة: Axiom Space
تصل قيمة إجمالي السوق إلى 37 مليار دولار (2020 -2030) التصنيع، البحث العلمي، الدعم الاستكشافي، السياحة الفضائية، رواد الفضاء حقوق الصورة: Axiom Space



المنافسة


من بين عشرات الشركات التي تقترح مشاريعَ على نطاق محطة الفضاء أكسيوم لم ينجح إلا عددٌ قليلٌ منها.


لكن أكسيوم تمتلك فرصةً، فلدى مايك سوفريديني وكام غفاريان الكثير من الخبرة مع محطة الفضاء الدولية. كما أن الفريق بقيادة ستيفن ألتيموس Stephen Altemus، المدير الهندسي السابق لمركز جونسون للفضاء، بالإضافة إلى اثنين من رواد الفضاء الآخرين، وبلاتشمان.


يقول بلاتشمان أنه بالإضافة إلى الحصول على التمويل المبكر، فإن أكسيوم مستعدةٌ لإغلاق أول جولةٍ رئيسةٍ من تمويل الأسهم، والمعروفة باسم سلسلة A. كما أنّ عدم وجود منافسةٍ يصبّ في صالح أكسيوم.


وعلى الرغم من تخطيط الصين لبناء محطة الفضاء الخاصة بها ابتداءً من عام 2018، وإعراب روسيا عن رغبتها الخاصة في إرفاق وحداتٍ جديدةٍ لمحطة الفضاء الدولية، فمن المشكوك فيه أن يدعم البَلدان السوق التجارية الخاصة بأكسيوم.


هذا يتركنا مع شركة بيغلو أيروسبيس Bigelow Aerospace التي أوصلت أجهزة الاختبار القابلة للنفخ من نموذج بيم BEAM إلى محطة الفضاء الدولية عام 2016. بعد انفصال بيم عن المحطة عام 2018، تقترح شركة بيغلو اختبار نموذجها الأكبر بكثير B330 على محطة الفضاء الدولية.


وليس الأمر واضحًا فيما إذا كانت ستتنافس على منفذ التحويل ذاته، إلا أن التخيُّل الفني الذي أُصدِر كجزءٍ من برنامج نيكست ستيب NextSTEP التابع لناسا يُظهر اتصال نموذج بي 330 إلى المنفذ نفسه. حوّلت أكسيوم الأسئلة حول هذا الموضوع إلى بيغلو وناسا، لكن ممثلي بيغلو لم يعلقوا على هذا الموضوع.

 

على أية حالٍ، وحسب اعتقاد بلاتشمان، فإن الشركة مستعدةٌ للمساعدة على انتقال المجتمع الفضائي لفترةِ ما بعد محطة الفضاء الدولية.


ويقول بلاتشمان متفائلًا: "نظرًا لعلاقاتنا مع الصناعة والعملاء، ومهمتنا الفريدة بالإضافة إلى خبرتنا التجريبية، فإن فريقنا على أتمّ الاستعداد لإنجاز هذا المشروع الطموح".

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات