انفجار نجمي مع احتمالية موجات ثقالية

اكتشف عالم الفلك الأمريكي لويس سويفت Lewis Swift في عام 1887 سحابة متوهجة أو سديم، ليتّضح أنه مجرة صغيرة تقع على بُعد 2.2 مليار سنة ضوئية من كوكب الأرض، وتُعرف اليوم باسم المجرة الشعاعية  (starburst IC 10)، في إشارةٍ إلى النشاط الشديد لتشكّل النجوم التي تحدث هناك.

يدرس علماء الفلك الآن (IC 10) بأقوى تلسكوبات القرن الحادي والعشرين بعد مضي أكثر من مئة عام على اكتشاف سويفت، حيث تكشف عمليات رصد حديثة بواسطة مرصد تشاندرا العامل بالأشعة السينية والتابع لوكالة ناسا أزواجاً عديدة من النجوم التي من الممكن أن تصبح يوماً ما مصادر لما يمكن أن يكون أكثر الظواهر الكونية التي تم رصدها في السنوات الأخيرة إثارةً ألا وهي الأمواج الثقالية (gravitational waves). 

ومن خلال تحليل عمليات الرصد التي قام بها تشارندا لمجرة (IC 10) على مدار عقد، عثر علماء الفلك على ما يفوق العشرات من الثقوب السوداء والنجوم النيوترونية التي تتغذى على الغاز الصادر عن الصحبة النجمية العملاقة الشابة، وتعرف أنظمة النجوم الثنائية باسم ثنائيات أشعة إكس (X-ray binaries) لأنها تصدر كميات كبيرة من الأشعة السينية، وكنجم فائق الكتلة يدور حول رفيقه المضغوط سواء أكان ثقباً أسوداً أو نجماً نيوترونياً، فيمكن للمواد أن تبتعد عن النجم العملاق لتشكل قرصاً مادياً حول الجسم المضغوط، تسخن قوى الاحتكاك المادة المتساقطة إلى ملايين الدرجات منتجةً مصدراً متوهجاً من الأشعة السينية.

وحين ينفذ وقود النجم الرفيق فائق الكتلة فإنه سيخضع لتداعٍ كارثي ينتج عنه انفجار سوبرنوفا مخلفَّاً وراءه ثقباً أسوداً أو نجماً نيوترونياً، وتكون النتيجة النهائية جسمين مضغوطين: إما زوج من الثقوب السوداء أو زوج من النجوم النيوترونية أو ثقب أسود ونجم نيوتروني، وإذا أصبح الفاصل بين الأجسام المضغوطة صغيراً بما فيه الكفاية بمرور الزمن، سينتج عن ذلك موجات ثقالية، إذ سيتقلص حجم مداراتها حتى تندمج بمرور الوقت. وكما عثر ليغو على ثلاثة أمثلة لاندماج أزواج من الثقوب السوداء بهذه الطريقة في العامين المنصرمين.

وتعد المجرات الشعاعية (Starburst) مثل (IC 10) أماكن ممتازة للبحث عن ثنائيات الأشعة السينية لأنها تقلب النجوم سريعاً، وسيغدو الكثير من هذه النجوم حديثة الولادة أزواجاً من النجوم فائقة الكتلة والشابة، كما سيتطور النجم الأكبر في الزوج بسرعة أكبر مُخلِّفاً ثقباً أسوداً أو نجماً نيوترونياً يصحب النجم فائق الكتلة المتبقي، وإذا كان الفاصل بين النجوم صغيراً بما يكفي، سينتج نظام ثنائي من الأشعة السينية.


تجمع هذه الصورة المركبة الحديثة بين بيانات الأشعة السينية المأخوذة من تشاندرا (باللون الأزرق) مع صورة بصرية (باللون الأحمر والأخضر والأزرق) التقطها هاوٍ فلكي هو بيل سنايدر Bill Snyder من مرصد هيفن ميرور (Heavens Mirror Observatory) في سييرا نيفادا-كاليفورنيا، وتظهر مصادر الأشعة السينية المُشاهدة بواسطة تشاندرا بلون أزرق أكثر قتامة من تلك النجوم المُشاهدة من خلال الضوء البصري.

تبدو النجوم الشابة في (IC 10) ذات عمر مناسب لتعطي مقداراً أعظمياً من التفاعل بين النجوم فائقة الكتلة ورفاقها المضغوطة، مما ينتج معظم مصادر الأشعة السينية، وإذا كانت الأنظمة أصغر سناً، فلن تملك النجوم فائقة الكتلة ما يكفي من الزمن لتصبح سوبرنوفا وتعطي نجماً نيوترونياً أو ثقباً أسوداً، أو لن يتقلص مدار النجم فائق الكتلة والجسم المضغوط بما يكفي لبدء عملية انتقال المادة، أما إذا كان عمر النظام النجمي أكبر، فمن المحتمل أن يكون كلاً من الجسمين المضغوطين قد تشكّلا بالفعل، وفي هذه الحالة لا تُرجَّح عملية انتقال المادة بين الأجسام المضغوطة، ما يمنع تشكل قرص مصدر للأشعة السينية.

كشف تشاندرا عن 110 مصدراً للأشعة السينية في (IC 10) ومن بين هؤلاء أكثر من 40 مصدراً شُوهِد بالأشعة البصرية و 16 منها يضم "عمالقة زرقاء"، وهي النوع من النجوم الحارة فائقة الكتلة والشابة التي وُصفَت سابقاً، ومعظم المصادر الأخرى هي ثنائيات من الأشعة السينية تضم مقداراً أقلّ من النجوم فائقة الكتلة، وتُظهِر العديد من هذه الأجسام قابلية شديدة على التغير في إنتاج الأشعة السينية، مما يدل على تفاعلات عنيفة بين النجوم المضغوطة ورفاقها.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الأمواج الثقالية (gravitational waves): عبارة عن تموجات في الزمكان، نشأت عن حركة الأجسام في الكون. أكثر المصادر التي تُنتج مثل هذه الأمواج، هي النجوم النترونية الدوارة، والثقوب السوداء الموجودة خلال عمليات الاندماج، والنجوم المنهارة. يُعتقد أيضاً بأن الأمواج الثقالية نتجت أيضاً عن الانفجار العظيم. المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات