الذكاء الاصطناعي يهزم البشرية في لعبتها

ملخص


أَحدثَ حاسوب شركة آي بي أم IBM ديب بلو Deep Blue المختصّ في لعبة الشطرنج جدلًا بخصوص قدرات الذكاء الاصطناعي، وذلك عندما هزم لاعب الشطرنج غاري كاسباروف Gary Kasparov عام 1997. ما هو إرث هذه المباراة؟ وما هي الألعاب الأخرى التي تفوّق بها الذكاء الاصطناعي؟ وما هو الأمر التالي الذي سينجح به؟

نصر ديب بلو


جادل موراي كامبل Murray Campbell، وهو عضوٌ بارزٌ في طاقم شركة آي بي أم البحثيّ مؤخرًا إرث وتأثير مجموعة مباريات الشطرنج المصيرية التي حدثت عام 1997، التي تغلّب فيها الحاسوب ديب بلو على غاري كاسباروف، وهو صاحب لقب أفضل لاعب شطرنج لأكثر من 225 مرة من أصل 228 وذلك في الفترة الممتدة بين 1986 و2005.

كان كامبل شخصيًّا جزءًا من هذا اللقاء الرائع. فقد كان عضوًا في الفريق الذي ساعد في بناء الحاسوب ديب ثوت Deep Thought الخاص بالجامعة، وهو سلف ديب بلو، وقد كان أول برنامج يهزم محترفًا في مسابقةٍ احترافيةٍ. بعد ملاحظتها ذلك، وظّفت آي بي أم كامبل وزملاءه لبناء ديب بلو. وكان النظام الذي بنوه في النهاية خليطًا بين معالجات حاسوبٍ خارقٍ متعدّد الأغراض مع رقاقات مختصّةٍ بلعبة الشطرنج.
 



هزمت الحواسيب البشر بالألعاب مسبقًا، مثل نصر حاسوب BKG 9.8 على اللاعب لويجي فيلا Luigi Villa في لعبة الزهر backgammon عام 1979، لكن اعتُبِر نصر ديب بلو مبشرًا وميمونًا أكثر من سابقاته لأنه كان في لعبة الشطرنج.

يقول بوبي فشر Bobby Fischer، وهو عَلمٌ من أعلام قاعة مشاهير لعبة الشطرنج مثل كاسباروف: "تلزم ذاكرةٌ قويةٌ وتركيزٌ وخيالٌ وإرادةٌ قويةٌ لصناعة لاعب شطرنج جيد"، وهي خصائص متطوّرةٌ في الذكاء الإنساني. إن كان بإمكان الحاسوب هزم أفضل لاعب شطرنجٍ في العالم، فإن هذا لا يضع إشارة استفهام على ذكاء الإنسان فحسب، وإنما على استثنائية البشرية نفسها.

ماذا حصل بعد ديب بلو؟


يكتب ديفيد ج. ستالي David J. Staley ويقول بخصوص المباراة: "يمثّل الشطرنج مجالًا من المهارة البشرية البسيط كفايةً للنمذجة، الذي هو حتى الآن معقّدٌ كفايةً ليعكس مستوياتٍ عميقةً من الإدراك". حقّق نصر ديب بلو أول جائزةٍ للذكاء الاصطناعي لأنه هزم رجلًا يعتبره الكثير أفضل لاعبٍ في كلِّ العصور في لعبةٍ اعتُبِرت دائمًا من الألعاب التي تتطلب قمة الذكاء البشري منذ العصور القديمة.

يقدّم مونتي نيوبورن Monty Newborn، وهو أستاذٌ فخريٌ في كليّة علم الحاسوب في جامعة ماكجيل McGill، مماثلةً مناسبةً في كتابه "كاسباروف ضد ديب بلو: شطرنج الحاسوب يبلغ مرحلة النضج". حيث يقول: "جُرِب العديد من التقدّمات في عالم السيارات في البداية على نماذج السباق،ٍ ثم رُكبت في المركبات التجارية بعد التنقيح. يمكن أن يكون هذا هو النمط في حقل الحاسوب أيضًا. حيث تصبح التقنيات التي تستعملها الحواسيب للعب الشطرنج تستعمل آخر الاستنتاجات الحديثة المخصّصة في حلّ المشاكل المعقّدة".

يقول كامبل: "منذ وضع ديب بلو معيار1 لها، تطوّرت الآلات من حيث سرعة المعالجة والذاكرة.. إلخ"، مما حقق لهم الكثير من المكاسب. الإضافة لذلك، وامتلكت خوارزميات تعلُّم الآلة القدرة على الوصول لكميةٍ كبيرةٍ من المعلومات، أكبر بكثيرٍ من السابق.

وفي السنوات الأخيرة، كانت أكثر الانتصارات الملحوظة هي انتصار ألفا غو AlphaGo على أفضل خمسة لاعبين في الوقت نفسه، وهيمنة ليبراتوس Libratus على أفضل أربعة لاعبي بوكر في العالم. يقول دوغ كيم Dong Kim لموقع ويرد Wired، وهو أحد لاعبي بوكر الأربعة: "شعرت وكأني ألعب ضدّ شخصٍ غشّاش بمقدوره رؤية بطاقاتي. أنا لا أتهم الحاسوب بالغش، وإنما هدفي هو وصف كم كان الحاسوب ذكيًا في اللعبة".

قد تكون هذه التطورات انعكاساتٍ لتطور الذكاء الاصطناعي المتزايد ليصبح أكثر بشريةً، وذلك بما أن هذه الألعاب مماثلة لتعقيدات وحلول الحياة. لكن تنطبق نقطة كاسباروف، التي أشار لها عام 2010، على هذه الانتصارات، وتنصّ على أن "التكنولوجيا الحديثة ثقافة تحسين"، "تنتج تكنولوجيا صديقةً للمستهلك ذات هامش ربحٍ قسريٍ، وليس ذاك النوع من التكنولوجيا الذي يدفع كل العالم اقتصاديًا للأمام".

ربما تحدّي الذكاء الاصطناعي الحقيقيّ والنقلة النوعية القادمة هي هزيمة لعبة طوّرناها في الأيام الحديثة، مثل ستاركرافت 2 StarCraft II. يقول أوريول فينيالز Oriol Vinyals لموقع ذا فيرج The Verge، وهو باحثٌ في العقل الباطن وصاحب التصنيف الأوّل سابقًا في لعب لعبة ستاركرافت: "إن اللعبة معقدةٌ للغاية ومتعددة الأوجه لدرجة أن المهارة المطلوبة لعميلٍ ليتقدّم في البيئة ويلعب ستاركرافت بشكلٍ حَسَنٍ يمكن أن تنقل تطبيقها في مهماتٍ في العالم الحقيقي.

رغم أنه يمكنك اللعب ضد الذكاء الاصطناعي في لعبة ستاركرافت، فإنه من الممكن أن يُنمذج الذكاء الاصطناعي الذي يعمل عليه فينيالز حسب الطريقة التي يلعب بها البشر، مع استخدام نفس القواعد التي نستخدمها. يمكن للذكاء الاصطناعي لعب ألعاب فيديو بسيطة، لكن لا يستطيع لعب ألعابٍ معقّدةٍ مثل ستاركرافت لحدّ الآن. لا يعلم الباحثون متى سيُخلق ذكاءٌ اصطناعيٌّ لديه القدرة في أن يصبح أفضل لاعب في اللعبة، لكن حتمًا سيأتي ذاك اليوم. سيُعلّم هذه الذكاء ليتخذ القرارات كما البشر، لكن بمزيدٍ من الطبقات والتعقيدات، أكثر من أيّة لعبة لعبها أيّ ذكاءٍ اصطناعيٍّ قبل ذلك. ربما سيكون لديه القدرة على تعليم اللاعبين الاستراتيجية المناسبة لهزيمة لعبة زيرغ رَش Zerg rush.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات