دراسة جديدة تجد تفسيراً بديلاً محتملاً للطاقة المظلمة.

الطاقة المظلمة هي شكل غير معروف من أشكال الطاقة، التي نظن أنها تقود التوسع المُتسارِع للكون. تقترح دراسة جديدة للأستاذ إدوارد كيبروس (Edward Kipreos)، من جامعة جورجيا، أن التغييرات فى كيفية رؤية العلماء للتمدد الزمني Time dilation) -) وهو نظرية اقترحها (ألبرت اينشتاين) حول تباطؤ الزمن - يُمكن أن تزودنا بتفسير بديل للطاقة المظلمة.

في فيلم (Interstellar)، الذي عُرِض مؤخراً، يُسافر فريق من العلماء عبر ثقب دودي في الفضاء للوصول إلى كواكب ذات ظروف مناسبة لاستمرار الحياة كما كانت على الأرض، واحدة من تلك القضايا، التى كان على الفريق التعامل معها، هي (الإبطاء الزمني) أو (تمدد الزمن) حيث أن كل ساعة يتم قضائها لتجميع المعلومات على أياً من تلك الكواكب تُساوي سبع سنوات من الحياة على الأرض.

تُوضح نظرية النسبية العامة لأينشتاين أن علاقة تمدد الزمن بالجاذبية علاقة اتجاهية؛ بحيث أن الجسم في مجال جاذبية مرتفع، سيمر عليه الوقت بشكل أبطأ من جسم موجود فى مجال أقل جاذبية. في المقابل، تُوضح النسبية الخاصة العلاقةَ المتبادلة بين التمدد الزمني الخاص بجسمين متحركين، حيث يبدو الوقت في أي من الجسمين المتحركين وكأنه أبطأ بالنسبة للجسم الآخر.

تُغير الورقة البحثية الجديدة الأمر؛ فبدلاً من كون العلاقة متبادلة، تصبح علاقة تمدد الزمن بالحركة علاقة اتجاهية، وفقط الجسم المتحرك هو من يخضع للتمدد الزمني. نُشرت الدراسة، التي تحمل العنوان (أثر نظرية التزامن المطلق على علم الكون والتسارع الكوني)، في الثالث والعشرين من شهر ديسمبر/كانون أول في مجلة (PLOS ONE).

أصبح كيبروس،و هو عالم وراثة جزيئية يقوم مختبره بدراسة تنظيم دورة الخلية،أصبح مهتماً بعلم الكون والنظرية النسبية العامة لأينشتاين منذ سبع سنوات؛ فهو يقول أنه يُمكِن فهم هذه الظاهرة بسهولة بالنظر إلى كيفية عمل النظام العالمي لتحديد مواقع الأقمار الصناعية، حيث يضيف قائلا: " تتحرك الأقمار الصناعية، التي تتحرك في الأُطُر المرجعية للسقوط الحر، وبسرعة كافية بالنسبة للأرض؛ ولذلك يجب أن تقوم بضبط وقتها كونه يتم إبطاؤه على أساس سرعتها. إذا لم نقم بضبط الوقت، سيتأخر تحديد المواقع الذي تقوم به تلك الأقمار بمقدار كيلومترين كل يوم". 

هذا المثال البسيط، تأخُّر أجهزة تحديد المواقع في الوقت، والذي يُكتشف لاحقاً على الأرض عندما تُقاس المسافة بينهما، مبني على نظرية النسبية الخاصة وتحويلات (لورنتز)، حيث تُمثِل هذه النظرية خريطة علمية تصف كيفية الربط بين قياسات الفضاء والزمن، التي يقوم بها الراصدين.

يقول كيبروس: " تبدو النسبية العامة مُتبادلة، حيث أن الجسمين المُتحركين سيعانيان من نفس التمدد الزمني، ولكن يُمكن تفسير كل الأمثلة التي لدينا الآن على أنها تمدد زمني اتجاهي.

إذا نظرت إلى الأقمار الصناعية الملاحية، فالزمن عليها يصبح أبطأ، ولكن وفقاً للأقمار الصناعية، فالزمن لدينا لا يصبح بطيئاً -وهو ما كان سيحصل فيما لو كانت العلاقة تبادلية، على النقيض من ذلك، يُصبح الزمن لدينا أسرع بالنسبة للقمر الصناعي، ونحن نعرف ذلك بسبب الاتصال المستمر بالأقمار الصناعية". 

تصف نظرية بديلة وهي تحويلات لورنتز المطلقة (Absolute Lorentz Transformation) التمدد الزمني الاتجاهي، وقد وجد (كيبروس) أن هذه النظرية تتوافق مع الأدلة المتاحة، إذا ما كان (الإطار المرجعي الأنسب) بالنسبة لأي تمدد زمني اتجاهي حاصل مرتبطاً بمراكز الكتلة الثقالية.

بالقرب من الأرض، سيكون الإطار المرجعي الأنسب (الإطار المرجعي العطالي غير الدوار والمتمركز حول الأرض)، والذي يُستخدم حالياً لحساب التمدد الزمني للأقمار الصناعية الملاحية. 

يقول كيبروس: "هذا تطبيق دقيق لتحويلات لورنتز المطلقة على البيانات الكونية، ويمتلك آثار معتبرة على كلٍ من الكون ووجود الطاقة المظلمة؛ فكلما تضخم الكون، تتحرك الجسيمات الفلكية، مثل المجرات، بسرعة أكبر مبتعدة عن بعضها البعض في عملية تُسمى بـ (توسع هابل - Hubble Expansion). 

توضح تحويلات لورنتز المطلقة أن السرعات الزائدة تحفز التمدد الزمني الاتجاهي، ويُقترح تطبيق ذلك على السرعات المتزايدة والمترافقة مع توسع هابل في الكون الحالي، سيناريو يعاني فيه الحاضر من تمدد زمني بالنسبة للماضي؛ وبذلك يكون مرور الوقت أبطأ في الحاضر وأسرع في الماضي. 

تُستخدم السوبرنوفات (المُستعِرات الفائقة)، التي تنفجر بنفس الشدة، كـ (شموع عيارية) من أجل قياس المسافات الفلكية الموجودة على امتداد إضاءة كل منها؛ إذ تصطف السوبرنوفات القريبة نسبياً من الأرض في خريطة تابعة لكل من المسافة، تعتمد هذه الخريطة على الميل نحو الأحمر للضوء، والسطوع. 

في العامين 1998 و1999، بينت عملية الرصد أن السوبرنوفات التي تقع عند أبعاد كبيرة تظهر أكثر خفوتاً مقارنةً بالقيم التي نتوقعها بالاعتماد على معدل التوسع الكوني المُتسارِع، والذي اكُتشف مؤخراً.

يقول كيبروس: " يتم إرجاع التوسع المُتسارِع للكون دوماً إلى تأثيرات الطاقة المظلمة، لكن ليس هناك أي فهم لطبيعة الطاقة المظلمة، ولماذا ظهرت مؤخراً. التأثيرات المُتنبأ بها، والقادمة من فكرة أن الزمن كان أسرع في الماضي مما هو عليه في الحاضر، ستجعل من خرائط السوبرنوفات خطّية عند كل المسافات؛ مما سيُشير إلى عدم وجود تسارع في التوسع الكوني؛ وفي مثل هذا السيناريو، لن يكون هناك أي داعٍ لإقحام الطاقة المظلمة".

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات